الاحزاب اليمنية تحت المجهر
نجلاء حسن

بعد مرور أكثر من 17 عاماً من عمر الوحدة والتجربة الديمقراطية، كيف يبدو المشهد السياسي والتعددي في اليمن؟؟ ما الذي استجد في واقع الحياة السياسية والحزبية؟ وإلى أي مدى نضجت التجربة السياسية داخل الأحزاب وفي تكويناتها التنظيمية؟ هل انتقل الفكر التعددي والديمقراطي من طور التنظير والشعارات إلى البرامج ومصداقية التطبيق على الواقع العملي الذي يعكس جماهيريتها وتأثيرها على اتجاهات الناخبين في صناديق اقتراعها؟ هل أصبحت الديمقراطية داخل الأحزاب سلوكاً وممارسة فعلية في أطرها وتراتبيتها الداخلية قبل الدعوة إلى المزيد من الديمقراطية الحقيقية؟؟ ما الذي تبقى من غبار الشمولية في الذهنية الحزبية ، وما الذي استجد على صعيد التعاطي السياسي الخلاق مع تفاعلات الوطن وأولوياته وطموحات جماهيره هل ارتقت الأحزاب إلى مستوى العمل المؤسسي المنشود؟ هل تتحرك الأحزاب في مساحة ملائمة؟، أم تضيق بها أرضية الملعب السياسي لدرجة تكبح طموح الوصول إلى الجماهير؟، أم أن التحديات أكبر من قدرتها على التقدم؟؟

 كيف ينظر الحزبيون والمراقبون إلى الدور الذي تلعبه الأحزاب في خدمة المواطن من ناحية، وفي خدمة التجربة الديمقراطية والحراك السياسي من ناحية أخرى؟ ما الذي استفادته الأحزاب خلال 17 عاماً من الديمقراطية، وما الذي قدمته للمجتمع؟؟وهل الرؤى بحجم ما نراه اليوم على صعيد كافة الأحزاب؟؟

هذه المحاور وغيرها، أصبحت مثار تساؤلات الرأي العام في مرحلة احتقان سياسي تشظت أوراقه، وتعمقت فجوته بين الفرقاء، على حساب استقرار مجتمع أرهقته جعجعة الأحزاب، دون أن يرى طحيناً بحجم شعاراتها وكل خطاباتها منذ قيام الوحدة. 

قيادات الأحزاب وشخصيات أكاديمية وممثلو مجتمع مدني وقادة رأي، قيموا وضع الأحزاب السياسية، وتحدثوا لـ(الغد) بآراء عكست تباين ألوان الطيف السياسي في اليمن.. وهذه خلاصتها:

خيبة أمل

الدكتور احمد الدغشي – أستاذ التربية بجامعة صنعاء – أكد بأن واقع الأحزاب السياسية سواء في السلطة أم في المعارضة واقع له من الايجابيات وعليه من المآخذ ، إلا أن السمة السائدة على الأحزاب السياسية هي تجارة الشعارات والمزايدة في المناسبات والمختلفة والضعف في الأداء والتراجع عن القيام بأدوارها وواجباتها المفترضة.

وأشار إلى أن أحزاب المعارضة تعاني من اختلاف فيما بينها من حيث الفكر والممارسة ، وقال بأنها تمارس "تجارة الشعارات والحديث المستبسل في المناسبات المختلفة"، متسائلا:" لا ندري إذا ما أصبحت تحت المحك فعلاً هل ستختلف عن السلطة؟".

وأوضح الدغشي بأن أحزاب المعارضة يجب أن تعمل على بناء مؤسساتها الداخلية بناءً يجعلها مميزة إيجابا عن السلطة ، مشددا على ضرورة أن تولي هذه الأحزاب اهتماما حقيقيا بمنهجية التقويم الداخلي وبناء أفرادها والإيمان فعلا بالتداول السلمي للمواقع القيادية فيها على مستوياتها المختلفة قبل أن تتحدث عن السلطة. منتقداً أحزاب المعارضة التي قال بأن أكثرها وقعت في نفس الشرك والمشكلة التي تنتقد بها السلطة، وقال: "عند النظر إلى هذه الأحزاب تجد أن قياداتها معتقون، وإن حدث تغيير فهو تغيير شكلي من موقع إلى آخر ، ولم تختلف عن السلطة شيئا يذكر".

وعن المؤتمر الشعبي العام قال :" أنا أميل إلى انه ليس حزبا بالمعنى التقليدي أو المتعارف عليه ، بل هو تجمع إلى المصلحة اقرب منه إلى الفكر".

وأكد بأن أحزاب المعارضة تعاني من انفصام وانفصال بين القيادات والجماهير ، وقال بأن الأحزاب السياسية عندما أخفقت في القيام بأدوارها المفترضة بعيداً عن التنظير والمزايدات لكأنما أعلنت إفلاسها وأتاحت الفرصة للقوى التقليدية أن تحل محلها وان تسد الخلل والقصور الموجود.

وارجع الدغشي القصور الذي تعاني منه الأحزاب السياسية حول فاعليتها في المجتمع إلى سلوك بعض القيادات المتنفذة فيها والذي قال بأنه ليس بالمستوى الذي يمكن أن يكون قدوة يجعل من الجماهير واثقة ومعلقة الأمل بها ، بالإضافة إلى أن هناك مواقف وإحداثا حصلت وشكلت خيبة أمل كبيرة في هذه الأحزاب ، مشيرا في هذا الصدد إلى الأوضاع السيئة التي يعاني منها الناس والتي قال بأنه كان يفترض أن تبادر الأحزاب إلى دور وموقف قوي وحازم وليس مجرد موقف تكتيكي لتحقيق بعض المكاسب ، مؤكدا بأن هذا هو الذي أفضى إلى أن تتراجع ادوار الأحزاب السياسية لصالح غيرها وان تفقد الثقة المفترضة فيها .

وشدد الدغشي على ضرورة أن تكون للأحزاب أنشطة جماهيرية وخدمية كالعمل الاجتماعي والخيري والإغاثي والإنساني والثقافي والأدبي والفكري ، وقال بأن المعارضة تستطيع أن تقوم بالكثير من الأدوار والوظائف الاجتماعية حتى لا يظل دورها مجرد تَسقُّط أخطاء السلطة.

الكل لم يتعلم

عبد العزيز جباري- عضو مجلس النواب عن المؤتمر– ذهب إلى القول بأن اليمن ما تزال في ألف باء الديمقراطية ، ولم تمارس القوى السياسية أدوارها الديمقراطية، سواء كنظام حاكم أو كأحزاب ديمقراطية، بالشكل الصحيح الذي يفترض أن يكون. موضحا بأن الأحزاب السياسية جميعا بلا استثناء وبما فيها الحزب الحاكم لم تمارس الديمقراطية بالشكل الصحيح، وقال: "قيادات الأحزاب في وادٍ، وقواعدها في وادٍ آخر، وكلٌ يغني على ليلاه".

وأكد جباري بأن الأحزاب السياسية لم تلبِّ طموحات الجماهير ،وقال بأن "الجماهير تريد من الأحزاب السياسية الفاعلة أن تترجم طموحاتها في الحياة الكريمة وحقها من متطلبات الحياة والدفاع عن قضاياها والحريات العامة، ولكن إلى الآن لم تقم بهذا الدور ".

وأشار إلى أن أسباب قصور هذه الأحزاب عن القيام بدورها تجاه المجتمع تكمن في قصر التجربة، وان الأحزاب لم تحاول أن تتعلم وان تطور من تجربتها ،مؤكدا بأنه كلما مضت الأيام تتحول الأمور إلى الأسوأ فيما يخص مفهوم هذه الأحزاب للديمقراطية والرأي والرأي الآخر والتبادل السلمي للسلطة ، وقال: "أصبح لكل حزب مفهومه الخاص وأسلوبه الخاص ولم نستطع إلى الآن أن نضع أقدامنا على الطريق الصحيح".

الثقافة الشمولية سائدة

احمد الصوفي-أمين عام المعهد اليمني لتنمية الديمقراطية – أكد بأن واقع الأحزاب السياسية والحياة التنظيمية لهذه الأحزاب والحياة التنظيمية عموما لم يحدث فيها أي تجديد أو أي انفتاح تنظيمي رغم مرور 17 عاما..

وأوضح بأن قادة الأمس والثقافة الشمولية التي كانت سائدة مازالت هي من تقود الأحزاب السياسية ،وقال "رموز الأمس لازالوا هم من يقودون التجربة السياسية والتعددية الجديدة في اليمن وبالتالي فان هذه الأحزاب تعيش حالة احتقانات وحالة اجترار للأزمات التي يقتات منها البعض ممن لا يشعرون بوجودهم إلا إذا صنعوا أزمات داخل أحزابهم وفي إطار المجتمع ومع النظام ".

وخلص الصوفي إلى أن الديمقراطية اليمنية تمر بأزمة حقيقية تتمثل في أن طبقة الوعي والطبقة الاجتماعية والسياسية لازالت ذات الطبقة القديمة والعتيقة التي تحاول أن تشد التجربة الديمقراطية إلى الوراء وان تقحمها في أوضاع مأزومة حتى تكون رقما. مضيفاً: "إن هذه الطبقة القديمة"لا تساعد على بناء رؤية وطنية واعدة أو مشروع وطني واعد يركز على حاجات المستقبل". وقال بأنها مازالت منشدة إلى الماضي وعندما تتأزم أوضاعها تعيد إنتاج أزمات أو ضغوط التغييرات الكبيرة التي حدثت لتجعل منها ورقة للمساومة أو للضغط على منظومة الحياة السياسية ، محذراً من أن هناك كارثة كبرى إذا ما استمر الأمر على هذا الحال الذي لا يبشر بأن الديمقراطية اليمنية لها مستقبل بفعّـل هذه القوى..

وأشار الصوفي إلى أن هناك نوعاً من الانفصال في الأحزاب السياسية بين القيادات والقواعد التنظيمية، لأن مستوى الوعي ومستوى الحاجات وطبيعة التغيرات التي حدثت على القاعدة وطبيعة التفاعل اليومي لكل فرد في هذه الأحزاب مع حاجات الوطن وحاجات المجتمع، جعلت القواعد بعيدة كل البعد عن الرموز السياسية الحزبية التي تقود الأحزاب سواء في العاصمة أو المركز . وقال: "عندما تتحدث إلى أي عضو حزبي في أي حزب من الأحزاب تجد أن بالإمكان أن تلتقي معه في كل القضايا أو حتى في معظمها ،لكنك لا تستطيع أن تلتقي مع رموز المشترك مثلا حول مبادئ تغيير قانون الانتخابات وضرورته وحاجاته، ولابد أن تدخل في مساومات الذات القيادية لهذه الأحزاب، والحسابات الخاصة جدا تطفو على السطح إلى درجة أن القضية تضيع ، وتصبح مبادئ الحوار أهم من قضايا الحوار، وأطراف الحوار أهم من ضرورات الحوار".

وعن فاعلية الأحزاب السياسية في المجتمع أفاد الصوفي بأن هناك ثقافة لازالت بعيدة عن التكيف مع حاجات الديمقراطية ،موضحا بأن إحدى هذه الحاجات أن تقدم الأحزاب للمجتمع مفردات وقضايا وبرامج ومشاريع تتلمس حاجات هذا المجتمع ،وقال: "عندما لا تنزل الأحزاب بهيكلها وبرامجها ومشاريعها وأسلوب أدائها إلى الشارع وتستجيب له ولا تقوده وراءها لا يمكن أن نتكلم عن علاقة لهذه الأحزاب مع الجماهير".

وانتقد الصوفي ما اسماه بالعلاقة النفعية التي تنشأ بين الأحزاب والجماهير بين الحين والآخر، وبالأخص في المواسم الانتخابية وان تلجأ الأحزاب إلى تقديم خطابات سياسية لكي تقول بأنها تقود الجماهير فقط دون أن تعبر عن مشاعرهم ،معتبرا ذلك بأنه قطيعة خطيرة جدا ونرجسية مميتة".

المعارضة جادة

علي الصراري – الصحفي والسياسي المعروف(اشتراكي)- أكد على أن أحزاب المعارضة جادة في ممارستها للديمقراطية في حياتها السياسية وعلى أنها قد قطعت شوطا مهما في هذا المجال.

وأشار إلى أن موضوع الديمقراطية يجب أن يناقش ليس باعتبارها جزءا من الحياة الداخلية للأحزاب وإنما بوصفها صيغة سياسية لإدارة البلد، وقال بأن الجدير بالمناقشة هو أزمة الديمقراطية عندما لا يتاح للشعب حق الاختيار بحرية وعدم إتاحة فرص متكافئة أمام جميع المتنافسين ،مؤكدا بأن الحديث عن الأحزاب وما تمارسه من ديمقراطية في إطارها مسألة ثانوية، وقال بأن الديمقراطية داخل الأحزاب أكثر صحية من الديمقراطية في المجتمع..

وأوضح بأن الأحزاب التي عقدت مؤتمراتها عملت تغييرا كبيرا في بنية قياداتها ،كالإصلاح والحزب الاشتراكي، مستثنيا المؤتمر الشعبي العام الذي قال بأنه اقل الأحزاب قدرة على التجديد لأنه لا يتمتع ببنية تنظيمية كباقي الأحزاب، وقال بأن المؤتمر عبارة عن "جهاز سياسي" ملحق بدوائر السلطة ، وأي تغييرات في بنيته القيادية هي مجرد تغييرات شكلية، لأن القرار داخل المؤتمر هو قرار رئيس المؤتمر وليس قرار هيئاته القيادية، والمؤتمر من هذه الناحية هو اقل الأحزاب اهتماما بالتغيير واهتماما بالتجديد وتغيير منهجه في التفكير ومنهجه في اتخاذ القرار وفي إدارة أوضاعه الداخلية ".

وأضاف :"القرار في المؤتمر الشعبي العام لا يتخذ داخل المؤتمر وإنما في مكان آخر، والمؤتمر هو عبارة عن "آلة" يتم تحريكها في مناسبات معينة ولأهداف معينة، ولكن ليس المؤتمر هو الذي يرسم هذه الأهداف ومن يحدد شكل ومضمون حركته في الحياة السياسية، وهو عبارة عن جهاز سياسي ملحق بإدارة السلطة ".

موضحا في هذا السياق بأن المؤتمر الشعبي العام مع افتراض انه تنظيم له وجود حقيقي فانه مصادر من قياداته، وقال بأن هناك "مركز داخل هذه القيادات يعتبر هو المركز الحاكم الذي يقرر كل شيء، وبقية الأشكال والمسميات فيه هي مجرد مسميات شكلية".

وأكد الصراري على أن هناك قدرا كبيراً من التناغم بين القيادة والقاعدة في أحزاب المعارضة ، معترفاً بوجود صعوبات كثيرة لا تسمح لها بأن تمارس دورها بفاعلية كبيرة ،وقال بأن هذه الصعوبات بدرجة أساسية صعوبات مزروعة أمام هذه الأحزاب من قبل النظام الذي يمارس نوعا من الحصار الإعلامي والحصار المادي والحصار الذي يطال الموظفين من أعضاء هذه الأحزاب في الجهاز الإداري الذين يتم طردهم ومعاقبتهم بسبب انتماءاتهم الحزبية.

وأوضح "بأن هذه الصعوبات تقلل من فاعلية الأحزاب". إلا انه أكد "بأن الأحزاب كصيغ تنظيمية وسياسية يتوفر لها قدر من الانسجام الداخلي، وتبذل جهداً خارقاً في سبيل أن تبقي مواقعها ومكانتها في الحياة السياسية".

وأكد بأن برنامج الإصلاح السياسي والوطني الشامل الذي تبنته أحزاب المعارضة يتمثل القضايا الحقيقية للناس والحلول الواقعية لمعالجة مشاكل البلاد، موضحا بأن المطالبة بتحريك المعارضة للشارع هي مطالبة أكثر مما يجب لأن قضايا الناس لا تستطيع أحزاب المعارضة أن تنوب عنهم في الدفاع عنها، وقال: "أحزاب المعارضة تستطيع أن تقوم مع الناس عندما يفهموا قضاياهم ويعملوا من اجل تحقيقها، وإذا خرجوا من اجل المطالبة بحقوقهم فسنكون نحن في المعارضة في الصف الأول بينهم، ولكننا نعتقد انه ليس من مهامنا أن نحل محل الناس وان نحدد ما هي قضاياهم".

تغيير ولكن...!

عبده الجندي – عضو اللجنة العليا للانتخابات – أكد بأن التجربة الديمقراطية اليوم هي أفضل من أي وقت مضى بغض النظر عن أي قصور موجود ، وقال بأننا لم نعد نسمع بين الأحزاب عن الانقسامات والصراعات التي كانت موجودة في بداية التعددية السياسية الحزبية .

وأشار إلى أن الأحزاب بدأت تشعر بأن الديمقراطية خيار وحيد وبأنها هي الأولى بأن تمارس الديمقراطية داخل هيئاتها لأن التداول إذا لم يتحقق داخل الهيئات القيادية لهذه الأحزاب فمن المستحيل أن تحققه على مستوى التداول السلمي للسلطة.

وذهب الجندي إلى أن الأحزاب عقدت مؤتمراتها وحصل نوع من التجديد في قياداتها، إلا أن التغيير لم يشمل كل الناس. وقال بأن التغيير يأتي بصورة تدريجية وان لم يصل إلى المستوى الطموح إلا أن المهم هو أن هناك محاولة تغيير.

وأكد بأن الهوة بين القيادات والقواعد في الأحزاب كانت موجودة في فترة من الفترات، إلا أنها أصبحت تضيق مع الوقت. وقال بأن المؤتمرات الحزبية هي مناسبة لأن تقول القواعد رأيها في القيادة ،وأن سلسلة المؤتمرات التي عقدت سواء للمؤتمر أو الإصلاح أو الاشتراكي أو الوحدوي خرجت بنوع من التجديد في قيادات هذه الأحزاب.

وأشار إلى أن هناك أحزاباً مازالت تعاني من عدم قدرتها على عقد مؤتمراتها، إلا أنها تتراجع يوما عن يوم.

وشدد الجندي على ضرورة أن تتجاوز الأحزاب طريقة الانتخاب بالتزكية، وان تحرص على تحقيق مبدأ الانتخاب السري والمباشر لقياداتها ،موضحا بأن على الأحزاب سواء كانت معارضة أو حاكمة أن تحرص على المصداقية في خطابها وفي وسائل إعلامها، وان تهتم بالجوانب الثقافية والاقتصادية بدلا من الاهتمام بقضايا المكايدات والمزايدات والمناكفات التي مل منها الشعب وأفقد الأحزاب فاعليتها في المجتمع. 

الديمقراطية بخير

أما النائب سلطان السامعي- عضو مجلس النواب عن الحزب - فيرى أن أحزاب المعارضة في الواقع تمارس الديمقراطية بشفافية داخلها أثناء الانتخابات، سواء في القواعد أو في القيادات العليا، والحزب الاشتراكي مثلاً والإصلاح رأينا التغيير الذي حصل في مؤتمراتهما الأخيرة وكذلك بقية الأحزاب في المعارضة واللقاء المشترك أيضاً. مؤكداً على أن الديمقراطية داخل هذه الأحزاب موجودة، أما بالنسبة للحزب الحاكم فإن بعض الأمور تفرض فرضاً، كالأمين العام مثلاً فرض فرضاً وبعض أعضاء اللجنة العامة أيضاً تم إخراج بعض الناس وكانت مفروضة بطريقة غير مباشرة بضغوط وأشياء أخرى.. وعموماً الديمقراطية داخل الأحزاب أراها بخير، ونحن مثلاً جددنا في الحزب الاشتراكي، الأمين العام جديد والكثير من القيادات العليا في الحزب جديدة، ولم تعد هي القيادات السابقة، وفي الناصري نفس الكلام، ومعظم القيادات في الإصلاح جديدة، ودخلت المرأة في قيادات الإصلاح بقوة هذه المرة، أما بقاء بعض الشخصيات القيادية في بعض الأحزاب والتي لم تتغير فهذا يعود لحسابات معينة، قد تكون لشعبيتها أو لحساسية المرحلة أو لظروف معينة تجعل هذا الحزب أو ذاك يحافظ على بعض القيادات، لكن الحراك السياسي موجود".

ويضيف السامعي" نحن في اللقاء المشترك ليس هناك انفصام بين القيادات والقواعد ونحن نلتقي بالقواعد دائماً، ورداً على من يقول بأن الدكتور ياسين انحرف بمسار الحزب نحن نقول بأن الدكتور ياسين هو صمام أمان الحزب الاشتراكي، ومعروف عن هذا الرجل وحدويته وعقلانيته وحرصه على وحدة الحزب ووحدة اليمن، أما وجود أصوات داخل أي حزب تعارض بعض السياسات فهذا شيء طبيعي وظاهرة صحية وديمقراطية، لكن مستحيل أن يكون أتباع الحزب كلهم يصبون في مصب واحد أو رأيهم واحد، هذا صعب جداً إلا إذا كان هذا الحزب ديكتاتورياً يفرض آراءه ورؤاه بالقوة والضغط، وهذا ليس موجوداً عندنا في الحزب الاشتراكي أو في أحزاب المعارضة، ومثل هذه الأصوات أيضاً موجودة في الحزب الحاكم".

وتابع قائلاً: "أما أن هناك فجوة بين القيادات وبين القواعد في الحزب الحاكم، فأنا لا أسميها فجوة، لكن الحزب الحاكم بحكم موقعه وبحكم أن جميع المسئولين ،من مدير المديرية إلى أكبر مسئول هم من الحزب الحاكم، فأعتقد أن التواصل موجود بينهم وبين الناس".

ويؤكد السامعي أن "هناك قصوراً في علاقة الأحزاب بالمجتمع، وأتمنى أن ننشط أكثر ونلتقي بالناس أكثر، ونعمل على خدمة الناس أكثر، سواء كنا في المعارضة أو في الحزب الحاكم". وزاد : "أعتقد بأن 90 % من قضايا الناس المهمة تتبناها المعارضة وأحزاب المعارضة، من خلال الفعاليات المختلفة والبيانات والكتابات في صحف هذه الأحزاب وكلها تنطلق من معاناة الناس".

في طور التطور

عبد الواحد هواش – أمين سر قيادة قطر اليمن في حزب البعث العربي الاشتراكي- يصف الحزبية في بلادنا بأنها "لازالت تحبو في بداياتها الأولى" ويعلل ذلك بقوله: "مجتمعنا مجتمع قبلي عشائري، ولذلك الانتقال من هذا المجتمع إلى مجتمع حزبي يلتزم بصياغة حزبية متطورة، كما نرى في العالم، شيء مستحيل بهذا الوقت القصير، فهي تجربة بحاجة إلى صقل وإلى تطور كبير جداً". مضيفاً أن "الديمقراطية باعتقادي هي نسبية في المجتمعات أو داخل الأحزاب، وبالتالي يتوافق عليها الناس في أي حزب أو في أي إطار، المهم أن يكون هناك نزوع للتطور لا أن يكون جامداً ومتخلفاً وتشده التقاليد البالية والقديمة في المجتمع.. ولذلك الأحزاب داخل مجتمعاتنا ديمقراطيتها نسبية وغير مكتملة، وإنما في طور التطور، فالمجتمع كله مجتمع متأخر بالنسبة للتجربة الحزبية حتى الأحزاب التي كانت موجودة قبل الوحدة تعمل تحت الأرض كان يحكمها صيغ ثورية شديدة ميالة للعسكرية أكثر من ميلها للديمقراطية المفتوحة، وعندما انتقلت للحياة الديمقراطية لاقت صعوبات كبيرة في أن تساير العملية الديمقراطية".

ويتابع : "ليست الأحزاب الموجودة الآن شمولية بمعنى الشمول، لأن الانتماء للأحزاب طوعي، والقانون أتاح للشخص إذا رفض أي تقييد في أي حزب أن يخرج من الحزب إلى حزب آخر، لكن في كل الأحوال الناس تتوافق على حياة معينة بنواقصها، لكن المهم أن يكون هناك نزوع للتطوير والتقدم، لأن الديمقراطية ليست رداء يلبس، وإنما هي ثقافة تبدأ من الطفل من المدرسة والبيت، ولذلك صعب جداً أن نجد حتى في الأحزاب العربية حزباً مكتمل الديمقراطية".

ويستطرد قائلاً: "قبل الوحدة والتعددية السياسية كانت الأحزاب تشتغل تحت الأرض، وهمّها السلطة وأن يحدث انقلاب معين أو تمرد معين لتستولي على السلطة، وكانت تعبئ الجماهير بهذا الاتجاه، لكن بعد الديمقراطية والانفتاح والعمل الديمقراطي أصبحت مهام الأحزاب أشياء كثيرة، أهمها أن تكون قادرة على توفير مستلزمات الناس ومطالبهم حتى يكونوا معها، هذه المستلزمات لا تقدر الأحزاب الموجودة في الساحة أن تؤمنها ماعدا حزبين قادرين هما الإصلاح والمؤتمر اللذين عندهما المال والإمكانيات، ولذلك لا تستطيع أن ترتبط بالجماهير في ظل أوضاع متردية كأوضاعنا المتخلفة، الناس كلهم بحاجة إلى خدمات، على عكس السابق، حيث كان الحزب يناضل ويأخذ عدداً من العسكر وينقلب على الوضع ويثور ويصل إلى السلطة، وعبر السلطة تكون الوسيلة لتحقيق أشياء أكثر، فالمال والإمكانيات والتغيير تجدها في السلطة، الآن يجب أن تكون كحزب لديك من البداية إمكانية حتى تصل للجماهير، وهذه هي النقطة الأساسية، فالأحزاب في الدول المتقدمة عندها مؤسسات مالية كبيرة وتجمع الناس من خلال تبنيها لمشاكلهم وإقامة مشاريع مختلفة صحية واجتماعية وتعليمية، وبالتالي تكسب ود الناس، لكن عندنا لا يوجد حزب قادر على أن يوفر مواصلاته فكيف يمكن أن يكون مرتبطاً بالجماهير".

وأشار هواش إلى أن الأحزاب اليسارية والقومية قادرة على اجتذاب جديد بمقدار أخطاء السلطة، يعني بمقدار خطأ النظام أو الحزب الحاكم تستطيع أن تكسب الناس، لكن إذا لم توجد أخطاء فالأحزاب سوف تتكلس، والمهمة تقع على الدولة إذا كانت ديمقراطية فعلاً أن تمول الأحزاب حتى تستطيع أن تنافس وتحقق شيئاً، لكن الآن وفي ظل هذه الوضعية لا يمكن".

وأردف قائلاً: "أنت تلاحظ الآن في الساحة الأحزاب التي كانت في السلطة والتي كانت في الحكم هي الأقدر على الحركة.. لأنها استفادت من إمكانيات الدولة، فالحزب الحاكم استفاد من الدولة، والإصلاح كان حاكماً واستفاد من الدولة وأصبح عنده مؤسسات اقتصادية، والاشتراكي نفس الشيء، والناصري إلى حد ما أيام الحمدي لفترة قليلة"..

وأضاف: "الشيء الثاني أن القانون الآن الذي هو قانون الأحزاب والتنظيمات السياسية، حاول أن يحتكر الحصول على الإمكانيات والدعم على هذه الأحزاب وهي القادرة على الحركة، بينما بقية الأحزاب ليست قادرة على الحركة لأنها ليست لها إمكانيات لمجاراة هذه الأحزاب، ولهذا هم يريدون أن يبقى التقاسم الحالي على ما هو عليه، رافضين أن تكون اللجنة العليا للانتخابات مستقلة، ولابد أن تكون بقسمة بينهم حتى يجعلوا الانتخابات دولة بين هذه الأحزاب الأربعة، وبالتالي الدعم المالي المقدم من الدولة أيضاً يقسم بينهم على قدر التواجد في مجلس النواب فقط، وبالتالي يبقى هؤلاء الناس هم الحاكمون، أي أنها دكتاتورية بصيغة أخرى وباتفاق باسم مناخ ديمقراطي".

مؤكداً على أن ذلك الوضع للنظام بأكمله لا يتيح للأحزاب فرصة أن تنمو ولا يتيح حتى للديمقراطية أنها تنمو بالشكل المطلوب".

إرضاء الخارج لا الداخل

الشيخ عبد الوهاب الحميقاني ـ المدرس بمركز الدعوة وجامعة الإيمان وأمين عام مؤسسة الرشد الخيرية- أدلى بدلوه في القضية وقال:"الأحزاب السياسية في اليمن أصبحت أحزاباً نخبوية أكثر منها عامة أو جماهيرية، وتدير حوارها ونقاشها فيما بينها البين، سواء كانت أحزاب المشترك أو الحزب الحاكم، وليس في إطار قضايا وهموم الناس، وإن كانت أحياناً تضع هموم الناس على الطاولة من باب المماحكات السياسية لا أكثر ولا أقل، ولا نجد برامج تنموية ونهضوية لهذه الأحزاب ولا يفيد منها عامة الناس في الواقع".

مشيراً إلى أن "الطامة الكبرى التي شاهدناها في الانتكاسة السياسية لكثير من الأحزاب أنها جعلت القضايا بالكلية ومصالح الأمة والقضايا المصيرية للشعب والثوابت على محك المماحكات السياسية". وتابع: "الأحزاب جعلت القضايا الكلية للشعب والنوازل المصيرية على محك المماحكات السياسية، وتتخذ موقفاً لا من منطلق أنها ستُسأل من شعبها ومن التاريخ عن هذا الموقف، لكن نكاية بالحزب الفلاني".

لابد من معارضة راشدة، فلا يعالج الخطأ بالخطأ والمنكر بالمنكر..

وأضاف الحميقاني: "الحزب الحاكم لا نختلف في ترهله وعجزه عن إدارة البلاد، فهو عاجز عن إدارتها بل أنه وكر متجذر للفساد وسلة المفسدين". وزاد: "نحن نعتب على الحزب الحاكم أنه لا توجد حرية ولا تداول سلمي للسلطة، ونفس القضية في المعارضة، فنجد أربابها والعسكر القديم متنفذين ومستبدين ويبررون بقاءهم في تصدر هذه الأحزاب، مثلما يبرر الحاكم في ترؤسه على هذه البلاد، لا فرق بين هذا وذاك". ملمحاً إلى أن هناك بعض الأحزاب لها امتداد شعبي كالإصلاح والحزب الاشتراكي في فترات من الفترات، لكن الآن انحسر هذا المد الشعبي، وأصبحت هذه الأحزاب في خطابها ولقاءاتها نخبوية أكثر منها جماهيرية، وفي حلقات مغلقة وتجمعات ثقافية وإعلامية محصورة".

واستطرد بقوله: "لو سألت العامي من الناس عنها وعن سياساتها ومواقفها لا يلقي لها بالاً ولا يعرف ماذا تريد... ليس هناك تواصل أو أسلوب اتصال بالعامة، الأحزاب جميعها، حاكم ومعارضة، للأسف الشديد يتنافسون على إرضاء الخارج أكثر من إرضاء الشعب والداخل". وأضاف: "أول قضية تجب على هذه الأحزاب هي المصداقية في قضية الانتماء إلى هذا الشعب وكلياته وقضاياه وثوابته، وأن تبرهن من خلال مواقفها أنها منتمية للشعب لا أن تستغل مواقف العامة كمماحكات سياسية أو كأجندة لها تحقق من ورائها أغراضا ضيقة". وأردف: "ثانياً الاتصال مع الناس، وثالثاً الحرية داخل هذه الأحزاب، فقبل أن تطالب الحزب الحاكم وقبل أن تتشدق جميع الأحزاب بالتداول السلمي للسلطة والحرية أولاً يجب أن يطبقوا هذه الشعارات الرنانة في داخل أحزابهم".

ولو رجعت إلى هذه الأحزاب تجد الاستبداد، فالاستبداد الذي نشكو فيه من الحكومات موجود في هذه الأحزاب، وقائم على ركيزتين: استبعاد الأقوى واستعباد الأضعف، فنجد الأقوياء داخل هذه الأحزاب يهمشون، وانقلابات داخلية داخل هذه الأحزاب، وتصفيات وأجندة وتيارات وأجنحة".

أبراج عاجية

القيادي البارز في المؤتمر الشعبي العام عبد السلام العنسي أكد من جانبه بأن تقييم واقع الممارسة الديمقراطية للأحزاب السياسية في بلادنا يحتاج إلى إلمام بمدى التزام تلك الأحزاب "كل حزب على حدة" بلوائحها وأنظمتها الداخلية التي تحدد طريقة اتخاذ القرارات وطريقة التصويت وطريقة التصعيد والانتخابات الداخلية لشغل المراكز التنظيمية في مستويات التكوينات القاعدية والوسطى والعليا، وكذلك عجز الأحزاب عن تقديم قيادات جديدة لها بدلاً من قياداتها التقليدية قال بأنه أمر يرتبط أيضاً بأنظمتها الداخلية فهناك أحزاب لا تأخذ بقاعدة تدوير القيادات فيها وتجعل فترة تولي قياداتها مطلقة وغير محددة، وأحزاب أخرى تحدد الفترة الزمنية لتولي قياداتها العمل في مناصبها القيادية، ولا تسمح بتجاوز دورتين أو ثلاث مثلاً، لأنها اختارت لنفسها طريقة التجديد ، مضيفا: "وعلى كل حال فإنني أرى أن طريق النجاح في هذا الموضوع يكمن في اتخاذ الحزب "أي حزب" طريقاً وسطا،ً أي لا يتخلى عن قيادته المجربة والقديمة وفي نفس الوقت يفتح الباب للجيل الذي يليهم لخلافتهم، فالمحافظة على القديم المجرب مع تشجيع الوجوه الجديدة ودفعها إلى تسلم القيادة من القيادات القديمة هو الأسلم في نظري".

ونفى وجود انفصام بالمعني الحقيقي بين القيادات الحزبية وقواعدها،مؤكدا بأن هناك قصوراً لدى أغلب الأحزاب السياسية، بنسب متفاوتة في فاعلية قنوات الاتصال التنظيمية، سواء بين قيادات الحزب العليا وتكوينات الحزب الوسطية والقاعدية، أم بين قيادات الحزب وبين قيادات الأحزاب الأخرى ،مشيرا إلى أن علاقات الأحزاب بالجماهير تختلف من حزب لأخر، والى أن الأحزاب الرئيسية الممثلة بالبرلمان هي أكثر الأحزاب ارتباطاً بنسب متفاوتة أيضاً مع الجماهير.

وعن أسباب قصور فاعلية وتأثير الأحزاب السياسية اليمنية على الرأي العام وعن تبني هموم وقضايا الجماهير الحياتية قال:"هي كثيرة وفي مقدمتها عدم القدرة على الالتحام مع الجماهير والنزول إلى مستوى همومهم وقضاياهم وعدم الفهم الكامل لنفسية المواطنين وطريقة تفكيرهم والاكتفاء من العمل الحزبي بالشعارات الفضفاضة والرنانة ولا أتجنى على الكثير من تلك القيادات الحزبية إذا قلت أنها تعيش في أبراج عاجية".

تجزئة الديمقراطية

وبخصوص التصاق الأحزاب اليمنية بالجماهير وهموم الناس والمطالبة بقضاياهم أكد أنـور الخضري ـ رئيس مركز الجزيرة العربية للدارسات والبحوث بأن الأحزاب اليمنية حتى الآن لا تزال تدور في حلقة مفرغة من الاهتمامات، حيث أنها حصرت القضية السياسية في الهم الأكبر وهو من يحكم، وقال:" لم تقدم هذه الأحزاب اليسارية منها واليمنية والوسط أي جديد في الساحة لا على الصعيد الاجتماعي ولا الصعيد الاقتصادي ولا على الصعيد الثقافي، وهي تلوك الموروثات الثقافية السابقة التي بلى عليها الزمان، وتحاول فقط أن تخوض معارك سياسية لصالح الوصول إلى السلطة، وبالتالي فإن هذه الأحزاب غائبة عن الهموم الفعلية للناس وعن توعية الجماهير وعن خلق حالة من الألفة، فهي لم تستوعب الأخر سواء كان في السلطة أو في التيارات الأخرى، فضلاً عن أنها تستوعب قضايا أكبر من هذه، فما زالت تعاني من فقر منهجي وفقر فكري وفقر أدائي على جميع المستويات"..

وأضاف :"لاشك أن للأحزاب تأثيرا، ويمكن أن تقول بأن أحزب اللقاء المشترك بالذات استطاعت أن تؤثر، لكنها حقيقة تولي اهتمامها بقضايا يظهر أنها لو تقدمت هي لهذه القضايا وتولت زمام الحكم فإن نفس العيوب الموجودة اليوم في الحزب الحاكم هي ذاتها ستكون موجودة في الأحزاب الأخرى، والدليل هو ممارسات هذه الأحزاب في أوساطها، فهي أحزاب دكتاتورية تسلطية ولا تؤمن بمبدأ الشورى ولا جديد في واقعها من حيث اتصالها بهموم المجتمع وبقضاياه"، مؤكدا بأنها تمتلك أدوات توجيه الرأي العام لكنها لا تستطيع تحريك هذا الرأي العام بقناعات متكاملة ،وقال :"الذي يظهر أن هذه القناعات هي عبارة عن سيف مسلط على الحزب الحاكم وبالتالي فإنها بعد وصولها للحكم وخوضها للتجربة سوف يثبت الزمن فشلها لأنها لا تمتلك شيئا جديدا ولا تمتلك حتى منهجية واضحة للتعامل مع المتغيرات في الواقع والمجتمع ككل"..

وعن الديمقراطية قال بأنها "منهج قائم على عدة مبادئ وأسس، والأحزاب السياسية اليمنية والحزب الحاكم لم تفهم من الديمقراطية إلا ممارسة الحكم، فهم لم يأخذوا من الديمقراطية إلا الجانب المتصل بالسلطة، والديمقراطية تعني في بعض مبادئها وبعض أسسها قيام مجتمع متضامن وذي آراء، يخدم الرؤية البحثية والرؤية العلمية والرؤية الثقافية وهوية الأمة، كما هو حاصل في الغرب، هناك أنظمة ديمقراطية تدافع عن شعوبها وعن مجتمعاتها، والحاصل في هذه الأحزاب أنها لم تعرف من الديمقراطية إلا الوصول إلى الحكم، فهي لا تدافع عن كيان المجتمع اليمني كاملاً. وإنما تدافع عن كنتوناتها وعن المنتسبين إليها في سبيل أنها توقع الآخر في أزمة وفي مشاكل سواء على صعيد اليمن كاملاً أو على صعيد الساحة السياسية، فهي حقيقة حصرت همومها كاملة في قضية من يحكم، ولم تتعامل مع مجتمع ومع هموم مجتمع"..

وأضاف: "بغض النظر عن رؤيتي للديمقراطية، الديمقراطية في الغرب لها جوانب مختلفة، وعلى سبيل المثال حزب العدالة والتنمية في تركيا، قدم جانبا من جوانب الديمقراطية وهو جانب فيه شيء من الحق وإن كان فيه شيء من المخالفات، وهو جانب التنمية، تنمية المجتمع فعندما حقق للمجتمع هذه التنمية، ورفع رصيد المجتمع من قدراته من مكتسباته استطاع أن يكسب ثقة الجماهير، والأحزاب في اليمن لا تستطيع إلا أن تنوح على الواقع المؤلم، هي لا تحل مشكلة أبداً، هل قدمت الحلول لقضية الوحدة..؟! هل قدمت حلولا لقضية الطبقيات..؟! هل قدمت حلول لطبقية الخلاف..؟! هل قدمت حلولا لقضية المذهبيات والفرق..؟! لا تمتلك لا منهجا عاما ولا رؤية ولا تمتلك حتى فكرا متجددا، وإنما هي كما ذكرت أشياء بآلية موروثة عن قيادات أثبتت فشلها في العالم العربي بشكل كبير،الأحزاب لا يقودها ناس أصحاب فكر وأصحاب رؤى فكرية، وإنما يقودها أشخاص ذوو مكانات اجتماعية ومكانات مالية، والغالب الذي هو موجود أنهم أناس لا يعرف عنهم أنهم أصحاب فكر وأصحاب رؤية أو أصحاب مشروع ويمكن أن يلمس الإنسان العادي من خلال استماعه إليهم أو إلى خطاباتهم أنهم أناس سطحيون ويكررون النغمة منذ 20 أو 30 سنة وهي نفس النغمات، سوى أنه دخلها جديد المفردات الغربية أو ما استحدث في قضايا السياسة"..

التفاؤل بالأحزاب

علي سيف حسن ـ رئيس منتدى التنمية السياسية أفاد بأنه لا يمكن وضع معايير ثابتة للديمقراطية الداخلية في أي منظمة، سواء كانت حزبية أو غير حزبية، فالمنظمات من وجهة نظره كائنات حية متغيرة تطور آليتها التنظيمية بتطور مفهومه الفكري والثقافي، وبالتالي الديمقراطية الداخلية ما هي إلا آلية من آليات تحقيق فعالية هذا الحزب أو المنظمة..

وقال بأنه من "هنا يأتي مبدأ النسبية لقيام الديمقراطية داخل الأحزاب، فكما كانت العصبية الحزبية أقوى كلما قلت أهمية الديمقراطية الداخلية ،والعصبية الحزبية هي مدى قوة التضامن أو الالتزام الحزبي من قبل الأعضاء داخل منظومتهم، أي أن هناك قضية كبيرة تجمعهم أهم بكثير من الوجود في المواقع ومن يريد هذا الموقع أو ذاك ، وبالتالي كلما كانت هذه القضية الأيديولوجية أو المشروع السياسي الفكري الذي يحمله الحزب أكثر حضورا وأكثر حدة في عقل وثقافة وضمير الأعضاء كلما قلت أهمية الآلية الديمقراطية داخل الحزب"..

وأضاف :" أنا أعتبر الديمقراطية داخل الأحزاب قضية نسبية وليست معيارا للنجاح أو الفشل، بسبب بسيط هو أن عضوية الأحزاب طوعية، وليست ملزمة لأحد، فبالتالي إما أن يكون العضو مقتنعا بالآلية التي تنظم العلاقة داخل التنظيم أو أن يترك،وهناك فرق بينها وبين الديمقراطية على المستوى الوطني، باعتبار أنها حق للجميع ولا أحد يستطيع أن يترك الوطن بعكس العضوية في المنظمات أو الأحزاب، ومن هذا المنطلق أنا أعتقد أنه يجب ألا تعطى أهمية كبيرة للديمقراطية داخل الأحزاب، أهم شيء هو مدى رضا الناس ورضا الأعضاء واستمرارهم في العمل داخل الأحزاب".

واستطرد:" بقراءة تاريخ الأحزاب في العالم نجد أن هناك زعماء للأحزاب ظلوا لفترات أطول بكثير مما هم عليه في اليمن ، والأحزاب في الدول النامية مهمتها تختلف عن مهمتها في الدول المكتملة الديمقراطية، وبالتالي طالما هناك رضا وقبول من الأعضاء لهذا الوضع فالقضية مقبولة ، وطالما الأحزاب تستطيع تحريك قواعدها وكوادرها في الانتخابات وفي الفعاليات الحزبية فلا يوجد هناك انفصام بين القيادات والقواعد"...

وأكد بأن الأحزاب أحياناً تبالغ في تبنى قضايا المجتمع، وبأن هناك فرقا بين حزب في السلطة وحزب في المعارضة، فالحزب في السلطة يتبنى قضايا المجتمع بالمعارضة أما الحزب في السلطة فيتبناها من خلال التنفيذ والالتزام،قال :" هناك اعتقاد شعبي سائد بأن الأحزاب مسؤوليتها تنفيذية ، الأحزاب لا تنفذ، وحتى الحزب الحاكم لا ينفذ كحزب ولكنه ينفذ بوضع سياسات وتقوم بتنفيذها أجهزة السلطة، وبالتالي هناك وعي غير طبيعي وغير حقيقي بأن مسؤولية الأحزاب هي التنفيذ، والأحزاب ليس من مسؤوليتها التنفيذ إطلاقاً، وإنما هي ترسم السياسات وتطالب وتفضح قضايا مخالفات أو فساد، لكن هي تنفذ من خلال الحكومات أو السلطة المحلية التي تمثلها"..

أما تأثير الأحزاب في الرأي العام فهو ممتاز جداً كما يرى رئيس منتدى التنمية السياسية فكل الحراك السياسي الموجود في الساحة اليمنية ينطلق من الأحزاب ،داعيا إلى التفاؤل بالأحزاب ،وقال :"هي أفضل ما أوجده هذا المجتمع خلال التاريخ اليمني المعاصر.. وإذا بذلنا جهدا في إحباط الرأي العام من الأحزاب فالبدائل الصغيرة ستكون هي البديل "، مؤكدا أن الكيانات التقليدية أحست بشيء من الغيرة والخطورة من تأثير الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني وحاولت أن تحافظ على فعاليتها بتبني أشكال حزبية مدنية كأوعية لغايات تقليدية، إما مناطقية أو قبلية..

 عن صحيفة الغد

 عن صحيفة الغد


في الثلاثاء 28 أغسطس-آب 2007 08:39:53 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.com/articles.php?id=2427