الاثاث التركي يغزو العالم.. تركيا تجني ارباح مليارية من صناعة الأثاث أسطول الحرية ... يتراجع أمام العراقيل الإسرائيلية ويعلن تأجيل انطلاقه مباحثات عمانية - أميركية لإنهاء التوتر في البحر الأحمر و مناقشة خارطة السلام باليمن نتنياهو يضرب بعرض الحائط بقرارات محكمة الجنائيات الدولية إردوغان يغلي فجأة زيارته للبيت الأبيض بحضور أبناء الشيخ الزنداني. محافظة مأرب تقيم مجلس عزاء في فقيد الوطن والأمة العربية والإسلامية.. وسلطان العرادة وقيادة السلطة المحلية في مقدمة مقدمي العزاء حتى لا تقعون ضحية.. تحذير عاجل من وزارة الحج السعودية افتتاح أول مكتب لصندوق النقد الدولي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هنية ومشعل.. شاهد قيادات حركة حماس تحضر مجلس عزاء الشيخ عبدالمجيد الزنداني إعلان جديد للقيادة المركزية الأمريكية: صاروخ باليستي حوثي باتجاه خليج عدن وهذا ما حدث
«لسنا في حاجة للموسيقى، نريد مرتبات» هذا بعض ما قاله أحد المعلمين، معترضاً على ترتيبات «البيت اليمني للموسيقى»، مع إدارة إحدى مدارس صنعاء لإحياء حفلة موسيقية، دعماً نفسياً للطلاب في مواجهة ظروف الحرب.
وحتى بعد موافقة المدرسة ودخول الفرقة والبدء بالعزف، استمر الرفض بأشكال مختلفة. ففي إحدى الحفلات فوجئت الفرقة بأحد المعلمين يضع أصابعه في أذنيه بمجرد أن بدأت الفرقة الغناء، مُلقياً نظرات استغراب على طالباته لتفاعلهن وابتهاجهن بأداء الفرقة وأغانيها، لكن دهشته كانت أكبر عندما رأى طالبة، تتجاوز زميلاتها باتجاه المنصة لتقف بجانب أعضاء الفرقة وتأخذ (المايك) وتُغني… إنها ابنته! حينها لم يتمالك نفسه؛ فأنزل يديه عن أذنيه ذاهلاً، ومع تصاعد تفاعل الطالبات مع غناء (أسماء) كان صوت ابنته قد انساب بين جوانبه؛ فاخضرّت روحه؛ فإذا به يُشارك الجميع الغناء والحماس، وارتفع صوته موازياً صوت ابنته وهي تغني لليمن الأغنية ذائعة الصيت «حُبي لها رغم الظروف القاسية رغم المحن» ليجري، بمجرد انتهاء الأغنية، صوب المنصة مُحتضناً ابنته، مُصافحاً جميع أعضاء الفرقة، مُطالباً بتمديد وقت الحفلة؛ وهو الطلب الذي تقدمت به إدارة المدرسة، أيضاً، في ظل ما أشاعته الموسيقى من أجواء تغيرت معها المواقف والرؤي واستعادت المشاعر بعض عافيتها.
يقول مدير البيت اليمني للموسيقى الفنان فؤاد الشرجبي لـ«القدس العربي»: ليس هناك أفضل من الموسيقى ضمن وسائل الدعم النفسي للأطفال في ظروف الحرب، فالموسيقى تُعيد الاعتبار لقيمة الحياة في الذات، وبالتالي يتجدد تحت تأثيرها حُب السلام والحياة بقيمها الإنسانية، وهو ما ينعكس إيجاباً في مواجهة الآثار السلبية للضغوط النفسية الناتجة عن ظروف الحرب».
لم يكن من السهل إدخال فرقة موسيقية إلى مدرسة في صنعاء لتنظيم حفلة. كانت مهمة صعبة في ظل التفكير الديني المتزمت لدى البعض، ومع ما أفرزته الحرب الراهنة في البلاد من قصف للمدارس، وإيقاف صرف المرتبات وغيرها من الأسباب التي أدت إلى تعثر العملية التعليمية وضاعفت من الضغوط النفسية على الطلاب.
يوضح الفنان فؤاد الشرجبي، وهو مُؤلف ومُلحن وموزع موسيقي: منذ بداية آذار/ مارس نفذنا حفلات في خمس مدارس استهدفناها بالمشروع في أكثر المناطق تعرضاً لقصف طائرات التحالف، ومن ثم فوجئنا بأن بقية المدارس توجه لنا الدعوات لضمها إلى برنامج الدعم النفسي للطلاب، بعدما كنا نلاقي صعوبة كبيرة في تقبل الفكرة والسماح لنا بدخول المدرسة وإقامة حفلة، ولهذا سنواصل المشروع ونستهدف بقية المدارس في صنعاء، ضمن مبادرة (هيا نغني).
لمواجهة الآثار السلبية للضغوط النفسية لظروف الحرب لدى الأطفال والطلاب، يوضح الشرجبي: كان من الضروري أن يُبادر البيت بمشروع يُسهم من خلاله في مواجهة الحرب بالسلام من خلال الموسيقى، وكان لا بد أن يكون أول المستهدفين طلاب المدارس، بدءا من مناطق القصف الشديد في صنعاء، لما يتركه الخوف والصدمة من آثار نفسية سيئة على أبنائنا الطلاب.
أحيا الحفلات 14 فناناً وفنانة من المؤدين والعازفين من الجنسين (شبابا وأطفالا) في فرقة البيت، توزعوا بين مدارس البنين ومدارس البنات، وقدموا، وفق الشرجبي، أغاني وطنية مع الأغاني المحببة للأطفال لمدة كانت تمتد في كل مدرسة من طابور الصباح وحتى الحصة الثانية.
ويُعدّ «البيت اليمني للموسيقى» الذي تأسس عام 2006 المؤسسة الثقافية غير الحكومية الوحيدة في صنعاء التي تُعنى بالموسيقى اليمنية توثيقاً وتعليماً وتدريباً وتوعية، ونفذ خلال الفترة الماضية عدداً من المشاريع والأعمال، منها أنشطة تواصلت خلال الحرب كالدورات التعليمية الموسيقية. والمثير أن الإقبال على هذه الدورات، خلال الحرب، تجاوز ما كان عليه قبل الحرب. لقد فوجئنا أن الإقبال على تعلم الموسيقى في صنعاء خلال الحرب أكبر مما كان عليه قبل الحرب. ويشير الفنان الشرجبي إلى توقف أنشطة البيت في مجالي التوثيق والتوعية الموسيقية بسبب الحرب، مشيراً إلى أن البيت وثق من الموروث الغنائي الشعبي اليمني منذ إنشائه نحو 60 ألف تسجيل صوتي، تشمل أغاني وأناشيد وأهازيج وكل ما له علاقة بما يُغنى، ضمن قاعدة بيانات تشمل تفاصيل دقيقة تحفظ حقوق كل عمل، لافتاً إلى ما نفذه البيت من مشاريع في مجال التوعية الموسيقية، منها إعداد منهج الموسيقى لرياض الأطفال بموافقة وزارة التربية والتعليم قبل الحرب، وهو أول منهج موسيقي حديث للمدارس اليمنية، حسب قوله.
الموسيقى تقدم دعما نفسيا لطلاب مدارس صنعاء في مواجهة الحرب
معلم أقفل أذنيه قبل أن يشارك ابنته الغناء لليمن