دار الحجر ... تحفة المعمار العربي وصرح حضارتهم

الأحد 15 مارس - آذار 2015 الساعة 05 مساءً / مــأرب برس- الراي
عدد القراءات 14012

 

احد عجائب البناء في العالم والذي يعتبر في ذلك الزمان اعلى ناطحة سحاب في الوطن العربي , قصر دار الحجر احد عجائب اليمن التاريخية والذي يعتبر أحد المباني التاريخية في اليمن، والذي يعتبر واحدا من ابرز معالمها التاريخية والسياحية ويبعد عن صنعاء حوالي 14 كلم في منطقة تسمى وادي ظهر الذي بني خلال القرن الثامن عشر الميلادي.

الطريق إلى دار الحجر

في الطريق المؤدي إلى «دار الحجر»، إلى الشمال الغربي من الأطراف الشمالية للعاصمة صنعاء في منطقة وادي ظهر ، يبدأ ظهور بعض االقلاع الحجرية القديمة والتي تحيط بالقصر على اعلى الجبال المطلة على القصر ، التي تشرف على وادي ظهر، وهو وادٍ كبير اشتهر منذ عصور ما قبل الإسلام، ويشهد على ذلك بعض النقوش الصخرية القديمة.

وفي منتصف الطريق، يتحول الطريق من الاسفلت الى ترابي يمر ببعض البيوت المأهولة بالسكان، والتي أقيمت على جانبي الطريق الترابي، والتي يبدأ الباعة الجائلون بعرض منتجاتهم على القادمين والتي يشتهر الوادي بزراعتها من ثمار التين والاجاص والتفاح والخوخ، والكثير من بائعي نبات القات الذي يشتهر بزراعته الوادي ، وجميعها تزرع في المزارع المنتشرة في ضفتي وادي حجر .

وعند الوقوف في المواقف المخصصة لسيارات الزائرين لموقع دار الحجر، يجبر ارتفاع الدار الحجري الرائع على رفع رأسك إلى أعلى نقطة فيه، قبل أن تسرق انتباهه الشجرة الكبيرة والمعمرة التي تقف إلى يمين بوابة «دار الحجر»، والتي يصل محيط جذعها إلى 3 أمتار، ويبلغ عمرها أكثر من 800 عام، كما ذكر تيهب على، المرشد السياحي في القصر.

يقول المرشد السياحي تيهب علي: بني قصر دار الحجر على يد علي بن صالح العماري وسمي بهذه التسمية نسبة إلى الصخرة الغرانيتية التي شيد عليها هذا القصر حين أمر ملك اليمن الإمام المنصور على بن العباس ببناء قصر في وادي ظهر ليكون قصرا صيفيا له. ويروي المؤرخون انه بني على أنقاض قصر سبئي قديم كان يعرف بحصن ذي سيدان الذي بناه الحميريون عام 3000 ق. م، ودمر الحصن على يد الأتراك قبل أربعمائة عام، واعيد ترميمه في بداية القرن العشرين على يد الإمام يحيى حميد الدين بعد أن توارثه عدد من الملوك اليمنيين.

ويضيف علي حيث كان قبل دار الحجر حصن يسمى ( بحصن ذو ريدان ) الذي بناه الحميريون عام 3000 ق. م ، وقد دمر الحصن على يد الأتراك قبل أربعمائة عام ، وقد قام بتجديده كلاً من الإمام المنصور والإمام الناصر وأخيراً الإمام يحيى حيث كان دار الحجر يعتبر مصيفاً للإمام يحيى حيث كان يجلس فيه للتنزه في فصل الخريف .

تسمى قرية القابل بقرية الروض وذلك نسبة إلى جامع الروض ودار الروض الذي بناه الإمام يحيى حميد الدين وسط القرية ، وتعتبر قرية القابل من أهم قرى بني الحارث حيث بداية تكونها إلى العهد الحميري إلى ما قبل الميلاد بثلاثة ألاف عام تقريباً ، حيث توجد نقوش في جوانب الجبل المطل على القرية واسمه جبل بن حصن وهو جبل صغير فيه نقوش وكتابات بالخط المسند وكذلك رسوم ، والحجر المنقوش فيها يسمى بحجر الهيم .

أحد عجائب العالم المعمارية

ما ان تحط قدميك ارض القصر حتى تبهر بارتفاعه الرائع وفنه المعماري المميز ووفقاً لما ذكره الصحفي اليمني في وكالة سبأ للانباء وهيب الانصاري والذي رافقنا في هذه الرحلة يتميز القصر باختلاف واجهاته الأربع، في مقابل إعطاء كل نافذة من الداخل منظراً مغايرا للوادي المطل عليه، ووتيميز القصر بأدواره السبعة مع التكوين الطبيعي للصخرة المقام عليها، وكأن القصر منحوت من الصخرة نفسها.

وبعد الدخول من الى القصر من البوابة الخشبية المميزة ، إلى الباحة الواسعة، حتى ترى ابرز الملحقات في القصر وهي جناح استقبال خارجي يدعى الشذروان، عبارة عن مبنى منفصل قبالة القصر من الجهة الغربية، يتكون من مجلس صيفي ، له ساحة خاصة بها ثلاث نافورات للمياه، وبالقرب منه يوجد المطعم الرئيس وغرف الطبخ، وإلى اليمين يوجد مبنى الإدارة ومقر المحكمة.

يقول الانصاري ان القصر نفسه، وبعد الالتفاف حول الصخرة المبني عليها، يستقبلك باب خشبي سميك، ويؤدي الى الدرج، المنحوت في الصخر، الى جناح الاستقبال في الطابق الأول، ويتكون من صالة رحبة وبعض الغرف الملحقة، فيما يوجد في الطابق الثاني ساحة يخرج منها الى خارج البناء الأساسي للقصر، للوصول إلى رواق مكشوف منحوت في الصخرة وملتو عليها، مع وجود المقبرة التي يوجد فيها قبور صخرية منحوتة تعود الى ما قبل التاريخ كان يدفن فيها الاموات من الملوك سبأ ، وينتهي الممر بغرف قديمة النحت، لها نوافذ مطلة على الوادي، استخدمت للحراسة والقنص، لصعوبة تحديد مكانها من خارج الصخرة، وهذا الجزء من بقايا القصر السبئي، وملحق به بئر بفتحتتين بعمق 250 متر ملحق بمطبخ القصر يقال انهما بني قبل انشاء القصر.

اما في الطابق الثالث، توجد غرفة صغيرة كانت مخصصة لـ للخادم والذي يكون عمره من 8 – 12 عام ، يقوم بخدمة المراسلة وجلب حاجيات نساء القصر، ولم يكن يسمح لأي رجل بتجاوز الطابق الثالث ، كما يوجد في نفس الطابق جناح مخصص لوالدة الإمام، ويتكون من عدة غرف، كما توجد به خزانة محكمة، اما الطابق الرابع ففيه قسم خصص كجناح لولي العهد، به غرفة مربعة وخزنة كبيرة مرتفعة الفتحة، يمكن الوصول إليها من خلال سلم مبتكر، تختفي درجاته داخل الحائط ومن يريد الصعود يقوم بسحبها الى الخارج حتى يصعد الى الغرفة.

البناء فوق الصخر

أما الطابق الخامس المبني على الصخر، خصص لغرف الجواري والخادمات، وفي الطابق ذاته توجد مطاحن الحبوب الحجرية كما توجد أيضا الشرفة الظاهرة في الجهة الشرقية للقصر، وهي المكان المخصص لغسيل الملابس ويحتوي على حجر اسود بركاني كان يتم عليها تجفيف الملابس ، توجد بها بركة صغيرة تتجمع فيها مياه الأمطار. وينقسم طريق الطابق الخامس إلى قسمين، قسم خاص يؤدي مباشرة إلى الطابق السادس، حيث الجناح الخاص بالإمام، دون أن يمر بالطابق الخامس المخصص مع جزء من السادس لأجنحة الحريم (نساء القصر)، ويتكون من عدة غرف للنوم وملحقاتها، مع مجلس واسع،يمتاز بنوافذ لا تسمح بالرؤية من الخارج إلى الداخل.

بينما يؤدي الدرج الخاص بجناح الإمام، والمكون من غرفة ركنية، مطلة على جهتي الشرق والشمال، لتوفر جوا باردا خلال فصل الصيف، وتوجد غرفة صغيرة لها ثلاث نوافذ صغيرة، تسمى «الكمة»، حيث كان الإمام يختلي فيها بنفسه للتفكير والكتابة، كما كان يحتفظ فيها بأوراقه المهمة. بينما يتكون الطابق السابع من مجلس واسع، وملحقات ومطبخ علوي وشرفة مكشوفة واسعة، ومسيجة بأشكال بيضاوية كنوافذ، منها ما يسمح بالرؤية بحرية، ومنها ما هو مخصص لإطلالة النساء، كما يوجد في زاوية الشرفة مكان مخصص للحمام الزاجل الذي كان يستخدم في المراسلات، مع توزع ثلاجات طبيعية للمياه في الأواني الفخارية في معظم الطوابق السبعة.

وتحيط بالقصر مجموعة جميلة من الاشجار التي يبلغ عمرها 200 عام بالاضافة الى مسجد الامام وحمام بخاري خاص للامام وحاشيته ونسائه اما على التلة المقابلة فيوجد بناء ضخم لقائد الحرس الخاص بالامام وحرسه .

ما ان تنتهي رحلتك بالقصر واثناء مغادرتنا بالسيارة حتى تشعر بروعة هذا البناء الي يختفي بين الجبال والذي يروي روعة وعظمة الحضارة اليمنية التي حفرت الصخور واقامت القصور عليها.

إقراء أيضاً
اكثر خبر قراءة ثقافة