فرار عشرات الطلاب من أكاديمية حوثية للتعليم الطائفي في صنعاء .. سقوط بشار يربك محاضن المسيرة الطائفية عاجل: صدور قرار لرئيس مجلس القيادة وكيل أمانة العاصمة يدعو وسائل الإعلام لمواكبة معركة الحسم بروح وطنية موحدة شاهد الأهداف.. مباراة كبيرة لليمن رغم الخسارة من السعودية مصادر بريطانية تكشف كيف تهاوى مخطط تشكيل التوازنات الإقليمية بعد سقوط نظام الأسد وتبخر مشروع ثلاث دول سورية توجيه عاجل من مكتب الصحة بالعاصمة صنعاء برفع جاهزية المستشفيات وبنوك الدم وتجهيز سيارات الإسعاف ما حقيقة خصخصة قطاعات شركة بترومسيلة للاستكشاف النفطية في اليمن أبرز خطوة رسمية لتعزيز الوسطية والاعتدال في الخطاب الديني في اليمن وزير الأوقاف يفتتح أكاديمية الإرشاد مدير عام شرطة مأرب يطالب برفع الجاهزية الأمنية وحسن التعامل مع المواطنين أردوغان في تصريح ناري يحمل الموت والحرب يتوعد أكراد سوريا بدفنهم مع أسلحتهم إذا لم يسلموا السلاح
بين نعمان ومحسن قصة يجب أن تروى :
في بدايات صعود "صالح" إلى السلطة، نفذ الناصريون إنقلابًا عسكريًا أخمده "علي محسن" ، يومذاك كان الرئيس الجديد يستحم بنور الحديدة، كأنها لحظاته الأخيرة في وداع شمس الأصيل التهامي، من هناك كان مخطط له أن يقتل أو يستقل زورقًا يفر به إلى الحبشة التي كان على علاقة وثيقة برئيسها "مينغستو هيلا مريام" لكنه لم يفعل، فقد أبلغه علي محسن أن الإنقلاب فشل، وأن طريقه إلى صنعاء بات سالكًا
إطلع "صالح" من عاصمته الخائفة على تفاصيل الإنقلاب، ووقع على قرار بإعدام بعض الإنقلابيين، والعفو عن آخرين. أدرك أنه لن يمضي في طريق الإنتقام وقد شاهد كمًا هائلًا من الأسماء التي كانت تعمل لدى إدارة الرئيس الحمدي مشتركة في الإنقلاب، لكنه عقد العزم على تصفية التنظيم الناصري سياسيًا بتحالف وثيق مع التيار الإسلامي الذي خاض معه بنجاح غمار الحروب الأهلية في المناطق الوسطى
لا أدري أين كان "عبدالله نعمان" وقتذاك، غير أني مازلت أتذكر ملامح الصدمة التي تلبستني لمشاهدته يتحدث بأريحية مع المذيع "عبدالرحمن العابد" بالقرب من منطقة سحق الحوثيون فيها كتائب عسكرية بقيادة العقيد صادق مكرم ورفاقه بلا أدنى رحمه، قائلًا أن "الحوثيين إستجابوا لإرادة الجماهير" ، كان نعمان حينها أمينًا عامًا للتنظيم الناصري، مافتح شهية المذيع الحوثي ليسأله عن رأيه في سيده، فيجيب الرجل بابتسامة رضا مؤكدًا "أنه قائد فذ" ، متبرعًا بإضافة مفجعة "إن أنصار الله إجتازوا الخطوة الأولى لبناء الدولة المدنية" !
قبل أيام أظهر "نعمان" غضبه في مؤتمر صحافي من داخل مدينته تعز التي دمرها "المجتازون لبناء الدولة المدنية" كاشفًا عن أنه لم ينس دور "علي محسن" في إخماد إنقلابهم القديم، رغم أنه كان نجاحًا يحسب للفريق محسن، تحاشى نعمان ذكره في معرض إتهامه لنائب الرئيس الحالي بإمتلاك رصيد من الفشل العسكري، متحاشيًا نجاح المتهم في إدارة صراع ١٩٩٤، واقتلاع رأس حسين الحوثي في الحرب الأولى التي تلتها حروب أخرى لإفشاله بعد أن عزز بقضاءه على تمرد الحوثي نفوذه العسكري والسياسي، وهو ما كان يجب أن يستحقه الشاب الجديد "أحمد علي عبدالله صالح" المتطلع إلى خلافة أبيه، وإزاحة محسن من المشهد باعتباره الرجل الوحيد القادر على منعه من الوصول إلى هدفه .
في المؤتمر الصحفي لعبدالله نعمان، ظهر كمغرد في مجموعة تشرف عليها "نورا المطيري" ، رغم أنه تراجع عن رأيه السابق في "الحوثيين" ووصفهم بأصحاب المشروع العنصري السلالي.
كانت تلك بادرة جيدة، لكنها ناقصة لأنه لم يعتذر عن ما قاله في ٢٠١٤، يوم أغمض عينيه متمنيًا أن يقضي الحوثي على مراكز القوى !، في وقت كان اليمنيون يتطلعون لموقف جمهوري شجاع من زعماء التيارات السياسية حفاظًا على وجود الأمة ومستقبلها، إلا أن تصريحاتهم الفظيعة مسحت ملامح الجريمة عن يد الغدر الحوثي وأسكنتها في قلب الوطن، وكان ذلك الذي وصفه بـ "الفذ" يفتتح بشهيته العنصرية مذابحًا علنية ضد الإنسانية والتاريخ وكل شيء محترم .
لقد فشل "نعمان" كأمين لحزب عريق في فهم طبيعة الغارة الحوثية، سنقول أنه "عدم فهم" لأنه كان يعرف أن إسقاط صنعاء خيانة للجمهورية بذاتها، أدرك ذلك - كما يبدو - بعد أيام حين ظهر في التلفاز رافضًا التوقيع على الملحق الأمني لاتفاق السلم والشراكة الكارثي
* *
الآن .. لم يعد ممكنًا أن يبقى الفريق محسن في موقعه دون أن يشار إليه بأنه مسؤول الملف العسكري في شمال اليمن الذي تراجعت في إدارته القدرات العسكرية للجيش بما أودى إلى سقوط أجزاء من نهم والجوف، ساحبة معها أجزاءً من حياتنا وأحلامنا وأسئلة قاسية عن موانع التقدم إلى صنعاء كل هذه السنوات المملة
لن يفر "محسن" من تاريخه هذا، فقد عادت الخارطة إلى ما قبل ٢٠١٥، وكأن الذين استشهدوا كل هذا الوقت ذهبوا مع الريح كما سبقهم زملائهم في الحروب الـ 6، وعليه إستعادة كل شيء فر من بين أصابعه، هو الذي لا يجب أن يغادر تاركًا وراءه هذه الهزيمة الثقيلة مثل عار أبدي
أما أنا .. فلستُ معنيًا بـه لا يهمني إن بقي في السلطة أو غادرها، غير أني أعترض بشدة على النيل من رجال الحكومة بتسفيه يتنصل عن مبدأ المسؤولية الجماعية ، كما أدنت ما تضمنه قرار إقالة "بحاح وبن دغر" من ألفاظ جارحة لا يجب أن تصدر عن مؤسسة الرئاسة ومعيب أن يوافق الرئيس عليها مهما كانت الظروف والملابسات.
الرحيل المحترم لأي مسؤول في الحكومة، تقليد أخلاقي يجب أن يُصان، والإكثار من التسفيه إنما يعمق يأس الناس من الدولة الإعتبارية المفترضة وممن يمثلونها بكونهم يجب أن يكونوا محترمين قبل أي شيء
إنني أحث الفريق محسن سواء بقي في منصبه أو غادره أن يعيد النظر بمسؤولية كبرى في ما حدث، دون الركون إلى إذنه لإلتقاط ما يعزز رغبته الشخصية في تبرير هزيمة الجوف المفجعة، وتعقيداتها الخطرة، بل الوقوف بحزم، فإن لم يستطع، فورقة بيضاء ممهورة بتوقيعه وعلى صدرها عبارة واحدة بخط واضح "إستقالة" .
ذلك ما يفعله الرجال الذين يصلون إلى طريق مسدود .
..
.. وإلى لقاء يتجدد ،،