تعيينات هادي هل خضعت للجغرافيا أم فرضتها الحالة السياسية "قراءة"

الأحد 02 أغسطس-آب 2015 الساعة 09 مساءً / مأرب برس-الحدث نت.
عدد القراءات 3868


رغم ما قد يبدو هيمنة للجنوبيين على المناصب الكبرى في الدولة اليمنية، حيث إن رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي، ورئيس الوزراء خالد بحاح، وعدد آخر من المسؤولين الكبار المعينين مؤخرا جنوبيين، إلا أن هذه التعيينات أملتها الظروف السياسية وليس الانتماءات المناطقية.

وتقوم قاعدة التعيينات الأخيرة، منذ ما بعد مؤتمر الحوار الوطني، على قاعدة المناصف بين الشماليين والجنوبيين في المناصب العليا للدولة.
 أما التعيينات التي تمت أمس للمستشارين الرئاسيين، والتي شملت جنوبيين اثنين وشمالي واحد، لم تفرضها الجغرافيا وإنما فرضتها الحالة السياسية.
 وهذه التعيينات كانت شملت المهندس حيدر العطاس والدكتور أحمد عبيد بن دغر وعبد العزيز جباري.

حيدر العطاس.. جنوبي مطالب بفك الارتباط

والمهندس حيدر العطاس، هو سياسي مخضرم وقائد جنوبي كان له حضور كبير في مرحلة توحيد شطري اليمن إذ كان يشغل منصب رئيس هيئة تابعة لرئاسة مجلس الشعب الأعلى في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية. وبعد الوحدة عُيّن رئيسا للحكومة. وفي حرب عام 1994، والتي عُرفت بـ"حرب الانفصال"، غادر العطاس مع بقية القادة الجنوبيين إلى الخارج بعد هزيمة جيشهم. وحوكم في العام 1997 ضمن قائمة 16 متهما بالخيانة، فحكم عليه غيابيا بالإعدام. وظل منذ ذلك التاريخ في الخارج معارضا لنظام الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح. كما أنه من أبرز المطالبين بفك الارتباط مع الشمال واستعادة دولة الجنوب المعروفة بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.

ويأتي تعيينه مستشارا للرئيس هادي في هذه الظروف بحكم تأثيره السياسي، وهذا التعيين جزء من عملية المصالحة الجنوبية-الجنوبية لما بعد أحداث 13 يناير العام 1986 والتي شهدتها عدن من خلال اقتتال جناحين في الحزب الاشتراكي اليمني الذي كان يحكم الجنوب آنذاك. وكان الرئيس هادي ضمن فريق الرئيس السابق علي ناصر محمد والذي هرب إلى الشمال حينذاك، في حين كان العطاس ضمن فريق الرئيس علي سالم البيض والذي بقي يحكم الجنوب حتى توحيد البلاد عام 1990.

ولا يزال العطاس ممن يطالبون بفك الارتباط مع الشمل، أو على الأقل إقامة دولة اتحادية من إقليمين شمالي وجنوبي.

أحمد عبيد بن دغر.. جنوبي موالي سابق لصالح

أما الدكتور أحمد عبيد بن دغر، الذي عُيّن مستشارا للرئيس هادي في قرار واحد مع العطاس، فهو الآخر كان من بين قادة الحزب الاشتراكي اليمني وينحدر هو والعطاس من محافظة حضرموت. حوكم ضمن قائمة القادة الجنوبيين الـ16 نفسها، بتهمة التخطيط للانفصال العام 1994 ولكن المحكمة برأته من هذه التهمة. عاد إلى صنعاء العام 2000 وتصالح مع المخلوع صالح وأنشق عن الحزب الاشتراكي اليمني فالتحق بصفوف حزب المخلوع صالح وتدرج في المناصب حتى شغل منصب نائب رئيس المؤتمر من العام 2011. وكان من أبرز مناصري المخلوع والمدافعين عنه خلال السنوات الماضية. وتصدى للدعوات الانفصالية في الجنوب حتى أثناء مؤتمر الحوار الوطني. ومع انطلاق عاصفة الحزم، كان بن دغر أول القادة الجنوبيين المنشقين عن صالح حيث هرب من صنعاء وأعلن تأييده لشرعية الرئيس هادي ورفضه لتحالف المخلوع مع المتمردين الحوثيين.

ويعد تعيين بن دغر مستشارا للرئيس هادي في هذه الظروف خطوة لاستقطاب المزيد من قادة حزب صالح ومحاصرته سياسيا.

عبد العزيز جباري.. شمالي وحيد في التعيينات الأخيرة

أما المستشار الثالث عبد العزيز جباري، وهو النائب البرلماني عن حزب المؤتمر الشعبي العام لعدة دورات في محافظة ذمار الشمالية، فيبدو أنه المستشار الوحيد ضمن التعيينات الأخيرة المنحدر من مناطق الشمال. غير أن دوائر رسمية يمنية ترى أن معيار التعيين ليس جغرافيا ولا مناطقيا ولا جهويا على الإطلاق، وإنما هو ضمن تعزيز الموقف السياسي للقيادة الشرعية لا سيما وأن النائب عبدالعزيز جباري أظهر معارضة شديدة للمخلوع صالح وللمتمردين الحوثيين وعبّر عن رفضه المطلق لتحالفهما وانقلابهم على الشرعية الدستورية، كما سبق هادي في الخروج من صنعاء. وشارك جباري في العام 2012 في تأسيس حزب العدالة والبناء وهو يشغل منصب الأمين العام في الحزب، الذي يُعد حزبا ليبراليا انسلخ معظم أعضائه عن حزب المخلوع صالح في وقت مبكر.

وعلى الرغم مما يشار إليه عن وجود غلبة للجنوبيين في المناصب العليا للدولة في المرحلة الراهنة، إلا أن التعيينات لا تزال تخضع في معظمها إما لعلاقات الرئيس هادي بالأشخاص الذين يعينهم ويتمسك بهم، أو لمقتضى الحالة السياسية، أو لبعض التوازنات المهمة في سبيل كسب المزيد من الولاءات، وهي في الأساس غير مبنية على معايير ثابتة أو معلنة.