وقيدت الجريمة ضد مجهول
م/يحيى القحطاني
م/يحيى القحطاني

لقد اعتاد اليمنيين على سماع النكبات والمآسي والأحزان حتى باتت اليمن موطن المآسي والأحزان،ولا يكاد يمر يوم إلا ويتم فيه حدوث مأساة جديدة،إرهاب القاعدة،تفجيرات واغتيالات،قطع كهرباء،تفجير أنابيب النفط،حروب قبلية،تقطع للطرق،اختطافات،كوارث سيول،فالمآسي والجرائم في اليمن بمستويات وأصناف متعددة،فمنها جرائم ألإقصاء وألإستبعاد من الوظيفة العامة ومنها جرائم الإرهاب،وجرائم التهريب،وجرائم الغش في تنفيذ المشاريع،وجرائم الفساد المالي والإداري،ممتد اليوم في أغلب إن لم نقل كل مفاصل الوجود اليمني،فهوا في دوائر الدولة ومؤسساتها من أدنى تشكيلاتها حتى قمة الهرم فيها،وبات المواطن يعيش ويتنفس في أجواء يعمها الفساد بكل شيء،ففي بداية العشر ألأواخر من شهر رمضان المبارك الموافق 30-7-2013م من الله علينا بأمطار غزيرة في حي حدة السكني،فغمرت مياه ألأمطار مخلوطة بمياه المجاري معظم البدرومات،وتحولت تلك البدرومات بما تحويه من ألأثاث والمفروشات إلى مستنقعات.

ولعدة ساعات قمنا بالاتصال عبر أرقام الطوارئ،فلا مجيب ولا مغيث،حتى المدراء أقفلوا تلفوناتهم طيلة تلك الليلة،وبعد مرور أكثر من ثلاث ساعات،يرد علينا مسئول الطوارئ بمؤسسة المياه المدعو(ا،ا،ا)قائلا بكل بجاحة أنا مالي دخل والمؤسسة مالها علاقة،انتوا المسئولين على ذلك لأنكم بنيتوا بدرومات ووصلتموها بالمجاري العامة أتحملوا مشكلتكم،والآن وقت صلاة التراويح وبعد ذلك شربة ماء،مع أن البدرومات مرخصة من مكتب ألأشغال في ألأمانة،والمياه والصرف الصحي موصلة من المؤسسة،ومدفوع الرسوم وقيمة الرداد الذي يمنع دخول المياه إلى البدروم من الشبكة الرئيسية حسب طلبهم،ساعتها تذكرنا أننا في اليمن ولسنا في أمريكا وأوروبا،فقمنا بالتوثيق والتصوير للأثاث والمواد التي أتلفت في البدرومات،وفي صباح اليوم الثاني توجهنا إلى مؤسسة المياه والصرف الصحي،ثم أمانة العاصمة ومكتب ألأشغال بالأمانة،فوجدنا مسئولي مؤسسة المياه يقولون مشكلتكم تحلها أمانة العاصمة ومسئولي أمانة العاصمة يقولون مشكلتكم يحلها مكتب ألأشغال في ألأمانة،وهكذا دواليك ظلينا ندور في حلقة مفرغة وحتى هذه اللحظة،وكلهم إذن من طين وإذن من عجين،ولا من حسيب ولا رقيب عليهم.

ولتعدد الجهات ذات العلاقة بهذه الجريمة،وكما يقال(تعددت ألأسباب والموت واحد)فسوف تسجل نكبتنا،لدي الأجهزة المختصة في الدولة(ضد مجهول)مثلها مثل الاغتيالات والقتل المجاني بالكواتم والتفجيرات لعشرات المواطنين والمسئولين مدنيين وعسكريين والتي تحدث يوميا،وتقيد في الغالب ضد مجهول،والأدهى والأكثر غرابة أنْ لا أحد(مسئول)عما جرى وما يجري رغم أن سلاح الجريمة معروف وماركته مسجلة للدولة،المجرم معروف وله سوابق عديدة،ومع ذلك يأتي بعدها الخبر على الفضائية اليمنية(تم اغتيال المسئول الفلاني أو المواطن الفلاني)من قبل مجهولين يقودون دراجة نارية وقد لاذوا بالفرار،ويبين خبر النعي بأن الجهات المختصة سوف تقوم بكشف ملابسات الحادث وإظهار نتائج التحقيقات وتقديم مرتكبي تلك الجريمة إلى العدالة لينالوا جزائهم الرادع وسوف وسوف وسوف00الخ)يعقبها تعزية أو مواساة من رئيس الجمهورية إلى أسرة الشهيد والمنكوبين،وتنتهي القضية وتقيد ضد مجهول،وكأن شيء لم يحدث وكأن جريمة لم ترتكب.

أما في دول الغرب الكافر والشرق المشرك عليهم سلام الله،لأنهم يهتموا بأمن وسلامة مواطنيهم،عكس ما تعمله الدول العربية والإسلامية بمواطنيهم،فإن العرف الوظيفي الحرفي،يقول لكل واقعة أو حدث أو أمر،جهة مؤسسية تمثل شخصية معنوية وترأسها شخصية عينية وتكون الشخصيتان مسئولتين عما يجري،ويسارع وبشكل مباشر وفوري الشخص المسئول في الإعلان عن استقالته تعبيرا عن الاعتراف بالأخطاء التي جرت في ظل مسؤوليته وإدارته،فيا حكومة الوفاق الوطني إن تمرير النهج الحالي في عدم إجراء أي تحقيق في الجريمة ومن ثم عدم محاسبة المجرمين وترفُّع المسئولين عن تحمل مسؤولياتهم يعني توجهنا بتسارع أخطر باتجاه الانهيار الذي سيعم الجميع بلا استثناء،فلا يجوز أن تستمر الجرائم مقيدة ضد مجهول من دون محاسبة مسئول،ونقول لا للجريمة مقيدة ضد مجهول،ولا للجريمة تمر بلا استقالة المسئول الحكومي ومحاسبته،حتى لو كان بأعلى سدة الحكومة،والله من وراء القصد والسبيل.


في السبت 03 أغسطس-آب 2013 07:17:39 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.com/articles.php?id=21567