مصدر مقيم في واشنطن : وزارة الدفاع الأمريكية أكملت استعداداتها لشن ضربة عسكرية واسعة تستهدف المليشيات في 4 محافظات هل يقلب ترامب الموازين على صقور تل أبيب .. نتنياهو بين الخوف من ترامب والاستبشار بقدومه تطورات مزعجة للحوثيين.. ماذا حدث في معسكراتهم بـ صنعاء ؟ دولة عربية تفرض الحجاب على جميع النساء اعتباراً من الأسبوع المقبل السعودية تعتزم إطلاق مشروع للذكاء الاصطناعي بدعم يصل إلى 100 مليار دولار سعيا لمنافسة دولة خليجية الفائزون في الدوري السعودي ضمن الجولة العاشرة من الدوري السعودي للمحترفين المركز الوطني للأرصاد والإنذار المبكر يكشف عن توقعات الأمطار والأجواء الباردة في اليمن مظاهرات في مارب وتعز تندد بجرائم الاحتلال الإسرائيلي وتدعو الضمير العالمي إلى وقفة شجاعة مع غزة تحركات يمنية لإنقاذ الاقتصاد الوطني وتكليف بوضع خطة التعافي إسقاط مسيرة أمريكية من طراز إم كيو-9 شمال اليمن
يعمل تيار الحوثيين "أنصار الله" على الجبهتين السياسية والعسكرية، فهم على الصعيد السياسي شركاء في مؤتمر الحوار الوطني، ويعلنون تمسكهم بمخرجات مؤتمر الحوار (رغم تحفظهم على بعضها) كما يشاركون في فعاليات سياسية أخرى مثل الرقابة على مخرجات الحوار، ولجنة إعداد الدستور، وغيرها، لكنهم يعدون أنفسهم على الصعيد العسكري ولن نحتاج إلى كثير جهد لإدراك القدرات العسكرية التي يتمتعون بها وهو ما يجعل بعض المحللين العسكريين يرى فيهم القوة العسكرية الأولى في اليمن التي لو امتلكت الطيران لعدت جيشا جاهزا بكل المعاني.
حكومة الوفاق التي أصابها الشلل منذ اليوم الأول لتشكيلها بسبب طبيعتها المنشطرة على نفسها قدمت خدمات كثيرة للحركة الحوثية، والحوثيون هم أفضل من يستغل الخدمات التي قدمتها لهم هذه الحكومة، وما أقصده هنا هو الفشل الذريع الذي أصاب أعمال الحكومة، على الأصعدة الأمنية والاقتصادية والخدمية والسياسية وعلى صعيد الإصلاح السياسي ومحاربة الفساد ووغير ذلك من مظاهر الفشل التي بسببها رفع الحوثيون شعار "إسقاط الحكومة"، وباعتبار المعاناة التي تسببها سياسات الحكومة يتجرعها كل الشعب اليمني فإن الحوثيين يبدون محقين عندما يتحدثون باسم الشعب كله، لكنهم في حقيقة الأمر ليسوا كل الشعب، فلا كل الشعب اليمني يؤمن بشعار الصرخة، ولا كل الشعب يدرك ما معنى "المسيرة القرآنية" ، التي يعلنون أنفسهم وزعيمهم زعيما لها، وبالتالي فهو لا يؤمنون بها، ولا كل الشعب يؤمن بأحقية البطنين في الحكم، ولا كل الشعب معني بسيرة الخميني واعتباره زعيما روحيا مقدسا، لكن الحوثيون وهم على حق في ما يفعلون، يستغلون المثالب الكثيرة لرفع رصيدهم السياسي واستقطاب المزيد من الأنصار متكئين على ميزتين رئيسيتين يتفوقون فيهما وهما: عدم مشاركتهم في الحكومة، وبالتالي تبرؤهم من كل سياساتها ونسب كل العيوب إليها حتى تلك الموروثة من زمن علي عبد الله صالح، ثم غياب اسم حركتهم من عمليات الفساد المالي والإدارية الذي تورطت فيه رموز محسوبة على معظم القوى السياسية اليمنية التي تتفق معهم أو تختلف معهم.
سيتضح خلال الأيام وربما الساعات القليلة القادمة ماذا يريد الحوثيون من الخيارين التاليين: أي هل إنهم فعلا يجدون أنفسهم بديلا جاهزا للحكم القائم وبالتالي إسقاط صنعاء والسيطرة على زمام الأمور وإعلان حكمهم للبلد بعد أن قدموا للسلطات عدة مهل لتغيير سياسة رفع الدعم عن المشتقات النفطية وإقالة الحكومة، أم إنهم يريدون تحسين وضعهم التفاوضي لتحقيق مراكز وزارية أكثر في التشكيلة الحكومية خصوصا وهم يكررون دائما الحديث عن حكومة تعبر عن كل الشركاء السياسيين.
شخصيا أرى إن تفكير الحوثيين بإسقاط العاصمة وتشكيل سلطتهم في اليمن (كل اليمن أو شماله فقط) سيعني بداية النهاية للحركة الحوثية، فهم لا يستطيعون حتى اتخاذ قرار سياسي يحدد ما يريدون، إن لديهم خبرة في القتال وربما في فرض الطوارئ وفي إدارة محافظة أو أكثر من محافظة، لكن إدارة محافظة شيء وإدارة بلد وتحمل السياسات الاقتصادية والمالية والأمنية والدفاعية وتأمين الحدود وصناعة الدبلوماسية شيء مختلف آخر، ويتطلب كفاءة قد لا تتوفر بسهولة، كما إن المنطلق المذهبي للحركة الحوثية لا يستجيب للمزاج الشعبي اليمني كله فليس كل المينيين معنيين بخلافات يزيد والحسين، وليس كل اليمنيين معنيين بعودة الحكم إلى البطنين بعد 13 قرنا، ناهيك عن بعض التصرفات الماضوية التي يبديها الحوثيون تجاه الثقافة والفن والدراما والمسرح والموقف من المرأة وغيرها من المظاهر التي تقدم الحركة الحوثية على إنها حركة سلفية أكثر من السلفيين أنفسهم.
وشخصيا أتمنى أن أرى الحوثيين ممثلين في الحكومة لأنني أؤمن بأنه من حقهم أن يشاركوا في الحكومة القادمة وبعدد أكثر ممن الوزارات فوجودهم على الأرض يستحق أن تكون حركتهم ممثلة في صناعة القرار ربما بمستوى يتجاوز مشاركتها في مؤتمر الحوار الوطني، خصوصا وإن البلد ما تزال تدار بالتوافق السياسي ولا يلوح في الأفق انتقالا قريبا إلى الشرعية الدستورية القائمة على انتخابات حرة، ويخطئ من يظن أنه بتشبثه بحصته في الحكومة يحقق مكسبا سياسيا أو إنه بخروج بعض ممثليه من هذه الحكومية سيخسر شيئا.
وإن غدا لناظره قريب