أطفال تعز يعبرون إلى المدارس على صراط الألغام
الموضوع: أخبار اليمن

 

منذ شهرين عادت الدراسة في مدرسة “الشيخ إبراهيم عقيل”، لكن المدرسة تحيط بها العشرات من الألغام مزروعة بشكل عشوائي، ما جعل الكثير من الأهالي يعزفون عن إرسال أطفالهم إلى المدرسة، التي تضم المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية.
لكن في النهاية استسلم الأهالي لإعادة فتح المدرسة المدمرة، فأغلب مدارس المدينة أغلقت أبوابها أمام أطفالهم، إذ أن منها ما يعاني ازدحاما شديدا، وأخرى يسكنها نازحون من الريف، جراء الحرب المستمرة منذ نحو ثلاث سنوات.
ويقول إبراهيم علي، والد الأطفال الثلاثة، “لم أجد مدرسة أخرى تستقبلهم، ولهذا اضطررت إلى إلحاقهم بمدرسة الشيخ إبراهيم عقيل، رغم المخاطر التي قد يتعرضون إليها”.
ويوضح أن “الطرق التي يمر منها الأطفال إلى المدرسة لا تزال مزروعة بالألغام، رغم أن الفرق الهندسية التابعة للقوات الحكومية، التي تسيطر على المدينة، أجرت مسحا في وقت سابق لنزعها”.
إصرار وحذر على طلب العلم في مناطق خطيرة

وتابع “أخاف عليهم فعلا من تعرضهم للألغام، فالكثير من أبناء الحي أُصيبوا بتلك الانفجارات، ولا أتمنى أن أشاهد أحدهم معاقا”.
بحذر يحاول قرابة 950 طالبا أن يسلكوا طريقا واحدا إلى المدرسة، فالخروج عن خط سيرهم قد يكلّفهم حياتهم، وهذا ما يحذرهم منه يوميا الآباء ومدير المدرسة عبدالغني الحيدري.
وكانت الميليشيات الحوثية قد حولت المدارس إلى مواقع عسكرية في كل المحافظات التي سيطرت عليها، إلى جانب استخدامها كمخازن للأسلحة والذخائر، ودمرت أكثر من 1700 مدرسة خلال الحرب وأجبرت الطلاب على القتال في صفوفها.
وكشفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” عن أنه تم إغلاق 3584 مدرسة بسبب المخاطر الأمنية أو لتحويلها إلى ثكنات عسكرية من قبل ميليشيا الحوثي وصالح، وتعرضت نحو 22 جامعة حكومية وأهلية لأضرار مباشرة وغير مباشرة، وحرمت الميليشيات أكثر من 2.5 مليون طالب يمني من التعليم.
ويقول الحيدري إن “المدرسة كانت مزروعة بشكل كثيف بالألغام إبان السيطرة عليها من قبل مسلحي جماعة أنصار الله (الحوثي) وحلفائهم من القوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح (1978-2012)”.
ويضيف “كانت المدرسة موقعا عسكريا، وكان يُمنع الاقتراب منها نظرا لكثافة الألغام المزروعة فيها، لكننا حاولنا مسح الطرق المؤدية إليها والساحة الرئيسية في المدرسة، ونعتقد في الأغلب أن الخطر قد زال رغم مخاوف الأهالي”.
ويشير إلى أن “أحد الألغام انفجر حينما كان الفريق الهندسي يعمل على مسح ساحة المدرسة، دون أن يسفر عن ضحايا”.

لكن رغم ذلك يقر بأن “الخطر لا يزال موجودا، فالفناء الخلفي للمدرسة يحوي العشرات من الألغام، لذلك أقام عدد من أهالي المنطقة جدارا صغيرا لتحذير الأطفال، لعله يفصلهم عن المناطق الخطرة”.

ويشدد مدير المدرسة على أن “الأطفال رغم ذلك لا يعون كثيرا معنى الألغام، ونخشى أن يتسلل أحدهم إلى هناك”.

ويوميا، يحرص الحيدري على مراقبة الأطفال، لا سيما في أوقات الاستراحة، ويقول “نسعى إلى استمرار التعليم في ظل هذه الظروف، ونخشى من أن تتسبب الألغام في سقوط ضحايا، وسيكون ذلك ذكرى مؤلمة للمدرسة وللأطفال”.

وحول عدم نزع الفرق الهندسية للألغام في المنطقة الخلفية من المدرسة، يقول إن “الفريق الهندسي لا يملك إمكانيات تمكنه من مواصلة عمله، خصوصا أن المنطقة تحوي أشجارا، كما أن الألغام زُرعت بشكل عشوائي.

ورغم المخاطر إلا أنه حتى اليوم لم يسجل أي حادث من انفجار لغم في المدرسة”.

ضحية نزاع الكبار

ويدعو مدير المدرسة الفرق الهندسية في القوات الحكومية، ومنظمة الصليب الأحمر، إلى العودة لنزع الألغام بشكل كامل، وإعادة إعمار المدرسة المدمرة بفعل الحرب التي شهدتها في النصف الأخير من 2015 والنصف الأول من 2016. وبينما لا يزال العالم يحتفل بيوم الطفل، الذي يوافق 20 نوفمبر سنويا، يشبّك يونس يوميا أصابع يديه في أصابع شقيقيه خلال عودتهم إلى المنزل بعد انتهاء اليوم الدراسي، ويسلكون ممرات ملتوية، لتفادي خطر الألغام، التي ربما قد يكون أحدها مزروعا في طريقهم.

ويناشد يونس، الذي يدرس في الصف الثاني من المرحلة الإعدادية، وأقرانه المنظمات الدولية مساعدتهم في التخلص من الألغام، ليحظوا بفرصة لممارسة أنشطتهم المدرسية بحرية دون مخاوف.

ويحرص الآلاف من الأطفال في مدينة تعز المحاصرة من قبل الحوثيين وقوات صالح، منذ أغسطس 2015، على أن يحظوا بفرصتهم لتلقي تعليمهم، وإن كان في ظل ظروف حرجة وبالغة القسوة.

وتتهم الحكومة اليمنية مسلحي الحوثي وصالح بزرع الآلاف من الألغام والمتفجرات في أحياء ومنازل بالمدينة.

تقول غادة كشاشي، رئيسة قسم حماية الطفل في مكتب يونيسف باليمن “مخاطر الألغام الأرضية موجودة في اليمن منذ سنوات، لكن المشكلة أصبحت جلية أكثر الآن وتحتاج إلى استجابات عاجلة”. وسجلت الحكومة مقتل 420 شخصا، وإصابة 430 آخرين؛ بسبب الألغام منذ اندلاع الحرب الأهلية مطلع عام 2015.

ولمعالجة هذا الوضع الخطير، اقترحت يونيسف وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومنظمة رعاية الأطفال خطة عمل “لإزالة الألغام في المناطق المتضررة”.

ومن بين الأنشطة المقترحة تنظيم حملات للتوعية الشاملة بمخاطر الألغام في المدارس ومخيمات النازحين والتجمعات والمجتمعات المحلية في المحافظات المتضررة من الصراع، إضافة إلى القيام بعمليات واسعة النطاق لإزالة الألغام.

مأرب برس _ العرب
الجمعة 24 نوفمبر-تشرين الثاني 2017

أتى هذا الخبر من مأرب برس | موقع الأخبار الأول :
https://marebpress.com

عنوان الرابط لهذا الخبر هو:
https://marebpress.com/news_details.php?sid=132384