مفهوم البودرة الخليجية
محمد احمد العقاب
محمد احمد العقاب

ضجت وسائل الإعلام مؤخرا بالبودرة الخليجية بين مؤيدا ورافض ومتحفظ على شروطها أو بعض شروطها ، وبقدر ما أثارت هذه البودرة من لغط سياسي وتصدرت عناوين الصحف والمجلات ووسائل الأخبار فهي من وجهة نظري الخاصة ليست مبادرة ذات طابع سياسي منصف لإخراج البلاد من أزمة حقيقية تعصف به بقدر ما هي بودرة للتخدير الموضعي او ما يمكن القول للتخفيف من شدة التعرق السياسي .

والبودرة الخليجية إجمالا ومن قراءة لما بين سطورها وفق الرؤية أو المنظار الذي تنظر به الأطياف السياسية اليمنية أو وفق النظرة الخليجية فان كل طرف قام بالتفصيل والتفسير والتأويل لما يهواه .

فالمؤتمر الحاكم وحكومته ترحب بها وفق الدستور الذي فصل على قياسات معينه قد نكتشف مؤخرا وجود مادة تبيح لفخامته حكم السبعين من الضريح الذي سيفقد لاحقة الخلود ، فوفق الدستور اليمني فان من المسلم به عدم موافقة ثلثي البرلمان اللاشرعي على استقالته من منصبه وهو ما سيمكنه من الحكم ثلاثة أشهر أخرى وفق الدستور طيب الله ثراه ، وإحالة بعض الصلاحيات للنائب ستتحدد وفق ماهية الصلاحيات وهكذا سنستمر في دوامة الدستور .

أما منظار المشترك والذي اختلفت عدساته من ناطق لأخر ، إلا أن العدسة وحيدة البؤرة هي التي توحي بوجود رغبة جامحة لديهم بأن لا يسخطوا الأرباب في الخليج بالرفض المطلق ،وان لا يخسروا الشباب الثوار بالقبول المطلق ، فكانت المراوغة المسببة هي البصمة الظاهرة على الخطاب المتفاوت والمتذبذب ، ويبقى الشباب في الساحات هم قول الفصل فيها وفي اعتقادي أنهم أدركوا المبادرة من كافة الجوانب فأيقنوا أن ظاهرها فيها الرحمة وباطنها من قبلها العذاب .

لكن الومضة (الفلاش )المسيطر على الهاجس الثوري لدى الشباب الثائر أيضا موضوع الحصانة من الملاحقة القانونية وهذا ما يطرح تساؤلات كثيرة نتمنى لها إجابات شافيه من الأشقاء في دول الخليج العربي ،فالحصانة من الملاحقة القانونية هو رضاهم عن الفساد وجرائم الحرب ومجازر النظام التي ارتكبها منذ صيف 94م ،فضلا عن الاهانة التي قدمتها البودرة الخليجية لدماء الشهداء الزكية في اليمن في استرخاص واضح لدمائهم الطاهرة .

وقد يشاركني الكثير أن البودرة التي أهانت الثوار وأساءت إلى قدسية الثورة ومشروعيتها إلا أنها كانت بالعدسة الخليجية مجرد رفع الحرج عن مواقفهم السلبية تجاه ما يحدث في اليمن وهي أيضا قياس نبض ذو مغزى أخر حاولت من خلاله دول الخليج أن تستكشف أو تستشرق مدى ولاء المطبخ السياسي بأبعاده المختلفة ،ومدى الولاء من كافة الأطياف الموجودة بالساحة اليمنية .

إلا أني كنت أتمنى من الشباب في ساحات التغيير والحرية أن يطلبوا ببيان واضح موقف واضح وصريح لدول الخليج العربي حول الثورة الشبابية والسلمية فالمرحلة الراهنة لا يوجد فيها جبل من الأعراف ، وإنما حسم المواقف هي المرتكز الأساسي للتوجهات المستقبلية ..وهو ما سيترتب عليه نعم للثورة ، أو لا للثورة ،والإجابتين المتناقضتين في نظري هي حسم للازمة ،فنعم خليجيا للثورة ستضع النظام تحت الأمر الواقع ،ولا الخليجية للثورة ستكشف عن مشاركة ضمنية ورضا من ما يحدث في اليمن الأمر الذي من خلاله يستطيع الشباب الثائر تحديد استراتيجيه السياسية المستقبلية ، وفي حال كانت اللا هي خيارهم فان خيارنا بأننا سندعو كل اليمنيين الأحرار المغتربين في دول الخليج العربي أن يستشعروا الألم في فؤاد أمهم اليمن ، وتحركهم هو الورقة الفاعلة و القوية لتحديد موقف دول الخليج العربي ، فمجرد إضراب اليمنيين عن العمل في المملكة العربية السعودية يشل ويعطل 40% من الحياة وهو ما يتطلب وقفة كرامة وعز منهم لأرواح الشهداء والأبرياء .


في السبت 16 إبريل-نيسان 2011 05:53:18 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.com/articles.php?id=9902