مناجاة لروح الشهيد إبراهيم الحمدي في ذكرى رحيله!
غازي المفلحي
غازي المفلحي

في ذلك اليوم المشئوم 11 أكتوبر 1977 م ، كان الشعب اليمني الصابر المكافح على موعد مع النبأ الحزين في واحدة من أكثر لحظات تاريخه مأساوية وحزنا ، وديان اليمن وسهولها وجبالها ولولت وناحت ، لقد فقدت القائد والأب والأخ والحبيب .

 وحتى الآن ورغم مرور ستاً وثلاثين عاماً على استشهاده .. فان كثيرين من الذين شاءت أقدارهم أن يشهدوا ويعايشوا عهده الميمون ، يعجزون عن كبح جريان دمعاتٍ حزينه .. كلما استدعى الحديث أو التأمل ذكراه العطرة

أيها الراحلُ البعيد عن عيوننا.. الساكنُ في قلوبنا ..

نناجيك بأشواقنا..

وحنيننا ..

ونُقرؤك عاطر التحية والمحبة والسلام ..

كان قدرك أن تأتي إلينا كي تحمل فوق كتفيك همومنا.. وآلامنا.. وآمالنا..

ظهرتَ فينا فارساً نبيلاً طال انتظاره ..

رفعتَ راية الحرية والكرامه..

والعدالة والمواطنه ..

والتقدم والرفاهيه ..

ثم طلبتَ منّا أن نسيرَ معك..

قلتَ لنا ..

هذا هو طريقنا .. وتلك هي غاياتنا ..

كنتَ تعرف انك تسلك طريقاً وعراً.. وشائكاً.. وخطراً ..

لكن لأن الإيمان كان جوهر روحك..

والشجاعة معدنك ..

لم تتردد .. أو تتخاذل ..

ولم تفكر في نفسك أو ذاتك

فذاتك لم يعد لها وجود منفرد..

لقد صَهرْتها بترابِ الوطنِ الذي عشقتْ ..

وأذبْتها في وجدانِ الشعبِ الذي احببتْ ..

ثم ارسلتها مع الريح .. ونثرتها مع الغيث ..

تُخصبُ بها ثرى الأرض التي عشقت .. فتُنبتَ حباً ، وتفانياً ، وطهراً..

وتُسرّبُها في قلوبِ وعقولِ الشعب الذي احببت ..

فتملأها عزةً وكرامةً وحريه .

                      *******

ما زلنا نتذكر كلماتك الخالده وأنت تعبر بها عن عشقك وافتتانك وشغفك.. بوطنك وشعبك:

(بصفاء السماء

وبسمة الشروق

ورحابة البحر

وهدوء الجبال

وصدر الأودية الفساح

هكذا أحب وطني

وأحب فيه كل مواطن

كل مواطن فيه هو أخي وحبيبي

وسعادتي أن أراه حراً سعيداً

إنساناً منتجاً قادراً

ليس عالةً على احد

ولا يطلب أو يستجدي من احد)

إبراهيم الحمدي

***

تُرى...!! كم قائداً في الدنيا أحب شعبه وعشق وطنه

كما أحببت أنت شعبك وعشقت وطنك ؟؟؟

أي قلبٍ كبيرٍ ملكت .. كي يمنح كل هذا الحب ؟؟

وهل هناك حباً اكثر من ان يهب الإنسان حياته فداءً لمن يُحب ؟

هكذا كانت محبتك لشعبك وعشقك لوطنك ..

محبة العاشق الذي يذوب في ذات من يُحب حتى يتلاشى فيه ..

شعبك أيضاً لم ينساك .. ولن ينساك ..

لقد مت بالنسبة لنا جسدا ..

لكن روحك لا تزال بيننا..

نحس بها .. ونكاد نراها ..

ترفرف في فضاء الوطن ..

تطِّلُ على جباله .. وتنسابُ بين وديانه..

وتسيرُ على شواطئه ورماله ..

تشدُّ على سواعد الرجال ..

وتحتضنُ البراءةَ في عيون الأطفال..

تحلقُ في سماء مدنها المغلفةِ بالحزن ..

وتمر في شوارعها وأزقتها التي عشقها الظلام ..

تُضمد الجراح ..

وتُكفكف العبرات ..

وعندما ينادي المؤذنُ للصلاة ..

تدخل أحد مساجدها كي تصلي ..

***

انت بيننا حيٌ.. لم تمتْ ..

تعيش في ضمائرنا وقلوبنا ..

حيٌ بنبل أهدافك ..

بطهارة قلبك ..

بشجاعة مواقفك ..

أنت الحي .. وقاتليك هم الميتون .

***

الذين اغتالوك يا حبيبنا ..

ليسوا أعداءَك..

أو أعداءَ شعبك ..

أو أعداءَ وطنك ..

فحسب....

بل هم أعداءُ الإنسانية ..

وأنت وجهها المضيء.. النبيل.. الجميل

رصاصات الغدر التي مزقت قلبك الكبير ...

أطلقتها قلوبهم الحاقدة قبل ان تطلقها أياديهم الآثمة ..

قلوبهم الطافحة بالكراهية ..والبغض ..لكل قيم الخير..والحق .. والعدل .. والمحبة ..

جاءت رصاصاتهم من عمق تخلفهم وحقدهم القبلي ..

لتطفئ مصباحَ نور ..

لطالما انار للناس طريقهم في ظلام الليل البهيم ..

وقد نجحوا في ذلك ..

فليتك ترى حالنا اليوم مع هؤلاء ..

الظلم .. والفساد .. والأنانية .. هي مواصفات من جاء بعدك ..

والجهل .. والفقر .. والمرض ..هو البديل الذي قدموه لشعبك..

***

كم نحن بحاجةٍ اليوم إلى اخلاصك .. وطهرك .. وشجاعتك ..

يا اخلص الناس ..

واطهر الناس ..

وأشجع الناس ..

 ***

السلام عليك أيها القائد الشهيد النبيل..

السلام عليك يا طاهر القلب واليد ..

السلام عليك ياصاحب العمل الطيب والذكر الطيب ..

السلام عليك ياحبيب الله .. وحبيب الناس ..

السلام عليك مع الصديقين والشهداء..

السلام عليك إنسانا .. وقائدا .. وشهيدا..

السلام عليك يوم مولدك..

ويوم استشهادك..

ويوم تبعث حيا ..


في الخميس 10 أكتوبر-تشرين الأول 2013 07:29:58 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.com/articles.php?id=22344