ماذا لو غاب الرئيس عن حكم مصر؟
بقلم/ علي عبدالعال
نشر منذ: 17 سنة و 3 أشهر و 14 يوماً
السبت 08 سبتمبر-أيلول 2007 09:54 م

ما الذي سيحدث في مصر بحال صدقت الإشاعات وغاب رئيس الجمهورية؟ سؤال توجهنا به إلى مجموعة متعددة المشارب من الساسة والمثقفين والعسكريين ومسئولي الأحزاب السياسية. 

اللواء طلعت مسلم ــ الخبير العسكري والمحلل الإستراتيجي ــ رأى : أن هناك الإجراءات التي يحددها الدستور في هذا الشأن. مستدركاً: لكن على أرض الواقع تكمن المشكلة في "البديل" الذي لابد أن يكون مستنداً إلى قوة.. وفي تصوري حالياً فإن القوة الموجودة هي "الحزب الوطني" الحاكم الذي لابد وأن يرشح واحداً عنه للمنصب، وهو هنا حتماً "جمال مبارك" نجل رئيس الجمهورية. وتابع اللواء مسلم : ولكن في حال طرأت ظروف أخرى فإن قيادة القوات المسلحة لابد وأن يكون لها دور، وربما تتولى هي حكماً عسكرياً في مصر.. لكن ما لذي قد يحصل بعد ذلك، هذا هو ما يصعب التنبؤ به.

وفي استفسارنا منه حول دور المخابرات ؟ رأى اللواء مسلم أن المخابرات العامة ليست قوة في مصر وليس لها يد على الجيش، أما المخابرات العسكرية فهي جزء من الجيش.

أما المستشار طارق البشري ــ الفقيه القانوني ونائب رئيس مجلس الدولة الأسبق ــ فقد رفض من جهته أن يدلو بدلوه حول هذه الجدلية، مكتفياً بالقول : "ليس لي رأي في هذه القضية".

ومن جهته، رأى الكاتب الناصري والدبلوماسي السابق السفير أمين يسري، أن رئيس مجلس ال شعب سيتولى رئاسة الجمهورية مؤقتاً لمدة 60 يوما ً، على أن يجري سيناريو كان قد أعد له مسبقا..ً وفي حيثياته أنه سيتم ترشيح "جمال مبارك" من قبل الحزب الوطني، في انتخابات شكلية، ينافسه عليها رؤساء ونواب رؤساء في بعض الأحزاب الموجودة.

إذ سيترشح لهذه الانتخابات المحسومة سلفاً سامح عاشور ــ القيادي الناصري ونقيب المحامين ــ عن الحزب العربي الناصري، ورفعت السعيد عن حزب التجمع، وعن حزب الجبهة الديمقراطية أسامة الغزالي حرب. وتابع السفير: في ظل غياب القضاء فإن التزوير سيكون المهيمن على هذه العملية الانتخابية.

وحول موقف القوات المسلحة، رأى أمين يسري أن الجيش في قبضة الرئيس الحالي، وأن القيادات العليا فيه كلها موالية للرئيس، وبالتالي قد تنصاع القوات المسلحة لقبول نجل رئيس الجمهورية في المنصب. وأنهى الدبلوماسي السابق حديثه بالقول : لكن "عودتنا مصر على مفاجآت دائماً لا تكون في الحسبان". 

وحول نفس القضية توجهنا إلى أحمد عبد الهادي ــ رئيس حزب شباب مصر ــ فنفى ما يردده "بعض السوداويين من أمثال إبراهيم عيس ــ رئيس تحرير صحيفة "الدستور" الذي يحاكم أمام نيابة أمن الدولة العليا على خلفية شائعة مرض الرئيس ــ الذين يزعمون أن مصر ستتحول إلى الفوضى في حالة غياب الريس"، وقال عبد الهادي : إن مصر لا يمكن أن تتحول إلى الفوضى لأنها تختلف عن جميع بلاد العالم، وخاصة في ظل الوعي العام الذي نلحظه حتى لدى رجل الشارع العادي.

واستدعت نيابة أمن الدولة العليا إبراهيم عيسى للتحقيق معه بعد أن نشرت الصحيفة تقريراً يتساءل كاتبه عن السبب في أن المصريين "لا يصدقون أن مبارك حي يرزق". وقال عيسى لوكالة "رويترز" هذا الأسبوع "لماذا نجعل من صحة الرئيس سراً حربياً". في حين يعلق صحفيون بأن التحقيق مع عيسى هو بداية حملة على الصحف المستقلة التي توجه انتقادات شديدة للحكومة ولرئيس الدولة وأسرته.

وتابع أحمد عبد الهادي ــ المعروف بولائه للنظام وقربه من جمال مبارك وأعضاء لجنة السياسات ــ أن هناك آليات دستورية سوف يتم تفعيلها بشكل عادي.. إذ سيتولى رئيس مجلس الشعب المنصب لحين انتخاب رئيس بشكل ديمقراطي نزيه، نافياً أي تلاعب من الممكن أن يطال هذه العملية كما يروج الذين تتملكهم العقلية التآمرية. وأضاف أن الحزب الوطني "القوة الوحيدة في مصر التي تملك الآليات" سوف يطرح مرشحه للمنصب وهو لا شك سيكون السيد جمال مبارك "القوة التي لا بديل لها حتى الآن في مصر"، كما أن الأحزاب الأخرى سوف تطرح مرشحيها، ولا شك أن من سيطرحه الحزب الوطني سيكون هو الأقوى والأجدر بحكم مصر.

وبسؤالنا عن موقفه من طرح اسم نجل رئيس الجمهورية للحكم، قال عبد الهادي : "إذ جاء جمال مبارك فسوف أييده بشكل مباشر"، وسوف "أبصم له بالعشرة" لأنني تقربت منه بشدة ومعجب بحالة الحراك السياسي التي أحدثها في البلاد.. جمال شاب واعي ونحن في حزب "شباب مصر" ندعو إلى منح الفرصة للشباب.

وحول دور الشارع المصري المتوقع في هذه القضية، توجهنا إلى محمد السخاوي ــ أمين تنظيم حزب العمل والمتحدث بلسانه ــ لكي نستطلع منه الرأي في القضية، فرأى أن الشارع المصري أو ما يعرف بالأغلبية الصامتة مشغولة "بلقمة العيش" وقضاياها الحياتية، وهي بعيدة تماماً عن هذا الجدل غير المعنية به.

ولم يتوقع السخاوي أي حراك من قبل هذه الشريحة العظمى في مصر، مع الهيمنة الكاملة لأجهزة الدولة ومؤسساتها، لأن القضية إنما فقط تهم النخب السياسية، وخاصة في ظل الطبيعة المسيرة للنظام السياسي الحالي وغياب أي آلية من الممكن أن تحرك هذه الجموع الغفيرة من الجماهير. 

وترددت في الأسابيع القليلة الماضية شائعات كذبتها الحكومة عن إصابة مبارك بمرض شديد، الأمر الذي أثار مزيداً من المخاوف بشأن ما قد يحدث عندما يترك الحكم. وتعتقد قوى المعارضة والمثقفون المصريون أن الرئيس مبارك يهيء نجله لمنصب الرئاسة. غير أن البعض يقولون إن مثل هذه الخلافة لا يمكن أن تحدث إلا ومبارك على قيد الحياة، لمنع نشوب الصراع على السلطة أو تدخل الجيش بشكل سلبي بالنسبة لجمال لأنه سيكون أول مدني يحكم البلاد منذ عام 1952.

ونفى جمال (43 عاما) ــ الذي عمل في السابق ببنك استثماري ويتولى حاليا منصب أمين السياسات بالحزب الوطني الحاكم ــ مراراً أن تكون لديه أي طموحات لتولي الرئاسة. وزاد من الغموض حالة عدم اليقين بخصوص موقف الجيش من الخلافة، ورفض مبارك تعيين نائب للرئيس، وهو المنصب الذي كان طريق الرئاسة في مصر خلال عمليتي الخلافة على مدى أكثر من 50 عاماً.

وينص الدستور على أنه في حالة وفاة الرئيس أو فقده القدرة على العمل، يتولى رئيس مجلس الشعب المسؤولية لحين إجراء انتخابات بين أكثر من مرشح. والانتخابات القادمة متوقعة بحلول عام 2011. إلا أن الدستور يفرض قيوداً صارمة على جماعة "الإخوان المسلمين" أقوى جماعات المعارضة في البلاد ويمنعها من طرح مرشح للمنصب.....

" محيط "