التعليم العالي تصدر مشاكلها للخارج وملحقية ماليزيا تبرر فشلها بتسييس حقوق الطلاب
علي مهدي الحرازي
علي مهدي الحرازي

أصبحت معاناة الطلبة اليمنيين الدارسين في الخارج مادة إعلامية دسمة تتصدر عناوين الصحف المطبوعة و الإلكترونية ،خصوصاً في الفترة الأخيرة من أجل إيصال قضايا الطلاب إلى الجهات المعنية في الداخل و العمل على حلها ، لكن للأسف الصحف لم تتعامل مع معاناة الطلاب بمهنية صحافية عالية و كذلك وزارة التعليم العالي لم تتعاطى مع المشاكل بجدية الأمر الذي أدى الى تشويه صورة الطلبة اليمنيين الدارسين في الخارج بل تعد الأمر إلى الإساءة لسمعة اليمن بشكل عام .

من خلال إطلاعي على مشاكل الطلبة اليمنيين الدارسين في ماليزيا وجدت بأن المشكلة مالية إضافة الى فشل الملحقية الثقافية إدارياً مما أدى الى تفاقمها فعلى سبيل المثال الملحقية الثقافية بماليزيا تصر على خصم (500 الى 1000 دولار) من رسوم الطلاب الدراسية المحددة بقرار إيفادهم (3000 دولار إمريكي) مدعيه بأن رسوم الجامعات الماليزية الحكومية رخيصة و هذا غير صحيح الأمر الذي أدى الى سخط الطلاب لقرار الخصم التعسفي و صعدت القضية للإعتصامات الطلابية بسبب قصور في فهم معنى الرسوم الدراسية وهناك وجهتي نظر بذلك:

الرسوم الدراسية في قانون البعثات اليمني

الرسوم الدراسية تشمل رسوم التسجيل + رسوم المواد الدراسية أو رسوم البحث + المكتبة + تأمين صحي

الرسوم الدراسية لطلاب الدول الأخرى في ماليزيا و المتعارف عليه

الرسوم الدراسية تشمل رسوم التسجيل + رسوم المواد أو البحث + المكتبة + المكتبة + فحص طبي + رسوم فيزا طلابية + قيمة كتب و الإشتراك في المجلات العلمية + رسوم المشاركة في مؤتمرات علمية + رسوم النشر العلمي + تأمين صحي لجميع أفراد العائلة + رسوم السكن +مصاريف بحثيه أخرى .

لذا نستنتج بأن الفراغ القانوني في لوائح وقانون البعثات أهم أسباب المشاكل التي تعترض الطلاب اليمنيين نظراً لعدم تحديث قانون البعثات وعدم مواكبته لمتطلبات الطالب الدراسية ، لذا أصبح الطالب اليمني الموفد للدراسة في ماليزيا هو الأسوأ مادياً مقارنة بأوضاع الطلبة الموفدين من الدول الأخرى و ليس من باب المبالغة لو قلت بأن وضع الطالب السوداني الموفد الى ماليزيا أفضل بكثير من نظيره اليمني ، فحكومة السودان رغم شحه مواردها تعتمد لمبعوثيها الطلاب في ماليزيا ما يفوق ضعف ما يتقاضه الطالب اليمني من حكومته .

قصور إداري في وزارة التعليم العالي

اليمن والسودان قد تكونان متقاربتان من حيث المستوى الإقتصادي لكن الفرق يكمن بأن وزارة التعليم العالي السودانية تعتمد التخطيط في عملية إيفاد طلابها فارتكزت على الكيف فالإيفاد محصور بطلبة الدراسات العليا فقط بينما يحدث العكس في اليمن فوزارة التعليم العالي ركزت على الكم إذ يقدر عدد الطلبة اليمنيين المبتعثين للدراسة في الخارج بـ 7800 طالب و طالبة من وزارة التعليم العالي فقط إضافة الى وجود 3000 طالب و طالبة تقريباً مبتعثين من الجامعات اليمنية و بقية الوزارات و المؤسسات الحكومية ليصل إجمالي عدد الطلبة اليمنيين المبتعثين للخارج الى 10800 طالب و طالبة تقريباً.

فعشوائية عملية الإيفاد ولدت مانسبته 70% من إجمالي عدد الطلبة اليمنيين المبتعثين في الخارج يدرسون في مجال الدراسات الجامعية (بكالوريوس) وهذا ما يعني إهدار لإموال الدولة فجامعاتنا اليمنية يوجد بها جميع التخصصات بالنسبة لدراسة البكالوريوس و أنحصرت نسبة طلاب الدراسات العليا اليمنيين الموفدين بــ 30% .

الإستمرار بالخطأ بدلاً من حل المشكلة

 نظراً لإستمرار وزارة التعليم العالي في إصدار قرارات إيفاد طلاب للخارج بسبب الفساد المالي و الإداري مما أدئ الى تحميل ميزانية الوزارة المالية فوق طاقتها ( إصدار قرارات إيفاد دون وجود إعتماد مالي كافي ) و بالتالي وجدت المشاكل المالية في الملحقيات الثقافية و على وجهة الخصوص في ماليزيا فالأجدر باوزارة التعليم العالي أن ترفع المخصصات المالية للطلاب اليمنيين المبتعثين للدراسة في الخارج حالياً و توقف عملية الإيفاد العشوائي في مجال الدراسات الجامعية فبدلاً من أرسال 2100 طالب الى ماليزيا كان الأحرى إرسال 1000 طالب مع رفع مخصصاتهم المالية.

عدم تحديث قانون البعثات و لائحته التنفيذية

من المتعارف بأن القوانيين و التشريعات في المنظمات الحكومية و الغير حكومية تخضع بين الحين و الأخر الى عملية تجديد و تغيير من أجل أن تواكب متغيرات البيئة المحيطة ، فقانون البعثات و لائحته التنفيذية لم يطرأ عليهم أي تعديل أو تحديث منذ عام 2003 م ، برغم تربع وزير التعليم العالي على كرسي الوزارة منذ أكثر من ثلاث سنوات لم يحدث إي تغيير نحو الأحسن بل ما زاد الطين بله هو قيام الوزارة بتصدير أزماتها الى الملحقيات الثقافية عبر إصدار أوامر بتوفير مبالغ مالية لمواجهة عجز ميزانية الوزارة بسبب إبتعاث طلاب جدد بطريقة مفرطة و عشوائية ففي عام 2007م أرسلت الوزارة 3002 طالب بدون رسوم دراسية.

هموم الطالب اليمني في ماليزيا

إرتفاع تكاليف الحياة المعيشية في ماليزيا و تراجع صرف الدولار الأمريكي أمام العملة الماليزية (الرينجت) أثقل كاهل الطلاب اليمنيين الموفدين الى ماليزيا و المقدر عددهم بــ 2100 طالب و طالبة الأمر الذي دفع بعدد من الطلاب الإكتفاء بوجبة طعام واحدة في اليوم نظراً لشحة المساعدة المالية الربع سنوية و المقدرة بــ 1060 دولار بالنسبة لطلاب الدراسات الجامعية 1560 دولار لطلاب الدراسات العليا .

فضآلة المساعدة المالية أجبرت بعض الطلاب اليمنيين الى العمل في المطاعم و المكتبات أو الإمتهان بإعداد أبحاث و دراسات لطلاب أجانب أو يمنيين ذوي دخل عالي مقابل الحصول على المال من أجل توفير متطلبات الحياة هكذا هو وضع الطالب اليمني في ماليزيا بين هم التحصيل العلمي و البحث عن لقمة العيش .

المضاربين الجدد في بورصة معاناه الطلاب اليمنيين

لقد شهدت ماليزيا منذ عام 2007 تدفق لجان حكومية من أجل حل مشاكل الطلبة اليمنيين مع الملحقية الثقافية ، كالجنة مجلس النواب من أجل رفع مستحقات الطلاب ، لجنة هيئة مكافحة الفساد من اجل التحقيق بقضايا فساد الملحقية الثقافية و لجان وزارة التعليم العالي ، و جميعهم اجتمع و وعد الطلاب بحل المعاناه و الى الأن لم يتحقق شيء و أدركت بأن زيارة اللجان كان لغرض السياحة و أيضا من أجل الظهور الإعلامي و ظل الحال على ما هو علية فموضوع زيادة مخصصات طلاب ماليزيا لا يحتاج الى لجان و إنفاق أموال طائلة كبدل سفر وقيمة تذاكر لجميع الوفود بل كان الأفضل إستخدام تكنولوجيا الإنترنت من أجل معرفة مستوى المعيشة في إي دولة وقياس مقدار الزيادة عليها بدلاً من الفساد و التلاعب بمشاعر الطلبة اليمنيين الدارسين في الخارج .

لا يوجد قانون يحدد شروط تعيين المستشارين الثقافيين

 فعلى سبيل المثال لا الحصر المستشار الثقافي في ماليزيا رغم إحترامي لشخصة الكريم لكن لا يجيد التحدث باللغة الإنجليزية و من هنا يجب على وزارة التعليم العالي إصدار قانون يحدد شروط تعيين المستشارين الثقافيين ومساعديهم ولا أن لا يخضع للعشوائية و المزاجية ، و ما أثار أستغرابي بأن المستشار الثقافي في ماليزيا يطالب بأن يبتعث الطلاب الى ماليزيا و هم حاصلين على شهادة التوفل في اللغة الإنجليزية بينما لا يوجد أحد من مستشاري الملحقية الثقافية في ماليزيا يجيد اللغة الإنجليزية فافاقد الشيء لا يعطيه .

و من خلال إطلاعي على الثقافة الماليزية فأن الجامعات أو إي مؤسسات أخرى تستنقص من قيمة الشخص الذي لا يستطيع إيصال رسالة إتصالية و هذا ما يعرضنا للحرج كطلاب مع جامعاتنا عند لقاء مسؤلي الملحقية الثقافية برؤساء الجامعات الماليزية . و نطلب من وزارة التعليم العالي أن تدرج بند إجادة اللغة الإنجليزية بمهارة الى قائمة شروط تعيين المستشاريين الثقافيين و مساعديهم . 

واقع الملحقيات الثقافية ماليزيا نموذجاً

لعل الإعتصامات الطلابية المتكررة خير دليل على فشل طاقم الملحقية الثقافية إدارياً الأمر الذي دفع بالمستشار الثقافي الى محاولة التلاعب بالرأي العام من خلال تحويره للمطالب الطلابية الحقوقية الى مماحكات سياسية . فالرسوم الدراسية المعتمده من وزارة التعليم لأغلب الطلاب هي 3000 دولار ، فالمستشار الثقافي بماليزيا يدعي بأنه يكرم الطلاب و يعطيهم مبالغ إضافية تقدر 800 دولار لطلاب الدراسات الجامعية و 1200 دولار للدراسات العليا ، و هذا غير صحيح فالتكريم لا يأتي بما هو معتمد للطالب بقراره الوزاري بل يكون مبلغ منفصل .

مبلغ 3000 دولار لا تفي بتغطية متطلبات الطلاب الدراسية في ماليزيا فنظره الملحقية الثقافية قاصرة في هذا الجانب بتركيز على قيمة رسوم التسجيل وا لمواد الدراسية فقط . و أريد أوضح بأن الطالب اليمني بماليزيا يجب علية أن يملك جهاز كمبيوتر محمول كي يسهل مهمته في عملية الدراسة و من المستحيل طالب يدرس دون ان يملك جهاز كمبيوتر إضافة ان الطلاب ملزمين بشراء الكتب الدراسية و الإشتراك بالمؤتمرات العلمية و المجلات العلمية و كل هذا يتطلب مصاريف بحثية وغيرها من المتطلبات .

فمشكلة الطالب اليمني مع الملحقية الثقافية بشأن الرسوم ليست سياسية كما يدعي المستشار الثقافي و يحاول الترويج لها تاره بأسم متطرفين إصلاحين و تاره بأنه محارب لانه من الجنوب بل الحقيقة بأن هي مطالب حقوقية و كان علية ان يكون امين في نقل المعلومة بدلاً من التضليل فوضع الطالب المادي في ماليزيا لا يحتاج الى مزايدة سياسية و أنا أوضح لوزير التعليم العالي عند قرئتي لأحدى مقابلته بأن الملحقية الثقافية بماليزيا تقاسم الطلاب الرسوم و كأن موضوع هو مقاسمة تركة مالية كبيرة فهذا غير منطقي فعلى الوزير ان يتحقق من كل شيء ينقل إلية .

مستشار ثقافي أم محاسب مالي

تحولت وظيفة المستشار الثقافي في ماليزيا الى محاسب و أصبح همه الشاغل الاستقطاعات من رسوم الطلاب بطريقة غير قانونية مستمداً قوته من وزير التعليم العالي باعتباره صديق دراسة قديم . فانحصرت مهمة المستشاري الملحقية الثقافية بماليزيا البحث عن عمولات من الجامعات الماليزية على حساب مصلحة الطلاب . فعلى سبيل المثال الجامعة الإسلامية كرمت الطلاب اليمنيين الأوائل بمنحهم مقاعد مجانية نتيجة لتميزهم العلمي

لكن للأسف الملحقية الثقافية دخلت كطرف ثالث و منعت الجامعة من منح الطلاب مقاعد مجانية بسبب انها ستعطيها لطلاب آخرين رغم علم الملحقية بأن الجامعات الماليزية تحفز طلابها المتفوقين عبر منحهم امتيازات خاصة على هيئة منح داخلية مقاعد مجانية .

وظيفة الملحقية الثقافية بماليزيا أفرغت من مضمونها

عمل الملحقية الثقافية في ماليزيا أفرغ من مضمونه و تحول الى صندوق مالي يبحث توفير الــ 200 دولار و الــ 500 دولار متناسين بأن الطلاب اليمني يواجه الصعوبات عند اختيار عينة بحثه على اليمن و ذلك لشحة المعلومات و ما يتطلب منه الذهاب و العودة لليمن مرات عديدة بل و أبسط شيء عجزت الملحقية الثقافية عن توثيق أبحاث و أطروحات الطلاب المتخرجين و كأنها غير معنية بالأمر ناهيك عن تردي علاقة الملحقية الثقافية بمؤسسات التعليم العالي الماليزية الى وصلت مع بعضها الى المحاكم الماليزية بسبب عدم تسديد التزاماتها المالية .

وفي الأخير أناشد فخامة رئيس الجمهورية أن يتعرف على منهم أعداء الوطن الحقيقيين والى أين وصلت معاناة أبناءه الطلاب في الخارج في ظل الارتفاع العالمي للأسعار و بعدما فقدنا الأمل بلجان مجلس النواب و هيئة مكافحة الفساد و حتى بوزير التعليم العالي من أجل إصلاح الأوضاع بدلاً من المزايدة بإصدار دليل عن تنفيذ برنامجك الانتخابي الذي أهمل حقوقنا و دون مراعاة بأنا نحن قادة الغد .

  • باحث في مجال القانون الدولي - جامعة ( UM )

  fact_man55@yahoo.com

 
في الإثنين 27 يوليو-تموز 2009 08:50:27 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.com/articles.php?id=5628