آخر الاخبار

ذمار: حياة عامرة بالجمال.. مفعمة بالروحانية

الأحد 05 سبتمبر-أيلول 2010 الساعة 02 مساءً / ذمار- مأرب برس- محمد الواشعي:
عدد القراءات 8038

ما ان يهل الشهر الكريم الا ويتغير نمط الحياة بكل تفاصيلها في مدينة ذمار، يكون الليل نشاط لا يهدأ، فيما يخيم الهدوء في ساعات النهار الاولى.

في الليل تتعالى اصوات المآذن صادحة بذكر الله.. صلاة .. تسبيح .. ادعية.. آيات قرآنية تزيح ظلمة الليل بتلاواتها العطرة التي لا تغيب خلالها حشرجات الحناجر، يصعب على العيون حبس دموعها والايات الكريمة ترتل.

تظل سماء المدينة كخلية نحل عامرة بذكر الله حتى ساعات متأخرة من الليل، في مشهد مفعم بالروحانية، يدعوك للتأمل الى خصوصية ليالي رمضان، وساعاتها الممتعة التي طالما نشتاق إليها كثيرا .

حتى المساجد التي اشتكت من قله المصلين فيها، اليوم تشهد تزايدا غير عادي، صوره لا تشاهد الا في شهر رمضان المبارك.

أوقات صعبة على النسيان

بعد أداء صلاة التراويح تتعدد طرق قضاء الليلة الرمضانية في ذمار، تتمثل في الزيارات واللقاءات وتبادل الدعوات حول موائد رمضان ، واستدعاء الارحام ، وقيام الجيران بتبادل الزيارات مع بعضهم ، ويستمتعون بقضاء اوقات ممتعة تتخللها الاحاديث المتداخلة واسترجاع ذكريات الماضي، ما يجعل تلك الجلسات صعبة على النسيان، وتساهم في زياده التلاحم بين افراد المجتمع واسرهم ، فتظل فرصة لتوطيد العلاقات الاجتماعية.

وفيما تستمر تلك االجلسات الرمضانية يقضي البعض لياليهم في جلسات القات مع الاصدقاء, ويتجه آخرون وخصوصا الشباب لممارسه العابا شعبية لا يمكن ان نراها الا في رمضان مثل "الضمنة" ، وعند تجولك في الشوارع والاحياء والحارات في مدينة ذمار تشاهد تجمعات شبابية على شكل حلقات على الارصفة يقضون جزءا طويلا من الليل في ممارسه تلك الالعاب.

في ذات الوقت هناك شريحة كبيرة يتفرغون لقراءة القرآن الكريم والاعتكاف في المساجد، خاصة مع دخول العشر الأواخر من رمضان، حيث يلازمون المساجد ولا يفارقوها حتى نهاية الشهر الكريم، ويقومون بنقل فرشهم الى المساجد للاعتكاف فيها، وترسل اسرهم وجبات الافطار والسحور اليهم ، مستغلين هذه الايام المباركة للتقرب الى الله؛ باعتبارها فرصة لا تعوض قد لا يعودها كثيرا من الناس العام القادم.

نهار يجيد الصمت

مع بدء النهار تنعم مدينة ذمار بهدوء نسبي في الساعات الأولى منه، معظم المحلات مغلقة, وتكاد الشوارع تكون خالية، غير عدد محدود من الناس وبعض السيارات القادمة من ارياف ذمار، ولكن سرعان ما يتبدد هذا الهدوء، حيث لا تبدأ الحياة الا مع وقت الظهيرة، تتزايد الحركة، وتنشط بعدها الازدحامات في الاسواق والشوارع، عندها لا يبقى للهدوء مكان.

استمتاع بالهواء العليل

وبعد ان من الله بالأمطار على مدينة ذمار طوال ايام الشهر الكريم، صار النهار لا يحتاج الا مزيد من الوصف، فقد أضفت الأجواء الممطرة نقاء وصفاء على سماء المدينة كنقاء قلوب ساكنيها، وزينتها بجمال شاعري بعد ان اكتست الطبيعة بالخضرة والمناظر الخلابة.. ما جعلت الناس تستهويها وتقوم بالتطواف في اطراف المدينة والاستمتاع بنسمات الهواء العليل، والتي تكون اشبه باجواء الريف، ما يترك انطباعات لا تنسى عن سحر الطبيعة ومتعة التجوال، بعيدا عن صخب المدينة وضجيجها.

إنها عادة متأصلة لدى معظم الذماريين في كل رمضان، حيث يستمتعون بقضاء نهارهم في ممارسة المشي لمسافات طويلة الى أماكن مختلفة من الجبال والوديان المحيطة بالمدينة، منها جبل هران وحديقته شمالا، او الى الجهة الجنوبية من المدينة الى قرية ذمار القرن، او الى وادي المله شرقا، وغيرها من المزارات، وعادة ما يبدءون في ممارسة هذا النشاط من بعد أداء صلاة العصر وحتى اقتراب موعد أذان المغرب.

وجبات الإفطار.. العصيد في الصدارة

ومن العادات الرمضانية التي يمتاز بها ابناء محافظة ذمار بمختلف شرائحهم اقامة وجبات الافطار في منازلهم والتي يدعون اليها اصدقاءهم واقاربهم وجيرانهم ومن المساكين واخرين كثر حتى ممن لا يعرفونهم، في حب للبذل والعطاء وعملا بقول رسول الله: "من فطر صائما كان له مثل أجره".

وعادة أهل مدينة ذمار وكغيرها من المحافظات اليمنية عند الإفطار أن يتناولوا التمر والقهوة و"السنبوسة" وهي عبارة عن رقائق عجين محشوة باللحم المفروم، وبعد وقت قصير من انتهاء أذان المغرب يرفع المؤذن صوته بالإقامة، فيترك الجميع طعامهم ويبادرون إلى الصلاة.

بعد الانتهاء من صلاة المغرب ينطلق الجميع لتناول وجبة العشاء التي يتصدرها الشفوت ثم الشربه، وتتبعهما بنت الصحن او السبايا، ثم العصيد التي لا ينازعها في هذه الصدارة طعام آخر، كما يتخللها بعض المقبلات والسلطات والخضار واللحوم والأرز، وبجوار تلك الأطعمة يتناول الناس الحلويات مثل الرواني، المحلبية، كريم كراميل ويكون شراب القديد وعصير الفيمتو على قائمة المشروبات في المائدة الذمارية.

ونحن نودع شهر رمضان المبارك الذي استطاع ان يخرج حياتنا من روتين ممل، فكل يوم في الشهر الفضيل جديد ومختلف بكل تفاصيله، إذ تشيع اجواء من الرحمة والمودة والتسامح بين الجميع، ولا تكون الا في هذا الشهر.

نودع رمضان وفي القلب غصة، وفي العين دمعة وفي النفس رجاء بأن نكون من عواده.

إقراء أيضاً
اكثر خبر قراءة ثقافة