طبيبة تعمل في اليمن لتعيل ابنتيها في روسيا

الجمعة 06 أكتوبر-تشرين الأول 2006 الساعة 05 مساءً / مأرب برس / الحياة
عدد القراءات 3141

  قادتني المصادفة الى مستشفى الثورة في صنعاء، حيث يعمل زملاء دراستي وامتدح ظروف العمل وشجعني على المجيء. ولدي في روسيا ابنتان انفق على دراستهما. ومع انني خلال السنوات الثلاث الاخيرة قبل عملي في اليمن، كنت اعمل في شركة خاصة واحصل على 300 دولار شهرياً، وهو دخل جيد جداً في مدينتي، لكنه لا يكفي تلبية حاجات عائلتنا، خصوصاً ان دراسة البنتين باهظة التكاليف، فالكبرى تنهي هذا العام دراستها الجامعية والصغرى ما زالت في الصف الثاني منها، وهذا كان العامل الأساسي وراء موافقتي على الهجرة.

في البداية، كاد القلق يقتلني وكنت اصرف القسم الأكبر من دخلي على المكالمات الهاتفية شبه اليومية. لكن الوضع، الآن، بات افضل لأننا اعتدنا حياتنا الجديدة، وأطمئن مرة واحدة أسبوعياً على البنتين وأوجّههما.

الشهور الثلاثة الأولى شكّلت المرحلة الأهم والأصعب. وواجهتني صعوبة في التأقلم والتكيّف مع الحياة، في ظل ظروف ثقافة وديانة ولغة مختلفة. فأنا لا اعرف العربية وتحصيلي من الانكليزية لا يزيد على ما تعلمناه في سنوات الدراسة، وأسوأ ما في الأمر انك لا تجد احداً في البداية يشاركك الهموم، والانخراط في صداقات، بسنّي وفي الغربة، تبدو عملية قاسية ومتعبة.

ولحسن حظي، اعمل في مستشفى مع عدد كبير من الأطباء والممرضات الروسيات، وقد ساعدني هذا الامر كثيراً على تجاوز المرحلة القاسية.

عندنا نحو ثلاثين طبيباً وطبيبة، من بين النساء ثلاثة متزوجات ويعملن مع ازواجهن، وسبع عازبات. ومن الطبيعي ان يكون عدد المتزوجات العاملات وحدهن هنا قليل جداً، فالغلبة هنا تتشكل من أرامل أو مطلقات، على رغم أني تعرفت على اكثر من امرأة تركت زوجها مع الاطفال. ومن حسن الحظ ان الطبيبات يحصلن على امتياز اصطحاب ازواجهن واطفالهن الى بلد العمل بعكس الممرضات اللواتي لا يتيح لهن عقد العمل ذلك، ما يزيد من الصعوبات بالنسبة الى عائلاتهن.

بعد عام واحد تنتهي مدة عقد العمل. وأفكر بتمديده إذا استطعت، او بالذهاب الى دولة عربية اخرى. المهم انني بدأت اشعر بالارتياح واعتزم مواصلة العمل لجمع مبلغ من المال يكون سنداً للمستقبل. وهذه فرصة جيدة لمشاهدة عالم مختلف، فلقد عشت في روسيا قبل ذلك زهاء خمسين سنة ولم اذهب الى اي مكان ولم أشاهد شيئاً آخر غير مدينتي، إنها فرصة عظيمة.