صالح والحوثيون و هادي ..اجتياح الجنوب أم حرب مفتوحة...؟ تقرير

الجمعة 13 مارس - آذار 2015 الساعة 06 مساءً / تقرير/احمد الضحياني
عدد القراءات 5460
 

كان لخطاب الرئيس اليمني السابق, التهديدي بتكرار حرب صيف عام 94 م أن حمل كثيرا من الدلالات التي تنبئ بقرع طبول حرب يخطط لها بعض الأطراف في الجنوب اليمني. . وهو ما أثار كثيرا من ردود الأفعال التي حملت في طياتها مخاوف واستنكارا لهذا الخطاب الصالحي. .

واعترف علي عبد الله صالح رسميا- في خطاب له أمام أنصاره- أنه اجتاح الجنوب في 94م. . وهدد- في الصيغة التحذيرية. في كلمة له يوم الاثنين 9مارس-. باجتياح الجنوب مرة ثانية, قائلاً إن المهرولين نحو الانفصال- في إشارة إلى (الرئيس هادي) أن مصيرهم الفرار ولكن هذه المرة عبر منفذ واحد وليس عبر ثلاثة منافذ كما حدث عام 94م، في إشارة منه إلى الحرب التي شنها لاجتياح الجنوب.

وصبغ صالح خطابه وتهديده وكأنه المنقذ للحفاظ على الوحدة التي دمر أركانها وقال: على أولئك الذين يهرولون إلى عدن كما هرول البعض في عام 94م ركضاً وراء الانفصاليين أن لا يتسرعوا, ففي 94 هرب الانفصاليون من خلال المنافذ الثلاثة التي حددناها لهم وهي منفذ الشرورة, ومنفذ المهرة, ومنفذ جيبوتي عبر البحر الأحمر, ومن يهرول اليوم ليس أمامه غير منفذ واحد ليهرب بجلده وبفلوسه التي كسبها على حساب قوت هذه الأمة. هو منفذ البحر الأحمر. "

حملة الخبث

ويرى مراقبون أن الرئيس السابق- في اعترافه رسميا باجتياح الجنوب في 94م وما تبعها من نهب وإقصاء لثروات وكوادر الجنوبيين المدنية والعسكرية- يفضح تلك الدعاية السوداء التي كان يرددها بعض فصائل الحراك الجنوبي وأنصار صالح في الجنوب بإلقاء تهمة اجتياح الجنوب على طرف سياسي، واتهموا صالح أنه هو من كان وراء تلك الحملة الخبيثة فيما هو. نفسه رئيس الدولة الذي خاض حرب اجتياح الجنوب في 94م.

وكان المؤتمر الشعبي العام وجماعة الحوثي المسلحة المسيطرة على مؤسسات الدولة أكدا أنهما يرفضان شرعية الرئيس هادي.. واعتبر مؤتمر صالح في صنعاء- في بيان صادر عن اجتماعه أمس الأربعاء 11 مارس- اعتبر "أن ما يقوم به هادي في عدن اخلالاً بالأمن واستهداف للوحدة".

متناسين في الوقت نفسه سيطرة مليشيات الحوثي المسلحة على مؤسسات الدولة وما تبعها من فوضى أمنية ومظاهر مسلحة في العاصمة صنعاء وبعض المحافظات ومحاصرتها لرئيس الحكومة المستقيلة خالد بحاح وبقية الوزراء واعتقال قيادات سياسية وحزبية.

وجاء تهديد صالح بعد خروج الرئيس هادي من إقامته الجبرية وهروبه إلى العاصمة عدن في 21 فبراير الماضي وإصداره إعلانا رئاسيا يتضمن عدة نقاط منها دعوة للشعب للانتفاضة ضد الانقلاب وإلغاء كافة الإجراءات التي اتخذت منذ 21سبتمبر2014م ومطالبته للمجتمع الدولي دعمه وتأييد ما جاء في البيان. وأيضا يأتي خطاب صالح بعد أن تمكن اللواء محمود الصبيحي- وزير الدفاع في. الحكومة المستقيلة- من الفرار. من صنعاء ووصوله إلى مسقط رأسه في محافظة لحج بتاريخ 8 مارس

هادي وصالح

كلاهما صالح وهادي اجتمعا بأبناء تعز ووجها خطابين يحملان عدة رسائل لكليهما. . وفي رد سريع على خطاب الرئيس السابق/ علي عبدالله صالح، قال الرئيس اليمني/ عبدربه منصور هادي في لقائه بشخصيات اجتماعية وسياسية من محافظة تعز يوم الثلاثاء10مارس بمحافظة عدن" إن عام 2015. ليس مثل عام1994م، في إشارة إلى ما قاله الرئيس السابق صالح في خطابه، الذي قال إن من هربوا من ثلاثة منافذ في 94، لن يجدوا سوى منفذا وحيدا للهروب. "

وشن صالح هجوماً لاذعاً على الرئيس هادي ووزير دفاعه، والذي قال إن هروب هادي من صنعاء وعودته للحكم إساءة له ولليمنيين.. متهماً إياه بأنه هو "المخلوع" من خلعته مليشيات الحوثي".

ورد هادي على خطاب صالح بقوله "إن عام 2015. ليس مثل عام 1994م ولمن لديه أي مشروع سياسي يخدم اليمن شعبا وأرضا فليأت به ويناقشه معنا ولا داعي للمناكفات والمكايدات التي تضر بالوطن والشعب".

وأضاف "إن تعز ستظل كما عهدناها دوما تقف إلى جانب الشرعية الدستورية والثوابت الوطنية لكونها تمثل الصوت المسموع في الانتصار للإرادة الوطنية الجماعية. . مثمنا الدور الكبير الذي اضطلع بها أبناء تعز في صنع إحداث التغيير السلمي من خلال الثورة الشبابية في 2011م وما تلاها".

صالح والحوثيون

وبهذا يجب أن يعي فصائل الحراك الجنوبي أن من اجتاح الجنوب هو صالح واعترف بذلك رسميا وليس فصيل سياسي حسب ما يقومون بالترويج لذلك.. بصيغة واضحة ان من اجتاح الجنوب في94م علي عبدالله صالح وهو على رأس الدولة أصدر أوامره للجيش وليس حزب الإصلاح مثل تم الترويج لذلك.

وهو الآن- أي صالح- يهدد باجتياحه مرة أخرى بالتحالف مع الحوثيين. . ويقوما باستعدادات عسكرية, حيث تداولت مواقع إخبارية محلية " أن مليشيات الحوثي أصيبت بخيبة كبيرة بعد هروب اللواء الصبيحي ووصوله إلى عدن..

وأكدت المصادر أن الحوثيين قاموا يوم الاثنين. 8مارس بإرسال. مسلحيهم إلى عدن عبر أكثر من طريق دعما لموقف السقاف الذي رفض قرار رئيس الجمهورية بإقالته.

وأضافت "إن الحوثيين يجرون عملية انسحاب لمسلحيهم من عدة مناطق، حيث رفعت بعض النقاط في العاصمة صنعاء وأبقت على البعض منها في سعوان والجراف ومنطقة الحتارش، وانسحاب متدرج لمسلحيها من محافظة البيضاء متجهين الى محافظة مأرب".

وتناقلت أيضا ان "الحوثيين يقومون بعملية تجنيد واسعة في الشرطة وإدخالهم في معسكر قوات الأمن الخاص في مديرية بني حشيش شمال صنعاء، و آخرين للمنشئات".

وفي سياق آخر قام" الرئيس السابق علي عبدالله صالح. بترتيبات لخوض معركة قادمة للانقضاض وقام بتسليح. أغلب الحرس التابع له. بسلاح" بانفورت، وآلي آيكي، وجيتري".

وأوضح المصدر أن الرئيس السابق يخطط لعقد اجتماع لقيادات الحرس الجمهوري، يهدف منه إلغاء الهيكلة. التي تعرضت لها قوات الحرس بعد 2011م والتي قضت بدمج الجيش اليمني الى ثلاث قوات البرية، والجوية، والبحرية وإعادة ألوية الحرس على ما كانت عليه قبل 2011م"

وفي سياق ذلك رفض العميد عبدالحافظ السقاف قرار الرئيس هادي بإقالته من منصب قائد قوات الأمن الخاص.

ونقلت مصادر عن عضو في لجنة الوساطة التي اتفقت في وقت سابق مع العميد السقاف على استقدام قائد قوات الأمن الخاصة في شبوة العقيد عدلان الحتس ليحل محله، قوله إن اللجنة فوجئت بعد وصول الحتس وذهابها أمس الأول الى معسكر القوات لتنفيذ الاتفاق برفض العميد السقاف رفضا قاطعا ومهددا بإشعال حرب شاملة في عدن.

ومما يجدر الإشارة إليه أن صالح والحوثيين اتفقا على تقاسم المهام الاول يشن حربه على الجنوب متخذا من الرئيس هادي ذريعة ورميه بتهمة" الانفصال" لاجتياح الجنوب والعودة الى السلطة. . فيما يشن زعيم الحوثيين هجوما حادا على حزب الاصلاح وسرد أكاذيب مفضوحة لتبرير انقلابه وتنفيذه لأجندة إيران. . .

الشارع الجنوبي

أثار تهديد صالح باجتياح الجنوب للمرة الثانية مهددا بمصير 94م سخطا واسعا في الشارع الجنوبي. . واعتبروا هذا التهديد بمثابة مؤشر على استباحته للجنوب مرة اخرى. . ووصف الشيخ/ أحمد محمد بامعلم- نائب رئيس الهيئة الوطنية الجنوبية المؤقتة لتحرير والاستقلال -تهديد المخلوع صالح. وصفه بالخطاب المتغطرس والمتعطش للدماء. .

وقال بامعلم- في تصريح نشرته "أخبار اليوم" يوم الاربعاء 11مارس" إن خطاب صالح خطاب مستبد ومتغطرس مغرور. مشيرا إلى أن صالح يهدد باجتياح الجنوب ويتناسى بأنه قد أصبح كرتاً محروقاً وأن الجنوب اليوم ليس كما كان في 94, بعد أن اختلفت فيه موازين القوى وانقلب السحر على الساحر حسب تعبيره. "

وكشف بامعلم" أن الجنوب اليوم قد أصبح أكثر تماسكاً من أي وقت مضى وأن غطرسة صالح لن تكون مجدية اليوم, مؤكداً أن شعب الجنوب سيدافع عن أرضه بكل الطرق والوسائل المتاحة ولن يسمح بتكرار سيناريو عام 94م, من أي قوة كانت.

موقف الاشتراكي

الحزب الاشتراكي اليمني ايضا ابدى اعتراضه على تهديد صالح باجتياح الجنوب, معتبرا ذلك اعلان حرب. . جاء ذلك على لسان نائب الأمين العام للحزب الاشتراكي الدكتور/ محمد المخلافي, الذي اعتبر خطاب صالح وتذكيره بحرب 1994 دعوة لمن قاموا بالسلب والنهب بالجنوب للاستعداد للحرب لمضاعفة ثرواتهم.

وقال المخلافي إن صالح يعتقد أنه قد جمع بيده كل أوراق اللعبة وأن ثورته المضادة لثورة 11 فبراير قد نجحت ولم يبق إلا الحصاد وتتويج هذا النجاح يتم بإعلان الحرب ضد الجنوب وخوضها بقيادته.

وأضاف: "صالح بإعلانه هذا يكون هو صاحب السبق والحصاد، وتذكيره غير مرة بحرب 1994م قصد به إخافة أبناء الجنوب وتذكيرهم بما حصل لهم من إقصاء وسلب ونهب لممتلكاتهم وتشريدا لأبناهم، ودعوة لمن قاموا بالسلب والنهب للاستعداد للحرب لمضاعفة ثرواتهم".

اخر الأوراق

الكاتب والمحلل السياسي/ ياسين التميمي, اعتبر أن الكلمة التي ألقها الرئيس السابق علي عبد الله صالح، أماطت اللثام على حقيقة الدور الذي أداه خلال المرحلة الماضية، وظهر كما لو كان يقطف ثمار الفوضي التي زرعها في البلاد

وقال التميمي، إنه «بدا معتمداً على جيش بني على أساس الولاء المطلق للأشخاص وليس للوطن، ومعتمداً على مال لا محدود نهب من خزينة الدولة وصرف على الفوضى والخراب اللذين أدارهما بكفاءة بالشراكة مع جماعة التمرد الحوثية المسلحة».

وأوضح أن صالح حاول جاهداً أن يغسل سمعته، واتخذ من لقائه بشباب من محافظة تعز وسيلة للقيام بهذه المهمة التي لا أعتقد أبداً أنها نجحت في تغيير الصورة النمطية للرئيس السابق بصفته العقل المدبر للخراب.

ولفت إلى أنه أراد أن يسفه ما أعلنته الأمم المتحدة عن الثروة التي حازها طيلة فترة بقائه في السلطة، لكنه أخفق في صرف الأنظار بمحاولة إثبات أن شخصاً واحداً هو الشيخ حميد المقيم خارج الوطن، هو الذي أقنع الأمم المتحدة بوجود هذه الثروة.

وتابع التميمي: «لقد حاول أن يظهر على أنه هو الممسك بزمام الأمور وما عداه فارون وليس أمامهم سوى منفذ واحد، هذا في حقيقة الأمر يكشف عن المأزق الذي يمر به في الوقت الراهن، بعد أن فشل مخطط الانقلاب، بخروج الرئيس هادي إلى عدن، وبسبب فشله إبقاء الإقليم جزءاً من مخطط الإطاحة بالنظام الانتقالي».

وأفاد بأن خروج المسيرات في العاصمة صنعاء، للمطالبة بترشيح نجله أحمد رئيساً، غداة الكلمة التي ألقاها، تبين أن الرئيس صالح يلعب بآخر أوراقه في مواجهة تصميم إقليم ودولي على المضي في مسيرة التسوية السياسية في ظل رئيس شرعي هو عبد ربه منصور هادي.

 خطاب النرجسية

الى ذلك انتقد الاعلامي في قناة الجزيرة. محمد كريشان, الرئيس السابق صالح-. معلقا على خطابه- وقال. كريشان في مقال له بعنوان "علي عبدالله صالح" نشر في العديد من وسائل الاعلام العربية والمحلية إنه بالنظر الى خطاب صالح" على أن الرجل ليس مستعدا لأي شيء سوى التصعيد، وأن الحقد الدفين على من ساهم في إزاحته من الحكم أو حل محله بات أكبر من قدرته على رؤية أي شيء آخر. كان غيظه جليا من مسائل محددة، تماما كما صمته عن أشياء أخرى. وبين الغيظ والصمت كانت المكابرة والدعاية السمجة. "

وأشار كريشان إلى أن "صالح. بدا مغتاظا للغاية من التقرير الأخير الصادر عن الأمم المتحدة والذي اتهمه بنهب 60 مليار دولار من خيرات بلاده طوال السنوات الثلاث والثلاثين لحكمه. لم يفند بأية حجة أو دليل عدم صحة ذلك بل اكتفى بالقول "إبحثوا عنها وإذا ما وجدتموها ضعوها في حساب البنك المركزي اليمني".

وقال كريشان "لم ينبس صالح ببنت شفة كيف أن صنعاء هذا اليوم باتت تحت سيطرة حلفائه الحوثيين وأن الكل بات مرعوبا من هيمنتهم المسلحة واستحواذهم على مؤسسات الدولة والمقرات الرسمية ووضع رئيس الحكومة ووزير الخارجية تحت الإقامة الجبرية. لم يشر صالح هنا إلى ما جاء في تقرير الأمم المتحدة من أن الحوثيين تلقوا الدعم العسكري بصورة واضحة من الحرس الجمهوري الموالي له،والذي لولاه لما كانت صنعاء قد سقطت، ولا إلى أن نجله أحمد كان نجم هذا التنسيق.

وأشار كريشان في مقال مطول مقارنا بين خطاب صالح وسنوات حكمه على الواقع. "كما لم يتحدث صالح أبدا كيف أن الأمم المتحدة اعتبرته مع قياديين اثنين من جماعة «أنصار الله» معرقلين للتسوية السياسية في بلاده رغم كل البيئة الإقليمية والدولية المؤيدة لهذا الخيار. "

وقال كريشان ان" وصف صالح. السنوات الأربع الماضية في بلاده بأنها كانت «عجافا»، وقد يكون محقا في ذلك، لكنه قالها في سياق من يظن أن سنين حكمه الطويلة كانت سمانا!! حتى وهو ينفي الثروة التي اتهمه تقرير الأمم المتحدة بنهبها لم ينس أن يقول إن ثروته الحقيقية هي «المدرسة والجامعة والجيش» وكأن صاحبنا ترك البلاد منارة للعلم والثقافة في المنطقة، مع جيش مهاب مع أن هذا الجيش تهاوى بسرعة مذهلة أمام بضع مئات من صعاليك مسلحين لأن ولاءه لم يكن للوطن وإنما لرجل أراد أن يختزل البلد في شخصه. "

وكشف كريشان "أن. صالح، عبر الحوثيين، لم يكن أكثر من حصان طروادة لغزاة جدد لبلده نكاية في كل من وقف. ضده. " ونوه الاعلامي في قناة الجزيرة محمد كريشان " من هنا قد لا يذكره التاريخ بعد فترة على أنه الرئيس الذي سلم السلطة طوعا بل سيذكره بأنه من سلم البلد بأكمله إلى إيران، حقدا ونكاية.. هنا لا يعود بقيمة أن يسمي صالح نفسه أو يسميه أنصاره «الزعيم» لأن التاريخ لا يذكر إلا الأعمال ولا يعبأ كثيرا بالألقاب.

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن