كم أذنبتِ يا حواء...حين تعلمتِ!
فاطمة واصل
فاطمة واصل

كتب الأخ طاهر اللهبي الاسبوع الماضي في مقاله المنشور على مارب برس المعنون " في اليمن: لماذا يرفض آدم الزواج بحواء الجامعية؟" عن رؤية الرجل اليمني لليمنية المتعلمة وجمع من الأسباب ما كان منطقيا، ولكنه رسم رؤية الشارع اليمني والشباب ذوو النظرة السلبية للمراة المتعلمة. ولا أعتقد أن تلك الرؤى تعبر عن آراء الكتلة المتعلمة وأصحاب الشهادات العليا في اليمن، وإلا لخلت الجامعات من الطالبات وبقي دكاترة الجامعة يبحثون عمن يعلمون، وقد اكتسحن مقاعد الشباب في الجامعات واثبتن جدارتهن بكفاءة عالية لذا لا بد أن تذكر وتحترم.

ثم لماذا ينكر الرجل اليمني ان كثيرا من المتعلمات انصهرن بعادات المجتمع ولو كانت خاطئة وتموهن عن عدم قناعة لما تتوارثه الأجيال وخاصة الرجال بحصر طاقاتها الابداعية والانسانية كما يريد ويرغبها الرجل في وقت تتزامن فيه الكلمة الشفهية مع رسالة مقروءة في جهاز صغير. ان تحديد قدراتهن وانعدام اسلوب الحوار في حياتهن حتى مع أزواجهن لطابع السيطرة الذي يفتخر به الرجل يعود باليمن وبناتها الى الوراء ويئدهن ورودا كما وئدت الطفلة الهام البريئة . ان السيطرة كمفهوم طموح للرجل ولكنه كتطبيق لا يزيد المجتمع الا وبالاً.

منذ عهد و أزمنة ورؤية الرجل للمراة محك حديث وجدل طويلين وربما لن ينتهيا باتفاق بين كلا الجنسين او بين الجنس ونفسه..... تبقى نظرة الرجل للمراة دونية مهما ارتقى في تعليمه أو طريقة حياته أو في اتباع تعاليم ديننا الحنيف. كل يرى المراة من منظره الخاص وحتى بعد دخولنا الألفية الثالثة لا زال الخلاف نفسه قائم حول الارتباط بتلك المتعلمة من عدمه. وكأن التعليم هو السبب الوحيد المرتبط برفض الرجل الاقتران بالمرأة مع أن هناك أسباب اجتماعية وطبقية وانسانية أو ربما مرضية أحيانا تحول دون هذا.

خلقت المراة بالفطرة لتمارس امومتها وهذا أمر مقدس لا خلاف فيه أبدا ولكن الاختلاف هل المراة المتعلمة لا تمارس امومتها كما يجب أو كما تفعل ابنة الريف التي يكبر اولادها امامها كيفما كبروا بغض النظر عن اية احتياجات فطرية تنمو مع الاطفال قد تسبب لهم عجزا نفسيا او قصورا في فهم متطلبات المجتمع، فبدلا من افادته يفكرون في كيفية الاستمتاع بالساعات السليمانية او الهجرة لبلد آخر لجمع المال. تظل المراة المتعلمة على قدر من الوعي يعينها على الاقل على تخطي عقبات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والتربوية وغيرها .

يعتقد الرجل اليمني بان تلك المتعلمة التي انهت المرحلة الجامعية عانس وقد تكون لم تتعدى الثالثة والعشرين من العمر خاصة وانهن في اليمن يهدرن من اعمارهن عاما انتظارا للالتحاق بالجامعة وهذا وزر اجتماعي تتحمله الحكومة على عاتقها.، بينما يتناسون بأنها هي التي يحق لها الرفض فيشتاطون حنقا وغيظا عليها ويشنون حملات من الحديث السيء حولها وربما هي في ذات الوقت لا تكن لهم الا كل تقدير.

والعنوسة في الوقت الحاضر اصبحت خيارا للكثيرات على الزواج برجال يقيدوهن عن ممارسة تعليمهن في حياتهن العامة والخاصة أحيانا ايمانا منهم بسلطة الرجل والحياة لا تخلو من متعلمين يتزوجون بأميات يسيطرن هن على أزواجهن وحياتهم واموالهم حتى في علاقتهم الأسرية والأخوية والانسانية ظنا منهن بانها "شطارة" ولن تستطيع استيعاب الخطأ في هذا لان الجهل يسكن العقل والروح معا.

وعندما يكبر الأولاد يتذمر الأب لان وقته لا يسمح بالمذاكرة لأولاده ومتابعة واجباتهم فالام وان استطاعت القراءة فهي ليست قادرة على حل مسائل النحو والرياضيات والمعادلات الكيميائية.

بعض الرجال بحق يسعد بزوجته الأمية لانه يستطيع خداعها بسهولة ... مثلاً يشتري ما رخص ثمنه ويقنعها بارتفاع قيمته فما اشتراه من باب السباح بسهولة يكون من ماركة بيوريه ومن أحد ارقي المحلات التجارية المعروفة وهي ببراءتها تصدقه وتفرح به وهذا ما يرجوه ناسيا فيما بعد أن أولاده سيسلكون نفس النهج ويخطئون وبسهولة يقنعون والدتهم بأن ذلك الخطأ هو أصل الصواب.

حين لا نؤمن بان تلك المتعلمة قد تنهض بأمم فلا مكان للتقدم والنجاح والتقاط اليمن من هوة التخلف......... إذا لم نؤمن بحقها في الحياة ، في التعليم، في اثبات الذات ، في زحزحة عثرات الرجل لاجل وطنها واولادها فستظل اليمن تصلى ويلات الفقر والتخلف والبطالة وعمالة الأطفال والعنف الأسري الذي غالبا ما يتولد بسبب آدم.

بين مؤيد ومعارض تزداد الفجوة ولا مجال للاتفاق والرجل اليمني يرى نفسه الأحق والأجدر بالقيادة ولو كان عاطلا عن العمل، متكلا على أخواته أوأمه المتعبة في سد مصاريفه الشخصية او ربطة قاته. الأمثلة في الحياة كثيرة عن نساء تعلمن وتحملن أعباء أسرهن وعن رجال كبروا وارتادوا مجالس القات وادمنوها ونسوا واجبات الأسرة والوالدين لان حواء المكسورة مجبورة على هذا ردا لجميل الأسرة لانها تعلمت ولو كانت تقوم بذاك طواعية.

مثال حي:

أتذكر زميلة لي كانت تحكي لي عن معاناتها اثناء محاولة استخراج شهادتها الجامعية وإدراج نتيجة المادة التي ضاعت سهوا من السجل الأكاديمي ....كان مسؤول الأرشيف يتعامل معها بامتعاض حتى سألته:

-قل لي ايش اعمل الآن هذا حرام

وبكل بساطة يرد:

-انت دارية ما تفعلي..... وغدوة الشهادة تكون معش....

-تعجبت وسالته؟ يعني ايش؟

-يعني ما فهمتيش...؟

-لا

معي شقة في شارع..... ورقم تلفوني ...... عراعي لش الساعة 2.

لم تكن قادرة على الرد فما سمعته الجمها

-مالش او عتفعلي نفسش محترمة...... كلكن واحدي... تتعلمي وتشتهي تفعلي نفسش محترمة ما يسبرش يا نظر.

تركت المكان مطرقة....لانها لو هاجمت ما صدقها أحد ولانها ستتهم بأنها هي من بدأت وإلا ما بادر بهذا الحديث وبتلك الجرأة. عملت جاهدة للبحث عن نتيجة المادة التي لم تظهر وحاولت البحث عن آخرين يساعدونها وكأنها كانت تبحث عن ابرة في كومة قش.... وبدلا من ان تحتفل بشهادتها التي تنتظرها اعواما... تهدر عاما آخر من اجل مادة واحدة.

هذا مثال بسيط من أخرى كثيرة يعممها أصحاب الظن السيء والأفكار العمياء والذين يرون ان حواء المتعلمة متاح للجميع وهم بهذا يضللون من لا يزالون يحملون في انفسهم بعض خير لبنات حواء. ربما يكون هذا سبب جذري في رفض آدم لحواء المتعلمة هو الخوف منها لانها قد تكون صاحبة علاقات متعددة ولو لم تكن.. خاصة اولئك الذين يحبون اللهو معهن وعمل علاقات في الظل ولو كانت محرمة والتي ربما تحرج من ذكرها الأخ طاهر اللهبي في مقاله المذكور آنفا... كان تحرجا ينم عن حرص شديد في انتقاء الافكار.

"إن زوجتي هي التي جعلت مني من أكون " هكذا قال بسمارك..... وهكذا لا تنتهي فصول الشقاء مع حواء في اليمن.


في الخميس 22 إبريل-نيسان 2010 04:15:26 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.com/articles.php?id=6945