هنيئا لك أيها الشعب التونسي
م/ وليد بن أحمد الحدي
م/ وليد بن أحمد الحدي

منذ اتفاقية سايس بيكو و لأول مره في بلد عربي تنفجر ثورة شعبية سطرها شعب عربي بأحرف من نور ونار , لم تنحصر في قائد أو في حزب أو تجير لجهة ما او دعمتها جهة خارجية ... نعم لقد فجر الشعب التونسي الأبي على اختلاف طبقاته وتوجهاته , ثورة ضد حاكم طاغي جثم على صدور الملايين من الشباب والرجال والمتعلمين لأكثر من عشرين عام , حرمهم من أبسط حقوقهم وجعل العاطلين منهم من الالاف بل والملايين من حملة البكالوريوس والماجستير والدكتوراه والمعاهد الفنية وذوي الخبرات يترصفون الشوارع , يفترشون الأرض ويتلحفون السماء , يعتمد المحظوظ منهم على عربة خضار يقتات منها هو ومن يعولهم لعلها تسد رمقهم , هذا ان لم يعد لبيته وقد صودر منه مصدر رزقه بحجة عدم وجود ترخيص .

الملايين من هذا الشعب التونسي كان مسخراً لتنمية وخدمة هذا الحاكم الظالم ولأسرته ولأسرة زوجته وأقاربها , لم يعمل هذا الحاكم على رفع متوسط دخل الفرد بل عمل على رفع متوسط دخل فرد واحد في البلد وهو بن علي وأقاربه وأقارب زوجته , فمشاريع البلد هي ملك لهم ولشركائهم ولا يحق لأحد أن يعترض على ذلك حتى وان كان ذلك الاعتراض وسوسة في النفس أو حلم أثناء النوم , لم يتعض هذا الطاغية من الدكتاتور الروماني تشاوشيسكو الذي فر وهو وزجته على متن طائرة هيلو كبتر أثناء خطاب مزيف بعد أن انقض عليه أبناء شعبه عندما حاول الفرار الى احدى المدن وأعدم بعدها رمياً بالرصاص هو وزوجته .

الحاكم التونسي الهارب في خطابه الأخير وهو يلفظ أنفاسه خاطب شعبه قائلاً : ( انا فهمتكم ... أي نعم فهمتكم ) في الوقت الذي يزلزل فيه الملايين من الفقراء والجياع في الشوارع التونسية الأرض من تحت قدميه , لم يفهم طيلة السنوات الماضية ويرد الجميل لهذا الشعب الذي بارك له توليه رئاسة تونس بعد انقلاب أبيض نفذه ضد سلفه الحبيب أبو رقيبه , فهل استحق شعبه منه كل هذا الاستبداد ؟؟!!

وهل كان هذا هو الجزاء الأمثل لشعبه الذي وقف الى جانبه ؟؟

هل كان الجزاء أن تملأ السجون بالشباب وأصحاب الاراء وأن تكمم الأفواه وأن يتم التعذيب بمجرد الشك؟؟

هل كان الجزاء هو الاستحواذ على مقدرات الشعب التونسي وأمواله وايداعها في بنوك سيويسرا وفرنسا؟؟

هل كان الجزاء أن تسرق زوجته ( الكوافيره السابقة ) طناً ونصف الطن من الذهب من أموال هذ الشعب المكلوم؟؟!!

هنيئاً لك يا شعب تونس الحر .. هنيئاً لكل أم ثكلى ..هنيئاُ لكل والدة شهيد أنجبت بطلاً ضحى بروحه من أجل هذا الوطن ..هنيئاً لك يا أم محمد البوعزيزي ,,, هنيئاً لأرواح الشهداء التي ستتحول لكوابيس تلاحق هذا الجبان في منامه ولن تترك له فرصه أن يعيش براحة ...هنيئاً لك يا تونس الخضراء فها قد بدأت الشرارة ؟؟؟

لقد علمتنا يا محمد درساً في التضحية والايثار وفي الذود عن الأوطان , علمت كل فرد عربي أن في داخله بركان عظيم يمكن أن ينفجر ويفجر معه الملايين , علمتنا أن عربة خضار يمكن أن تحرر شعب وتزيح طغاة من على عروشهم وتجبرهم على الفرار كالفئران المذعورة ... من أعماق أعماق قلبي أترحم عليك وعلى روحك الطاهرة عسى أن يجمعنا رب العالمين وأياك في دار الخلد مع الشهداء الذين يناضلون من أجل أوطانهم , نعم لقد كنت كالشمعه التي احترقت لتنير الدرب ليس لشعبك فحسب بل للشعوب العربية برمتها من المحيط الى الخليج , لقد أنرت لنا الطريق وعلمتنا أن الحرية عند حكام طغاة لا توهب بل تؤخذ بالقوة , ومن منا كان يحلم أن تطيح ثورة ل تسعة وعشرين يوماً فقط بحاكم طاغي وطد نفسه بأمنه وبوليسه وزمرته لأكثر من عشرين عام؟؟

 ما تبقى أيها الشعب الأبي هو أن تزيح بقايا النظام الاثم وأزلامه وأن لا تتركوا لهم فرصة أن يجهظوا هذه الثورة المباركة . فها هم اليوم يستقيلون بالجملة من حزبهم البائد لعلهم يخدعون الشعب التونسي ويظفرون بمناصب في الحكومة الجديدة , ولكن هيهات هيهات , فالشعب التونسي أذكى من أن تنطلي عليه مثل هذه الخدعات , من جهة يحرضون طابورهم الخامس على أن يرتكب الجرائم والقتل في الشوارع والأزقه وعمليات السلب والنهب ليوحوا للشعب أن الماضي كان هو الأفضل ومن جهة أخرى يتسابقون على حجز المناصب وتنصيب أنفسهم باسم الوزير الأول والرئيس المؤقت , مستندين الى دستور فصل بالمقاس والشكل مع مصالح النظام السابق ولحماية أمنه ومستقبله .

الثورة التونسية هي ثوره ليست ضد بن علي فقط , وأنما هي ثورة ضد بن علي ونظامه ودستوره وزبانيته وكل شيء كيف من أجله وانبثق منه .

 ولكي لا يوأد المستقبل نقول أزيلوا هؤلاء المتسلقون على ظهور الشعب ولا تتركوا لهم فرصه قيد أنمله أن يقطفوا هذه الثمره , أزيلوا أزلام النظام السابق وأدواته , أزيلوا البزاعي ومحمد الغنوشي ومن هم على شاكلتهم , واتركوا الفرصه للمرزوقي وراشد الغنوشي وميه الجريبي والشابي وغيرهم من الأحرار , أعطوا الفرصة لمنظمات المجتمع المدني والاتحادات والنقابات لقيادة هذا البلد تحت سقف مطالب الثورة التونسية المباركة , فالوطن الحر لا يستحقه الا الأحرار.

وكما قال شاعركم :

إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر

ولا بد لليل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر

ومن لم يعانقه شوق الحياة تبخر في جوها واندثر

كذلك قالت لي الكائنات وحدثني روحها المستتر


في الإثنين 24 يناير-كانون الثاني 2011 07:53:42 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.com/articles.php?id=8877