دراسة أمريكية تبشر بانهيار الحوثيين وعودتهم إلى صعدة بعد مقتل «صالح»

الأربعاء 10 يناير-كانون الثاني 2018 الساعة 06 مساءً / مأرب برس ـ ترجمات
عدد القراءات 7064

قالت دراسة تحليلية صادرة عن مؤسسة جيمس تاون الأمريكية للدراسات ان جماعة الحوثي هي اكثر من سيتضرر من مقتل الرئيس السابق علي عبد الله صالح.

نص الدراسة:

تم اغتيال الرئيس اليمني والرجل القوي «علي عبد الله صالح» في 4 ديسمبر/كانون الأول. وكانت أخبار مقتل «صالح» على أيدي المقاتلين الحوثيين صادمة وغير متوقعة. وكان «صالح» - الذي أصبح رئيسا لليمن الشمالي عام 1978 ثم رئيس اليمن الموحد عام 1990 - حريصا دائما على أن يكون متقدما على الأقل بخطوة أمام أعدائه، فبعد تنازله عن السلطة على مضض في فبراير/شباط عام 2012، كان «صالح» - البالغ من العمر 65 عاما - مصمما على استعادة مكانه في السلطة، بغض النظر عن التكلفة. وفي نهاية المطاف، كلفه هذا القرار حياته، ومن المرجح أن يكلف ذلك حياة آلاف آخرين من اليمنيين.

ويتميز تراث «صالح» بالعنف والفساد. ومع ذلك، كان «صالح» في العديد من النواحي مصدرا للاستقرار النسبي في اليمن على الأقل في السنوات التي سبقت 11 سبتمبر/أيلول. فبالنسبة لجزء كبير من عهده كرئيس لليمن الشمالي ثم لليمن الموحد عام 1990، فهم «صالح» حدود سلطته. لقد كان يعلم أن هناك - وخاصة في شمال اليمن - خطوط واضحة جدا لا يمكن عبورها إذا أراد البقاء في السلطة؛ حيث احترم «صالح» سلطة القبائل اليمنية - على الأقل في الشمال - وعمل بجهد على مر السنين على إرضاء النخب القبلية التي يحتاج إليها للبقاء في السلطة.

ولقد كانت قدرة «صالح» على بناء التحالفات - التي اعترف بها وعززت سلطته - بمثابة دافع للاستقرار. وفي حين لم يتمتع «صالح» مرة أخرى بدرجة التأثير التي كان يمتلكها قبل الانتفاضة الشعبية ضده عام 2011، ظل «صالح» من المشاركين الرئيسيين في الساحة السياسية في اليمن، التي غالبا ما كانت دموية ومعقدة.

وسوف يؤدي مقتل «صالح» إلى عملية إعادة تشكيل كبيرة للتحالفات السياسية في شمال غرب اليمن، وسوف يزيد من تقوية الانقسامات بين المتمردين الحوثيين والجنوبيين وما تبقى من النظام القديم. ويعد اغتيال «صالح» انتصارا عابرا للحوثيين. كما يحد مقتله من خيارات الحوثيين ويعطي التحالف بقيادة السعودية والإمارات غطاء سياسيا إضافيا لتكثيف هجماتهما على شمال غرب اليمن. ومع مقتل «علي عبد الله صالح»، فإن مستقبل اليمن - وخاصة اليمن الموحد - يبقى موضع شك. وما هو مؤكد هو أن الحرب هناك ستصبح أكثر فتكا خلال الأشهر القادمة، وخاصة بالنسبة للمدنيين الذين يعانون منذ وقت طويل في اليمن.

إرث مضطرب

عندما جاء «صالح» إلى السلطة عام 1978، راهن ضباط المخابرات المركزية الأمريكية على أنه لن يبقى ستة أشهر. لكن «صالح» شغل منصب رئيس الجمهورية العربية اليمنية شمال اليمن ثم اليمن الموحد لمدة 34 عاما. وقد ولد «صالح» في عائلة فقيرة كانت جزءا مما كان في ذلك الحين قبيلة سنحان الضعيفة، وكان هناك القليل مما يوحي بأن «صالح» سيصبح واحدا من أهم الشخصيات في تاريخ اليمن الحديث. وقضى «صالح» أعوامه الأولى في الجيش كمجند، ثم كضابط، ثم ترقى إلى رتبة عقيد، قبل أن يتجه إلى السياسة. وبعد اغتيال الرئيس «أحمد بن حسين الغشمي» في يونيو/حزيران عام 1978، قام «صالح» بمناورة ذكية في طريقه إلى الرئاسة.

ومثلما فعلت وكالة المخابرات المركزية، قللت النخب اليمنية من قدراته. وفهم «صالح» أنه يمكنه الاعتماد فقط على نفسه وزمرة صغيرة من الحلفاء الموثوق بهم، حيث كان يخطط لهذا منذ انضمامه للجيش. وخلافا للرؤساء الذين سبقوه، لم يستطع الاعتماد على قاعدة كبيرة من الدعم القبلي، ولم يمكنه الاعتماد على صلاته مع النخبة اليمنية. وعلم «صالح» في وقت مبكر كيفية بناء التحالفات التي من شأنها أن تقف أمام اختبار السياسة اليمنية. واعتمد «صالح» على أمرين لتدعيم هذه التحالفات، أولا، حافظ على كلمته (على الأقل في أعوامه الأولى كضابط للجيش)، ومن خلال المناصب الحكومية، وعقود الأعمال المربحة، والمدفوعات النقدية التي وعد بها أولئك الذين أيدوه وخاصة أولئك الذين دعموه خلال أعوامه الأولى كرئيس. ثانيا، كان لا يتسامح مع أولئك الذين حاولوا تجاوزه. وعلى الرغم من هذا، فقد كان يعلم الحد الذي يمكنه استخدامه من القسوة؛ فالقبائل اليمنية - على الأقل في الشمال - والسكان اليمنيون المسلحون جيدا لن يسمحوا بنوع العنف الذي يستخدمه رؤساء الدول الأخرى في الشرق الأوسط.

وبدلا من ذلك، اعتمد «صالح» في المقام الأول على الكسب غير المشروع والرشاوى للحفاظ على سلطته. وكان استخدامه للعنف قبل 11 سبتمبر/أيلول انتقائيا. واعتمد «صالح»، في معظم فترات رئاسته، تكتيك القوة الجوية. وتم استخدام هذا التكتيك لأول مرة من قبل البريطانيين الذين سيطروا على عدن والمحميات المحيطة بها (جنوب اليمن)، حتى استقلالها عام 1967، لممارسة سيطرة محدودة على الأقل على القبائل المضطربة في المحميات. حيث كانت القوات الجوية البريطانية تقصف مساكن قبيلة أو قسما من قبيلة من أجل إقناع القبيلة بالكف عن السلوك الذي يرفضه البريطانيون. وفي معظم الحالات، يصدر البريطانيون تحذيرات إلى المجموعة المستهدفة، التي تشير إلى أنها ستتعرض للهجوم في تاريخ ووقت محددين. وكانت الإصابات، إذا وقعت تكون محدودة، على الرغم من أن هذا تغير بشكل كبير بعد عام 1960، عندما أطلقت القوات البريطانية عمليات قاتلة في محاولة منع الاستقلال.

لقد كانت القوة الجوية حاسمة بالنسبة إلى «صالح» في معظم فترات رئاسته. وقد استخدم تكتيكات القوة الجوية في معاقبة القبائل في المحافظات المضطربة مثل الجوف ومأرب، وعلى مدى العقود الثلاثة الأولى من حكمه، عمل «صالح» من خلال استخدام العنف والرشاوى على الأقل في الشمال. وفي الجنوب، بعد الحرب الأهلية عام 1994، والتي حاول الجنوبيون فيها إعادة تأكيد استقلالهم من خلال انفصالهم عن اليمن الموحد حديثا، اعتمد «صالح» بشكل أكبر على العنف. وكان ذلك بسبب أن قبائل اليمن الجنوبية كانت ضعيفة نسبيا وسيئة التسلح، بسبب سياسات جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.

وبعد ظهور «الحرب على الإرهاب» بقيادة الولايات المتحدة، خضع نهج «صالح» في الحكم لتغيير ملحوظ. وبدأت الولايات المتحدة في تقديم الأسلحة والمال والتدريب للقوات الخاصة في الحرس الجمهوري - فرع الجيش المكلف بحماية النظام - بقيادة ابنه الأكبر «أحمد علي صالح» في وقت لاحق، لتسهيل استهداف الحكومة اليمنية لتنظيم القاعدة. وقد شجع تدفق الموارد لـ«صالح» والأسلحة ذات التكنولوجيا الفائقة ومئات الملايين من الدولارات في تعزيز قدرته في السلطة. وكان «صالح» عازما على تأكيد سيطرته على البلاد بأكملها، وبالتالي تأمين رئاسة ابنه «أحمد علي صالح» فيما بعد.

وقد انخرط «صالح» في العمل ضد تنظيم القاعدة، لكنه حرص على عدم القضاء على الجماعة تماما، حيث كان يحصل بسبب وجودها على مئات الملايين من الدولارات كمساعدات وأسلحة وخبرة فنية. وبدلا من ذلك، ركز «صالح» الكثير من جهوده على استهداف الحوثيين - وهي جماعة متمردة من الشيعة الزيدية - وكان وجودهم ونفوذهم مقتصرا على محافظة صعدة، وخاض «صالح» 6 حروب ضد الحوثيين، وكانت النتيجة إما الخسارة أو الوصول إلى طريق مسدود، وبعد سنوات من التهميش الاقتصادي والسياسي، بدأ الجنوبيون يطالبون بإنهاء التنقيب في الجنوب قبل الشمال (معظم احتياطيات اليمن من النفط والغاز في الجنوب). وبدلا من معالجة مطالبهم، استهدف «صالح» قيادة الأحزاب التي كانت تدعو إلى الانفصال أو العدل.

ومع مجيء الربيع العربي، كان صبر الشعب اليمني على «صالح» وتكتيكاته العنيفة قد وصل إلى نهايته، ونزل الناس في شوارع المدن في جميع أنحاء البلاد يطالبونه بالتنحي. لكنه لم يتراجع إلا في عام 2012، لصالح نائبه الضعيف «عبد ربه منصور هادي»، الذي اختاره بسبب عدم وجود قاعدة قوة له في الجنوب. وكان يمكن أن يتنبأ «صالح» بسهولة، بفشل «هادي» في بناء أي دعم في اليمن. وبحلول عام 2013، كانت محاولة «هادي» لإصلاح الجيش عن طريق تطهيره من الموالين لـ«صالح» محاولة فاشلة.

صفقة قاتلة

وفي سبتمبر/أيلول عام 2014، استولى المتمردون الحوثيون على صنعاء، وأصبح الحوثيون الحكام بحكم الأمر الواقع لجزء كبير من شمال غرب اليمن، خلال فترة وجيزة من انتفاضة 2011 ضد «صالح». وبين عامي 2011 و2014، عزز الحوثيون قبضتهم على محافظة حجة وأجزاء من الجوف. ونجحوا في القضاء على السلفيين الذين كانوا نشطين في مناطق قريبة من الحدود مع المملكة العربية السعودية. وكان وجود السلفيين - الذين حصل العديد منهم على التمويل من مصادر في المملكة العربية السعودية - أحد العوامل الرئيسية التي أدت إلى التنظيم الأولي لما أصبح حركة الحوثيين. حيث كان السلفيون يعتبرون الشيعة من المرتدين، وعلى الرغم من كون «صالح» زيديا، إلا أنه مول الجماعات السلفية المسلحة ضد ما كان ينظر إليه على أنه قوة الحوثيين المتنامية.

وقد نجح الحوثيون في مواجهة الجيش اليمني - والسعودية - في الفترة بين عامي 2009-2010. وهناك أمران ساعداهما، أولا، الفساد المتفشي في الجيش اليمني، الذي سمح لهم بشراء «كميات كبيرة من الأسلحة والعتاد والسيطرة عليها». ثانيا، تعلموا من «صالح»، وبذلوا الكثير من طاقتهم من أجل بناء تحالفات مع القبائل والعشائر والعشائر الفرعية في جوار صعدة. وقد ساعدت هذه الجهود وحشية القوات المسلحة اليمنية - التي استخدمت أساليب عقابية شملت عقاب قرى بأكملها - كما تفعل السعودية الآن.

وبعد عام 2011، واصل الحوثيون بناء التحالفات والمقاومة. وبحلول عام 2014، اجتاح الحوثيون صنعاء واستولوا عليها من خلال حرب العصابات، ولم يكونوا ليتمكنوا أبدا من أخذ صنعاء دون مساعدة «صالح». فمعظم الجيش اليمني - على الأقل الأجزاء الأكثر تدريبا وتجهيزا منه - ظلت موالية لـ«صالح». وهذا ما أتاح له عقد صفقة مع الحوثيين تسمح لهم بالدخول إلى صنعاء دون قتال، وفي المقابل، استخدمهم للقضاء على هادي وحكومته. وعن طريق السماح للحوثيين بالقيام بالعمل القذر، أبقى «صالح» يديه نظيفة، وكان من المقرر أنه عندما يحين الوقت، سيستعيد هو أو ابنه السيطرة على البلاد. وكان «صالح» يراهن على دعم القبائل التي تحيط بصنعاء، عندما يقرر القتال ضد الحوثيين. وما لم يأخذه في الحسبان هو القدرة السياسية للحوثيين. ولقد فازوا على «صالح» في لعبته الخاصة من خلال إقامة تحالفات ببطء مع تلك القبائل التي يحتاجون إليها. وكانت هذه التحالفات - كما هو الحال مع «صالح» - مدعومة بالرشاوى والكسب غير المشروع، وعند الحاجة، القوة.

وفي وقت ما قبل 4 ديسمبر/كانون الأول، حاول «صالح» التوصل إلى اتفاق مع السعوديين، وخيانة الحوثيين مقابل دعم السعودية، ولكن هذه المرة لم تتجمع وحدات الجيش في صنعاء أو الميليشيات القبلية المقربة منه للدفاع عنه. وفي 4 ديسمبر/كانون الأول، تم اغتيال «صالح»، وقتل برصاصة واحدة في الرأس، ويفترض أن يكون ذلك قد حدث على يد المتمردين الحوثيين. والأسئلة حول «كيف» قتل - على غرار معظم الأشياء في اليمن - قصة معقدة، وقد لا تعرف الحقيقة أبدا. ومن المؤكد أن مقتل «صالح» قد أعاد تشكيل المصفوفة السياسية في اليمن.

هل هي نهاية الحوثيين؟

لقد تم استقبال مقتل «صالح» بقلق من قبل الكثيرين داخل المستويات العليا من القيادة الحوثية، وقد أدركت قيادة الحوثيين - على الأقل الأقل تعصبا بينهم - أن دعم «صالح» الضمني لا يمكن الوثوق به، لكنه يوفر قشرة من الشرعية للحوثيين. وتبرز هنا محدودية قدرة الحوثيين على الادعاء بأنهم كانوا يحكمون صنعاء وجزء كبير من شمال غرب اليمن كجزء من ائتلاف ضم الحزب السياسي لـ«صالح»، وهو المؤتمر الشعبي العام. ولقد كان دعم «صالح» - الذي جلب العديد من الضباط في الجيش اليمني - قد سمح للحوثيين بتثبيت سيطرتهم على شمال غرب اليمن والحفاظ عليه. وبدون موافقة جزء كبير من الجيش، فمن المرجح أن القوى الحوثية الأساسية، التي يبلغ عددها أقل من عشرة آلاف رجل، ستضطر إلى التراجع إلى معاقلها في محافظة صعدة.

وتعد قدرة الحوثيين على عزل صنعاء والقضاء على أولئك الذين يشكلون تهديدا لسيطرتهم المستمرة اختبارا آخر لقدرة الحوثيين الهائلة على استقطاب النخب والقيام بعمليات عسكرية عالية الكفاءة في بيئة حضرية صعبة.

وقد تكون قدرة الحوثيين على الحفاظ على سلطتهم على المدى المتوسط أمر مشكوك فيه، لكنهم تمكنوا من التغلب بسرعة على التحديات المباشرة التي تواجه قيادتهم بعد اغتيال «صالح»، مما يجعلهم السلطة الوحيدة في صنعاء، ومن المرجح تمثل وفاته أيضا بداية النهاية لسيطرة الحوثيين على شمال غرب اليمن، الأمر الذي يعترف به العديد من قادة الحوثيين رفيعي المستوى. وبعد اغتيال «صالح»، بدأ الحوثيون في نقل الأسلحة الثقيلة وغيرها من العتاد إلى معاقلهم في محافظتي عمران وصعدة - وكلاهما يقعان شمال صنعاء - استعدادا لتراجع محتمل عن صنعاء.

ويتعرض الحوثيون لضغوط على 3 جبهات. وفي الشرق، فإن الميليشيات القبلية ووحدات القاعدة في شبه الجزيرة العربية والوكلاء الممولين من السعودية والإمارات يدفعون قوات الحوثيين إلى الخروج من مقاطعة البيضاء الاستراتيجية. وفي الغرب، تدعم القوات السعودية والإماراتية - إلى جانب بعض الوحدات المعاد تشكيلها من الجيش اليمني - التقدم نحو ميناء الحديدة الحرج، وفي الشمال، باتجاه محافظة الجوف، على الحدود السعودية.

وستدفع الحرب على 3 جبهات مقاتلي الحوثيين للانسحاب إلى حدودهم. ومع ذلك، فإن هزيمة الحوثيين عسكريا أمر غير محتمل. ويعتمد نجاح القوات السعودية والإماراتية في نهاية المطاف على موثوقية وولاء الميليشيات القبلية الرئيسية. وإذا استمرت التحالفات التي بناها الحوثيون مع النخب العشائرية والعسكرية، فمن غير المحتمل أن تتمكن القوى المعارضة لهم من طرد الحوثيين من صنعاء. وحتى مع الدعم الضمني من بعض القبائل في صنعاء، يمكن للحوثيين بسهولة إبطال مفعول القوى المعارضة لهم. ولكن لا يمكن الدفاع بسهولة عن ميناء الحديدة، وهو أمر بالغ الأهمية للحصول على الغذاء والمساعدات في شمال اليمن. وبالتالي، فمن المرجح أن تركز القوات الإماراتية والسعودية الكثير من جهودها على أخذ الميناء. ومع ذلك، فإن الكفاح من أجل الحديدة من المرجح أن يكون مكلفا بشكل لا يصدق لجميع الأطراف، ولا سيما للمدنيين. حتى لو كانت القوات السعودية والإماراتية تدعم التقدم إلى الحديدة، يمكن للحوثيين أن يتراجعوا بسهولة إلى الجبال الوعرة ويدافعوا بسهولة من منطقة شرق الميناء.

آفاق المستقبل

لقد تم الاستخفاف بقدرات القيادة الحوثية باستمرار من قبل النخب اليمنية والحكومات الأجنبية، ولا سيما حكومات المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. وقد قلل «صالح» نفسه من قدرة قيادات الحوثيين على إعادة صياغة استراتيجيته الخاصة المتمثلة في بناء التحالفات، وإشراك النخب العشائرية والعسكرية من خلال تقاسم غنائم الحرب، وتهديد أو إلغاء أولئك الذين لا يمتثلون.

وأصبح الحوثيون الآن جزءا لا يتجزأ من النسيج السياسي والعسكري والاقتصادي في شمال غرب اليمن. وقد أزالوا ببطء وبمنهجية العديد من أولئك الذين كانوا موالين لـ«صالح». ومع ذلك، فإن غالبية هذه التحالفات المصممة بعناية هشة وتخضع لإعادة التفاوض. ومما لا شك فيه أن موقف الحوثيين قد تعرض للضعف بسبب اغتيال «صالح». ولقد كان رد فعلهم الأولي على وفاة «صالح» سريعا وقاتلا. لقد حافظوا على صنعاء، لكنها كلفتهم قدرا كبيرا من رأس المال السياسي. وأجبرتهم على استخدام تكتيكاتهم الثقيلة، التي شملت الاعتقالات الجماعية وعمليات الإعدام. وكما هو الحال مع «صالح» بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول، ينظر العديد من الزعماء القبليين والعسكريين اليمنيين إلى الحوثيين على أنهم ذهبوا بعيدا جدا في سعيهم للحصول على السلطة.

وفي أسوأ الأحوال، سوف تتراجع القيادة الحوثية ووحداتها الأساسية وأتباعها ومقاتليها إلى صعدة، حيث يمكنهم - إذا لزم الأمر - أن يقاتلوا لأعوام، على الرغم من أن هذا السيناريو ليس مرجحا في وقت قريب.

وفي حين أن الحرب بقيادة السعودية والإمارات في اليمن - للمرة الأولى منذ ما يقرب من 3 أعوام - قد أحرزت تقدما محدودا في دفع قوات الحوثيين من بعض المناطق التي يسيطرون عليها، فإن مشاركتهم في اليمن تساعد على الحفاظ على بقاء الحوثيين. وقد دمرت الحملة الجوية - التى تقودها السعودية - شمال اليمن الغربى، وأسفرت عن مئات من الضحايا المدنيين إن لم يكن الآلاف. ويُنظر إلى السعودية والإمارات على أنهم غزاة، كما أن اعتبار دولة الإمارات قوة استعمارية هو شيء يتفق عليه العديد من اليمنيين. وباعتبارها واحدة من أفضل القوى المقاتلة المنظمة والأكثر قدرة في اليمن، فإن الحركة الحوثية تتغذى على هذه الكراهية وتستفيد منها، وتستخدم إجراءات السعوديين والإماراتيين لإظهار أنفسهم كمدافعين عن اليمن.

 
اكثر خبر قراءة أخبار اليمن