سقوط عدن... عودة صالح

الخميس 26 مارس - آذار 2015 الساعة 08 صباحاً / مأرب برس - العربي الجديد
عدد القراءات 10643
 

كان متوقعاً سقوط مدينة عدن، بعد أن أعلنها الرئيس عبدربه منصور هادي عاصمة مؤقتة، خصوصاً بعد تحرك المعسكرات والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح وجماعة "أنصار الله" (الحوثيين) ضده، غير أن أحداً لم يكن يتوقع أن تسقط المدينة بهذه السرعة، في ظلّ سقوط معسكر قوات الأمن الخاصة في عدن بيد أنصار هادي، الذي يبدو أن صفحته قد طويت، وأصبحت البلاد أمام معطيات جديدة.

ووفقاً للمعلومات والمعطيات الميدانية، فإن عدداً من الأسباب أدت إلى الحسم السريع المفاجئ، أبرزها تفكك قوات هادي المكوّنة من وحدات عسكرية معدودة ومجموعات من مسلحين غير نظاميين، تحت مسمى "اللجان الشعبية"، وكذلك تعويله على التدخل الخارجي، فضلاً عن دقة الخطة التي اعتمدتها القوات الموالية لصالح والحوثيين، بالتقدم من تعز نحو لحج، حيث تقع قاعدة "العند"، بالتنسيق مع بعض الألوية والمواقع العسكرية في الطريق نحو عدن.

وأياً كانت التفاصيل، فإن واقعاً جديداً فرضته التطورات الميدانية، على أكثر من صعيد، وفي مقدمته، الحوار السياسي، الذي كان من المفترض نقله في وقت سابقٍ إلى العاصمة السعودية الرياض، كما تحدثت مصادر مقرّبة عن المبعوث الأممي جمال بنعمر، عن أن العاصمة القطرية الدوحة، ستكون مقراً للحوار.

غير أن التطورات الجديدة، والتي ما تزال احتمالاتها مفتوحة في الساعات والأيام المقبلة، تفرض خارطة جديدة، تتجه أنظار اليمنيين فيها إلى مصير طرفي التحالف المنتصر، وهما صالح والحوثيون، اللذان حسما أمر هادي عسكرياً، وباتا أبرز لاعبَين على الساحة. الأمر الذي يجعل من العملية السياسية وتطورات المرحلة المقبلة تعتمد أساساً على ما سيقوم به هذا التحالف.

وكان مصدر في حزب "المؤتمر الشعبي"، رفض الكشف عن اسمه، قد كشف في وقتٍ سابق لـ"العربي الجديد"، أن "الحزب الذي يرأسه صالح، قرر مواجهة هادي بغطاء حوثي، قبل إبداء أي موقف تجاه الحوار الذي كان هادي قد دعا إلى عقده في الرياض، ومن ثم سيبدأ الحوار بعد طي صفحة هادي".

وكان الحوثيون يترددون بالتوجه نحو الجنوب، غير أن صالح أقنعهم بأن "هادي والموالين له في عدن باتوا مصدر دعم لتنظيم القاعدة وسبباً في الحصار والمقاطعة الدولية لصنعاء، لتبدأ قوات من الأمن والجيش بالتحرك بمساندة مجاميع من اللجان الشعبية الحوثية، وبغطاء حوثي".

على الصعيد المحلي، يُمكن تداول العديد من السيناريوهات، إذ لا يعني سقوط المدن أن الاستقرار تمّ، فمن الممكن أن تكون القوات الموالية لصالح والحوثيين عرضة لهجمات مسلحين مناوئين، خصوصاً مع أعمال النهب التي تعرضت لها العديد من المواقع العسكرية والمقرات الأمنية، كما أن ما جرى في عدن، يضع الوضع في مأرب والمحافظات التي لا تزال خارج سيطرة الحوثي، أمام تهديد أكبر.

في صنعاء، وحسب معطيات ومصادر مطلعة، فقد باتت قيادة الجيش عملياً في يد صالح، والعسكريين الموالين له، ولا يستبعد أن تتعمّق الأزمة بين شريكي المعركة الأخيرة. وكان الخلاف بينهما قد بدأ بعد استقالة هادي ووضعه تحت الإقامة الجبرية، غير أن مغادرته، جمعت الطرفين من جديد وأدت إلى زحفهما إلى عدن.

وبينما كان هادي قد طلب تدخلاً عسكرياً من مجلس الأمن ومن مجلس التعاون الخليجي، يبدو أن الموازين على الأرض، لم تتح أي فرصة لمثل هذا الأمر، إذ أن أغلب القوات التي تقدمت تجاه مقر هادي، هي قوات نظامية من الجيش اليمني، وهي تشكيلات، كان يواجه بعضها الحوثيين سابقاً، غير أن هادي فقد السيطرة عليها، وعاد ولاء أغلب قادتها للرئيس السابق.

ويبدو أن التردد الخليجي في التدخل العسكري، يعود لعدم سيطرة هادي على أغلب وحدات الجيش، ما يجعل من التدخل الخليجي تدخلاً ضد الجيش، وليس ضد الحوثيين. وفي هذا الصدد، أعلنت "الهيئة الوطنية للحفاظ على القوات المسلحة والأمن"، التي تضم ضباطاً وقادة عسكريين أغلبهم موالٍ للرئيس السابق، رفضها القاطع لأي تدخل خارجي، وأنها على استعداد للتصدي لأي تدخل.

ويبدو واضحاً من خلال التطورات المتسارعة، وتفكك جبهة هادي في عدن، أن صالح أثبت نفسه مرة أخرى أمام الخليج، فإما أن تدعمه لاستعادة السلطة مقابل التخلي عن الحوثيين، أو تواصل التعامل معه والحوثي في زاوية واحدة، ما من شأنه أن يسهم بتكوين نظام جديد متحالف مع طهران.

صالح ومن خلال أغلب وحدات الجيش والأمن التي استعاد ولاءها له، أصبح اللاعب الأول مع دخول عدن، وإلى جانبه حليفه الحوثي كلاعب قوي وواجهة للانقلاب، متمتعاً بحليف إقليمي ممثلاً بإيران. ويبدو أن انفراط عقد التحالف بعد هذه الانتصارات لن يكون على وجه السرعة، غير أن الموقف الذي سيتخذه صالح نحو الخليج، والرياض تحديداً، قد يغير المعطيات. 

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن