الدبة ب 4000 ورحم الله أيام علي!
حبيب العزي
حبيب العزي

بقدرة قادر .. وبعصى موسى .. وفانوس علاء الدين السحري، اختفت طوابير المشتقات النفطية  بعموم محافظات الجمهورية في ظرف يوم واحد، و يا لله.. ما هذه القدرة الخارقة التي تمتلكها حكومتنا الموقرة؟! والتي لطالما وصفناها بالعجز، واستطاعت تحقيق هذا الإنجاز الخرافي بليلة واحدة، ولكن إذا عُرف السبب بطل العجب، فقد تحقق للحكومة هدفها ومطلبها الرئيس وهو رفع الدعم عن المشتقات النفطية، وهو الهدف الذي ظلت طوال الخمسة أشهر الماضية وهي "تحوم وتلف وتدور من أجل تحقيقه، بس ماهي دارية من أين تجزع للمواطن، هل تدخل عليه من الباب، أو تقفز له من الطاقة واللي بايقع يقع، ولسان حالها يقول: يلاّ هو أصلاً قد نُصُّه فرادع ودكمات خِلقة، وزيد قده آلف "ملاطيم" من كثرة المظاريب والمهاترة داخل الطوابير، وماعد بيضره شيء لو زدنا أبوه دهفة .. أكيد بيتحمل لأنه شعب "مضربة" بالفطرة.

الله أكبر عليكم "يا ....." .. طيب ليش عد أتعبتم الخلق خمسة شهور واقفين في طوابير طويلة، "يترافسوا" بينهم البين كل هذه المدة الطويلة، لدرجة أن هناك من سقطوا قتلى وكانوا ضحايا بسبب هذه الأزمة، لكن أكيد يا "نزغات" أن هذه كانت خطتكم علشان المواطن بعد ذلك يقبل بالأمرالواقع، بعد ما يشوف التعب والبهذلة في الطوابير ..وما أدراك ما طوابير البترول والديزل..! ثم بعدها يستسلم ويقول: الحمد لله يا جماعة إنه توفر ومش مشكلة التكلفة..!، وهات على هذا الرحيل يا مواطن "جِرَّاع وملاطيم".

الحكومة "الموقرة" ظلت طوال ستة أشهر وهي تحاول إقناعنا بأنه لا يوجد أزمة مشتقات نفطية من الأساس، وإنما هناك عمليات تهريب وتقطعات للناقلات من قبل عصابات ومخربين، وأن المواطنين أنفسهم وأصحاب المحطات يقومون بتخزين كميات كبيرة فوق احتياجاتهم، مما يزيد من تفاقم المشكلة.... الخ من هذه المبررات، ولكن يبقى السؤال الجوهري هو: كيف توفرت المشتقات في ظرف يوم واحد بعموم المحافظات؟! بعد إعلان رفع الدعم مباشرة مع أنها كانت معدومة تماماً، والجواب ببساطة شديدة، هو أن هناك لوبي فساد وقوى متنفذة داخل أروقة وزارة النفط وداخل كل مؤسسات الدولة المختلفة، هي من تتلاعب بالمشتقات، تُخفيها متى شاءت وتُظهِرها متى شاءت، ولازالت –وستظل- تعبث بهذا الوطن وتنهب ثرواته، وتتحدى كل إرادة مخلصة تريد له الخير، والحكومة –بعمومها- مشلولة تماماً وعاجزة عن التصدي لها.

الأمر الآخر المثير للانتباه والذي تزامن بقوة مع إقرار الجرعة ورفع الدعم، هو بروز تيار كان متواجد أصلاً، ولكن علت أصواته بشكل واضح وملفت مع هذه الأزمة، خصوصاً في الأسواق العامة ووسائل المواصلات، مستغلاً هذا الحدث و"سذاجة" أو لنقل طيابة هذا الشعب المسكين، وذلك بإطلاق عبارات مثل "الله يرحم أيام علي" ، "رجعوا لنا علي"، "الله يحفظك يا علي"، "قد كنا بخير أيام علي قلتم تشتوا ثورة .. هيا أتجرعوا مذلحين" " هذه نتائج ثورة الشباب" ... الخ... الخ .. من هذه العبارات، في محاولة لإلصاق التهمة بالثورة وكل القوى المساندة لها في كل ما يلحق اليوم بالوطن من أزمات ومصائب، في حين أن هذه الأبواق التي تعمل بالأجرة لحساب صانعي الأزمات الحقيقيين، هي من تجلب الخراب للوطن، وهي من تدمر أنابيب النفط وأبراج الكهرباء، وهي التي باعت نفسها للشيطان، كما باعت الوطن والمواطن مقابل حفنات من الدولارات، تسلمتها –ولاتزال- من جهات خارجية معروفة، وهي من تقف اليوم وراء كل هذه المصائب والأزمات.

أرجوا أن لا ينسى الرئيس هادي ومعه حكومة الوفاق، أو يتناسوا أنهم هم بالأساس نتاج لثورة الشباب السلمية ، ولولاها لما وصلوا لهذه المناصب أصلاً، وعليه كان يجب أن يبحثوا عن حلول وبدائل أخرى كثيرة عن رفع الدعم، الذي لن يتضرر منه إلا الفقراء ومحدودي الدخل من المواطنين، كما كان يتوجب عليهم خلال السنوات الماضية العمل بكل حزم ل لقضاء على منظومة الفساد وتجفيف منابعه، وترشيد الإنفاق الحكومي، وكذا الاصلاح المالي والإداري، واستقطاع نسبة معينة من موازنة كل وزارة بشكل قسري – إذا لزم الأمر- ضمن خطة متكاملة ومدروسة للتقشف، ليس بالأقول ولكن بالأفعال.

الحكومة اليوم ملزمة بإصدار توضيح يفهمه المواطن البسيط حول الأسباب التي دفعتها لرفع الدعم عن المشتقات النفطية، لأن الحديث عن ضغوط الدول المانحة وصندوق النقد الدولي، هذا حديث لا يفهمه المواطن البسيط، وهو ليس معنياً بفهمه بالضروة، كما عليها أن تعلن تسعيرة رسمية لبعض الأمور الهامة التي تمس حياة المواطن اليومية وأولها أجور النقل والمواصلات، التي ارتفعت مباشرة إلى 100 ريال للراكب الواحد في الحافلات ووسائل النقل الداخلية، وكذلك أجور النقل بين المحافظات، وعمل تسعيرة رسمية لأهم السلع الغذائية المهمة، وتعميم ذلك في وسائل الإعلام المختلفة، واتخاذ التدابير القانونية اللازمة للمخالفين، حتى لا تُزيد من وتيرة الفوضى والاقتتال بين الناس، وهذا أقل ما يمكن أن تقوم به اليوم وبشكل عاجل ولا يحتمل التأخير.

 
في السبت 02 أغسطس-آب 2014 11:46:24 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.com/articles.php?id=40164