مصريات ....
د. محمد جميح
د. محمد جميح

أين حامل نوبل للسلام الدكتور محمد البرادعي الذي طالب باستقالة مرسي نتيجة سحل مواطن مصري واحد (وهي جريمة)، أين هو اليوم من قتل وجرح المئات؟

السياسة في هذه المنطقة من العالم بلا مباديء، فكيف إذا كانت سياسة العسكر؟

قال قادة الانقلاب في مصر في البداية إنهم يحتجرون الرئيس المنتخب محمد مرسي لتأمين حياته، ثم عادو ليقولوا إنه عميل لحماس...هي عقلية العسكر التي عندما تكذب لا تكون ذكية با...لقدر الكافي لاخفاء تناقضات كذبها..

لو أن الفريق عبدالفتاح السيسي سجن مرسي وقادة الإنقاذ عقب نهاية مهلته لهم قبل الانقلاب، لربما كان انقلابه مسوغاً..لكنه عندما يسجن رئيس الجمهورية ويأتي بخصومه إلى رئاسة الجمهورية، فهذا يعني أن عملية الإنذار والمهلة التي كانت قبل الانقلاب كانت مطبوخة مع قيادات الإنقاذ، في تحيز واضح لطرف ضد طرف..أو لنقل في عملية (مكيجة) واضحة للوجه العسكري الحقيقي الذي يحكم مصر...

الإعلام الغربي يسمي ما حدث في مصر انقلاباً..فلماذا يا ترى يصر الإعلام العربي على تسميته ثورة؟

اغلق السيسي قنوات فضائية تابعة للإسلاميين في مصر لأنها قنوات تحريض..شيء عجيب فماذا يفعل الإعلام الرسمي المصري اليوم؟ وماذا كان الإعلام الخاص يفعل خلال سنة من حكم مرسي؟ ألم يحرض هذا الإعلام الجيش ضد مرسي؟ ألم يدخل الإعلام الخاص إلى غرفة نوم الرئيس؟

كان لي صديق قديم يسمي التلفزيون "الأعور الدجال"..كنت أضحك وأسخر في الآن ذاته..اليوم يلزمني اعتذار لهذا الصديق..

هل أهدى الفريق السيسي للإخوان الهدية التي لم يكونوا يتوقعونها بانقلابه على مرسي..شعبيتهم تزداد يوماً بعد يوم، بعد أن انفض عهنم الكثير خلال سنة من حكم مرسي..ظهر الإخوان اليوم في صورة الأحرار المدافعين عن حرية الشعب في وجه العسكر..ولم تفلح وسائل إعلام السيسي بتثبيت صورتهم في إطار إرهابي...لا شك أن الزمن في صالحهم، وهو يمضي سريعاً تحت أقدام السيسي..

العمل بمبدأ ترتيب الأولويات يحتم الوقوف مع الإخوان ضد الانقلاب العسكري.. ثم الانحياز للشعب المصري لا لهم...

يلزم الإخوان مد الجسور مع كافة القوى المدنية في مصر، وذلك بعدم حشر كل من أيد الانقلاب في سلة واحدة..

الخصومة المفتعلة بين الإسلاميين والقوميين تنم عن قصر نظر الفريقين..هناك تقارب إلى حد كبير في الأهداف...ليس القوميون الحقيقيون في حالة عداء مع الإسلام، ولا الإسلاميون الحقيقيون في حالة عداء مع التطلعات القومية لأمتنا..

على الإخوان أن يعوا أنه على الرغم من أن الانقلاب العسكري تذرع بذرائع كثيرة لتبرير وجوده، إلا أن ذلك لا يلغي حقيقة أن خبرتهم السياسية محدودة، وأن أخطاءهم الكثيرة ساعدت قادة الانقلاب في تسويقه، وأنهم بحاجة إلى التخلص من خطاب الستينيات الذي لم يعد مسوغاً نظراً لارتباطه بمعاناتهم التاريخية، وتجارب السجون المريرة...

على بعض الشيوخ الذين يعتلون منصة رابعة العدوية أن يدركوا أن المنصة ليست منبر الجمعة...وأن الخطاب السياسي غير الخطاب الديني...

يحدثني بعض أنصار مرسي أنه حافظ للقرآن..هذا أمر جيد له..لكنه لو كان فاهماً في السياسة لكان ذلك جيداً للناس...لا يختلف اثنان على أن مرسي لم يقتل ولم يسجن، ولم يكمم الأفواه..حتى خصومه كلمني أحد الزملاء منهم أن مرسي كان (راجل طيب)..لكن هل كل هذا هو ما يحتاجه رئيس الدولة؟

يكفي مرسي أخيراً صموده النبيل في وجه جحافل العسكر والسماسرة وبنية الدولة العميقة..يكفيه أنه اليوم رمز المناضلين الأحرار لاستعادة الدولة من سيطرة النياشين، وأنه دفع ضريبة كلمة (لا)...

ادراك حقيقة أن ميدان رابعة العدوية ممتليئ يحتم التراجع عن الانقلاب..وإدراك حقيقة أن ملايين خرجت ضد مرسي يحتم التنازل عن عودة مرسي..ومن هنا ينطلق الحل...

وأخيراً...

ماذا لو التزمنا بالحكمة الخالدة:

"ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدولوا اعدلوا هو اقرب للتقوى"


في الثلاثاء 30 يوليو-تموز 2013 10:40:34 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.com/articles.php?id=21523