الوحدة.. ملحمة حب.. وستار مهازل
فاطمة واصل
فاطمة واصل

تأتينا زائرة كل عام تخص اليمنيين فقط بحبها وعطائها .. تزور عاما بعد عام وتتساءل هل من حب صادق في قلوبهم.... هل ما أراه في عيونهم بوح في زمن الصمت ... هل ستمر الأعوام ولن تنقطع هذه العادة ، لكنها هذا العام زارتهم متعبة مجهدة منهكة رغم أنها لا زالت في ريعان الصبا .... لا زالت بنت العشرين ولكنها بدت وكانها عجوز في الثمانين.... قالت لي "أقرا التملق في كل شيء، ينادون باسمي حبا وليس الا زيفا، يتمنون دوامي وهم يرهقونني بأعباء الطمع والفساد، يغنون لي كل عام كنوع من فض الحزن أو تفريغ طاقة بعد خمول دام في جلسات القات".

هكذا قالت بعد عناق ... كان عناقا بارداً اتلف ما تبقى من فرحة انتظرها في مثل هذا الشهر كل عام. تلك الوحدة التي تسامت في القلوب حقبا باتت ترتل ترانيم الذبول بعد ما وصلت اليه الأحوال في اليمن، احتفال العام العشرين انتظرناه منذ العام 2000 وظنناه سيكون على نهجه أو اروع لكنه كان باهتا كيتيم لم يحتس الحب منذ ولد، كان الهواء هو من يحرك المؤدين وليس حماستهم... كيف لا وما كانوا يغنون له كاثر الفساد والجرع وواد الحريات وحبس الصحافيين وصادر قدرات الشباب وروج لمجالس القات كحل لكثير من المشاكل وأزمات العمل. حتى رئيس الجمهورية الذي كانوا يغنون له ويهتفون باسمه لم تكن تعني له الأمور شيئا، كانت ترتسم على محياه ما يراه في عقول الناس وقلوبهم من حب أو اظهار مخالف لبواطنهم فهو ليس بذلك الذي تخفى عليه تلك الامور ... أو لأن هذه الأمور لم تعد تعني له الكثير.

لماذا كل هذا؟

لماذا يكتب علينا ان نئد الفرحة ساعة ولادتها؟

لماذا ننمي روح الطبقية والجهل والعادات الاجتماعية الخاطئة في وقت يرتفع فيه العلم ويسمو؟

لماذا نهتف بشيء اضحى يسبينا بدلا من أن يفرض حريتنا ؟

لماذا تستغل ثروات البلاد شمالا وجنوبا لمصلحة فئة قليلة من البشر؟

لماذا يغزو الجفاف هذه الصبية المدعوة الوحدة ثم نهتف بدوامها؟

لماذا ..... لماذا.... لماذا؟

أليس لنا أن نغير كثيرا ذا ما تواجدت الهمم وروح الشباب الذي يطرق أبواب العلم لضخ الحياة بالإشراق. ان الألم الذي يعتصر القلوب ويخفيه كثيرون حفاظا على ما تبقى من بصيص حب للوحدة ليس الا بادرة من أجل تغيير قادم رضته الحكومة أم أبت.

أتساءل هل يا ترى بعد عشرة أعوام من الآن سيكون هناك يمن آخر .... لكن أي من اليمنين سيكون هل ذلك الذي يزدهر بالنجاحات الاقتصادية المتتالية أم بالتشرد والمجاعة وانتشار المرض والبحث عن دول تستقبل اللاجيء اليمني مع معونات دولية تعطيها بعض من دول الجوار المانحة التي ربما تمتعض ان تفتح أبوابها لتكون تلك المعونات بديلا عن ذلك .

والحق يقال ظننا في مثل هذه المناسبة أن يفاجأنا الرئيس بشيء يضيف للمستقبل بادرة كإدخال نظام التعليم عن بعد في الجامعات اليمنية أواستخدام الانترنت في كل مدرسة كخطوة رئيسية في نشر العلم واتساع المعرفة اوإقامة مؤسسة تحتضن الشباب العاطل عن العمل وتساعدهم على بذل طاقاتهم لتحسين مستوى الدخل وزيادة الانتاج، أو إنشاء مصنع للسجاد ينافس السجاد الإيراني بدلا من الخوض في غمار البحث عن اتباع الحوثيين ومؤيديهم وإلقاء التهم ما بطل منها وما صدق، أو بقدوم ثورة كهربائية تزور اليمانين كعروس انتظرت زفافها منذ العام 1994 أو ربما قبل ذلك.....وربما حين ألقى خطابه لم يسمعه كثيرون الا في اليوم التالي لانقطاع الكهرباء في منازلهم لساعات طوال..... إنه والله لأمر مخز ان نعاني شحة الكهرباء ورداءتها ونحن في الألفية الثالثة...... الامتحانات طرقت الأبواب وأولياء الأمور يوفرون الشمع لتوفير درجة واحدة تساعد على نجاح أبنائهم وهذه عادة دأب اليمانيون عليها منذ أكثر من خمسة عشر عاما ... أصبحت بحق عادة مع الزمن تضاف لنجاحات الحكومة الموقرة.

لماذا لم يفكر فخامته مثلا بالبدء بالتشهير بأسماء الفاسدين وان تكون اليمن الدولة الأولى في الشرق الأسط في هذا المجال كأندونيسا وماليزيا وبعض دول أوروبا وغيرها..... طبعا لن يتحقق ولن يكون ولن يتم وإلا تعطلت مصالح المسؤولين والسماسرة وتوقف الشعب عن إتيان مجالس القات لدى أصحاب الوساطة والقرار.

مسكينة هذه الوحدة كم علق عليها من آمال وكم قتلت أرواح وكم استبيحت أموال وأهدرت منافع وكم بنيت دور وقصور في سبيل بقائها والحفاظ عليها......هي لم تعد تريد ذلك كله هي تريد وفاء من الوريد الى الوريد ونهضة شاملة دون انقطاع للكهرباء وثورة تكنولوجية تخرج اليمن من ظلمة التخلف والتبعية عن لا وعي...وفسادا يدخل مخبأه هربا من البرد فيموت لانعدام مؤونة الشتاء.... وامرأة تمارس حقوقها دون النيل من انوثتها وامتهانها.... ومساواة في توزيع العوائد والاستثمارات والمصالح شمالاً وجنوباً.... ووطنا يطوق بالياسمين وبالحب .... فهل يا ترى تستطيعون يا أصحاب القرار هذا ليدوم دفؤها وتستأنس سباتها على ضواحي الشيخ عثمان وتنتعش بصباحها عند بوابة صنعاء القديمة.


في الإثنين 31 مايو 2010 04:59:29 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.com/articles.php?id=7229