مجلس القضاء الأعلى بعدن يصدر قرارات عقابية بحق إثنين من القضاة مقتل امرأة في قعطبة بالضالع برصاص الحوثيين صحيفة أمريكية: هجوم ايراني قريب على اسرائيل سيكون اكثر عدوانية من السابق توقعات المركز الوطني للأرصاد والإنذار المبكر حول الأمطار ودرجات الحرارة في المحافظات الشمالية والجنوبية بسبب موقف ترامب وهاريس من غزة.. الناخب المسلم أمام خيارين ''كلاهما مُر'' ترامب أم هاربس؟ شارك في توقع من سيفوز برئاسة أميركا عاجل: بيان إشهار التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية في اليمن الانتخابات الأمريكية.. النتائج النهائية قد تستغرق أياماً للإعلان عنها وهذا ما يحتاجه المرشح من أصوات المجمع الإنتخابي ليصبح رئيساً جلسة لمجلس الأمن اليوم بشأن اليمن تناقش نظام العقوبات التي تنتهي منتصف هذا الشهر اسماء الأحزاب والمكونات السياسية في التكتل السياسي الجديد برئاسة بن دغر وموعد الإشهار
ربما لم يسطع نجم أحد من المسؤولين الأمريكيين في حرب غزة كما سطع نجم جون كيربي منسق السياسات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي فكثيرا ما كانت تصريحاته تسبق، أو ترافق، ما كان يدلي به وزير الخارجية أنتوني بلينكن أو مستشار الأمن القومي جاك سوليفان أو حتى الرئيس جو بايدن نفسه.
الرجل الذي يشغل هذا المنصب منذ مايو/ أيار 2022، ورقيّ مؤخرا إلى مستشار اتصالات الأمن القومي بالبيت الأبيض ومساعد للرئيس، خدم في الجيش الأمريكي لزهاء الثلاثين عاما قبل أن يتقاعد برتبة عميد في سلاح البحرية عام 2015 وسبق له أن تولى عددًا من المناصب الأخرى منها مساعد وزير الخارجية ومتحدث باسمها ومساعد وزير الدفاع ومتحدث باسمها، بزّ الجميع في تصريحاته المؤيدة لإسرائيل بلا حدود.
بعد عشرين يوما من حرب إسرائيل الهمجية على غزة قال إن واشنطن لا تحاول فرض أي قيود على إسرائيل في عملياتها العسكرية و«لا تضع لها خطوطا حمراء» مجددا التأكيد كالعادة على «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها» رغم استهدافها الواضح للمدنيين وخاصة النساء والأطفال.
الأسبوع الماضي فقط قال لتلفزيون «سي بي أس» بكل بساطة ودون أدنى تردد، أن بلاده لم تر حتى الآن أي دليل على أن الإسرائيليين انتهكوا القانون الإنساني الدولي، وذلك بعد أيام قليلة من ترديده لنفس الكلام خلال مؤتمر صحافي بالبيت الأبيض حين قال بكل ثقة «نشارك الفلسطينيين قلقهم إزاء بعض العمليات الإسرائيلية في غزة لكن كما قلت أمس لم نجد أن إسرائيل انتهكت القانون الإنساني»!!.
في بعض المناسبات تحوّل الرجل إلى شبه ناطق باسم الحكومة الإسرائيلية أو حتى جيشها ففي الخامس من هذا الشهر تطوّع بالقول إن «تقليل عدد الجنود الإسرائيليين في غزة يبدو وكأنه راحة وتجديد لبعض القوات وليس بالضرورة مؤشرا إلى عمليات جديدة قادمة». وفي اليوم نفسه نزّه التحقيق الذي أجرته إسرائيل في أعقاب قتلها لسبعة من عمال الإغاثة الدوليين من جمعية «المطبخ المركزي» من كل شائبة واصفا إياه بأنه «كان مستقلا وأجرته جهة غير تابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية وتقييمنا سيعتمد على دراستنا لنتائجه».
تصريحات أخرى على نفس المنوال قال فيها «سنواصل تزويد إسرائيل بما تحتاجه في مجال الدفاع عن النفس» متبرعا أحيانا بلعب دور الشريك الكامل للعدوان على غزة حين يقول إن «محادثاتنا مع الإسرائيليين كان لها تأثير فالإسرائيليون ذهبوا إلى شمال غزة بقوة أقل بكثير مما كان مخططا له في الأصل لأننا قدمنا لهم النصائح حول تجاربنا في أماكن مثل الموصل والفلوجة» وإن «إدارة بايدن حثت إسرائيل على الانتقال إلى هجمات أقل شدة ضد حماس مثل المزيد من الغارات المستهدفة والتي من شأنها حماية المدنيين بشكل أفضل»!!.
كيربي لم يكن مختلفا عن باقي «الجوقة» الأمريكية في الحديث عن غزة، لكنه كان أكثرها استفزازا، فالرجل الذي خنقته العبارات واعتذر حين كاد يبكي في مقابلته مع «سي أن أن» مشيرا إلى الضحايا الإسرائيليين في هجوم 7 أكتوبر بدا باردا جدا عند التطرق في مناسبة أخرى لآلاف الشهداء والجرحى الفلسطينيين وصورهم أشلاء متناثرة تجوب العالم كله «فهي الحرب» كما قال بكل بساطة، وهو نفسه أيضا الذي بدا مختلفا عما كان يخوض فيه عن أوكرانيا وما لحق بها بعد الهجوم الروسي وذلك عندما كان يخوض في كل تفصيل فيها بتأثر بالغ.
ولعلّ أفضل ما قيل عن كيربي هو ما كتبه الكاتب الفلسطيني أحمد رفيق عوض حين قال في مقال بعنوان «كيربي ملك الدراما» إن «جون كيربي بعضلات وجهه المرنة وسهلة الحركة والقادرة على تمثيل أي موقف مهما بلغ تعقيده ونظرة عينيه الثاقبتين وحركة شفاهه الرفيعة التي يضيف بها على كلماته معنى آخر، كل ذلك جعل منه نموذجاً حقيقياً وملموساً لموقف واشنطن على إطلاقه، فهي تستطيع أن تتخذ الموقف ونقيضه بنفس اللحظة، وهو يستطيع أن يكون نصيراً للإنسانية وحقوق الإنسان هنا وأن يكون عكس ذلك هناك، لديه قدرة بلاغة وقاموس كبير من المفردات يستطيع من خلاله أن يصوغ موقف بلاده السياسي والعسكري أو حتى الأخلاقي بطريقة خليطة ما بين السذاجة والخبث و الذكاء وتصنع الغباء وإنكار الواقع أو تخيله أو خلقه».
ويخلص الكاتب إلى القول إن «لغة هذا الرجل لغة تشبه سياسة بلاده وتاريخها أيضاً، فهي لغة الأطماع والعدوانية والشهوانية والاستعلاء في غلاف من ادعاء الأخلاقية والتنويرية والحداثة، لغة مضحكة عندما تدّعي الرفعة والأخلاقية والقانونية فيما هو تسويغ للاحتلال والاستحواذ والدفاع عن المصالح».
وكما قال ذات يوم الزعيم الراحل ياسر عرفات حين استشاط غضبا في مقابلة تلفزيونية بالغ فيها المذيع في محاولاته إيراد الرواية الإسرائيلية في كل نقطة يثيرها معه فقد التفت إليه متبرّما دون أن تغادره ابتسامة ساخرة واضحة قائلا «يا بخت الإسرائيليين بيك»!!.
كاتب وإعلامي تونسي