عندما يخسر الثوار مبادئ ثورتهم
رفيقة الكهالي
رفيقة الكهالي

الأخت توكل كرمان أحد الثوار الذين خاضوا غمار معركة الثورة الشبابية الشعبية , وصمودها الأسطوري بوجه من كان ومازال يحاول إخمادها , والقضاء عليها بالعبث بأهدافها وقيمها ومبادئها التي انطلقت من أجلها  كالديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية وغيرها ,,

وحقيقةً لم نكن نتوقع أن يصل مقدار التخبط والتضارب الذي تعاني منه منذ فترة ـ والذي كنا قد ذكرنا بعضه في مقال لنا بعنوان " توكل كرمان ونرجسية ال,, كما كنا نتمنى أن تتحرى الدقة والموضوعية وهي تطلق حكم " الفشل الذريع " وجه الآخر " -  إلى هذا المستوى من التناقض وإلى حد الاصطفاف بخط واحد مع رموز النظام السابق كيحيى صالح وياسر اليماني والصيادي وغيرهم ممن انضموا إلى صفوف المتظاهرين في الثورة المضادة التي يقودها الفلول في ميدان التحرير بمصر , الهادفة إلى إسقاط الشرعية التي حصل الدكتور محمد مرسي وحزبه حزب الحرية والعدالة بانتخابات حرة ومباشرة إتسمت بالنزاهة والشفافية , ومصادرة إرادة الشعب المصري , والقفز إلى الحكم بأية وسيلة , ولو كانت عبر إدخال البلد في متاهات المجهول والفوضى والاقتتال والتصارع والخراب ,,,

الخلل في التوازن , وعدم الثبات على المواقف والمبادئ لا يتعلق بتوكل فقط ؛ بل هناك مجموعة من الثوار الذين نهجوا نهجها سواء في مصر أو اليمن أو غيرها من دول الربيع العربي ,, وتعالوا معي لقراءة بعض الآراء والتصريحات الأخيرة لها , وبخاصة فيما يتعلق بالأزمة السياسية الطاحنة الدامية الحالية في مصر ,,

الأخت توكل حكمت بالفشل الذريع للرئاسة المصرية بعد سنة واحدة فقط من بدء ممارسة نشاطها ,, وكم كنا نتمنى ان تتحرى الدقة والموضوعية وهي تطلق حكم " الفشل الذريع " على الرئيس مرسي وحكومته , وتوضح لنا معالمه ومظاهره وأسبابه الحقيقية ,وعما إذا كان لِما يدعى بالمعارضة علاقة بالفشل أم لا ؟, وهل هناك فعلاً فشل , أم هناك نجاحات لافتة على الأرض للمشروع النهضوي للإخوان المسلمين , هي من أخافت أعداء النجاح والاستقرار من رموز النظام السابق والمتطلعين إلى كرسي الحكم , الذين سعوا ويسعون إلى العرقلة والإفشال بكل الأساليب والطرق ,,

اتضح أن الأخت توكل لا تفقه أبسط مبادئ الديمقراطية التي تنادي بها ,, ونرجو منها أن تقدم لنا التجربة التي تستند إليها في دعوتها للحزب الحاكم في انتخابات تنافسية نزيهة ومباشرة من أن يتنازل عن شرعيته المنتخبة وتطالبه بالتوافق في إدارة البلد , ورغم أن الديمقراطية الغربية التي تفهمها جيداً تنص على أن الأغلبية هي من تشكل الحكومة لتضمن تنفيذ برنامجها الانتخابي ,, إلا أن الرئيس قد مد يده للجميع من أول يوم تسلم فيه مهام عمله , ليشكلوا الحكومة المتنوعة فعلاً من أطياف عديدة وهناك عدد كبير من المحافظين لا ينتمون إلى الحزب الحاكم , إلا أن معارضة حمدين والبرادعي كانت هي من ترفض على طول الخط , لأن الهدف كان إسقاط شرعية الأخوان ومشروعهم وليس مشاركتهم ,,, ولا ندري علام المزايدات والكذب ,,,

الأخت تتكلم عن الانعزال الذي يتسم به الحزب والجماعة , رغم أن نداءات الحوار والمشاركة لم تتوقف يوماً منذ صعد الرئيس مرسي إلى الحكم , وكأن الإقصائي هي المعارضة ورموزها وليس العكس , لكن الأخت تصور الأمر وكأن الأخوان هم من يرفضون مشاركة الآخرين ويقومون بالاستئثار بكل مؤسسات الدولة ,,,,

الأخت نسيت أن مرسي يمثل شرعية نتجت عن عملية انتخابية قام بها الشعب بكل شفافية , وأن ما يحدث الآن هو انقلاب بكل معنى الكلمة عليها , وأي رئيس يأتي بعد مرسي لن تستقر له شرعية مادامت إرادة الشعب لا تحترم , ثم إن دعوات الاسقاط بدأت بعد مرور الأشهر الأولى مباشرة , دلالة على النية المبيتة بالانقلاب ,,,

الأخت العزيزة , انضمت إلى جوقة من ينادي بعودة حكم العسكر حتى تنتخب حكومة جديدة ,, ويا عزيزتي العسكر لن يعطوها للمعارضة المشتتة التي أتحداها أن تتفق وتقدم مرشح للانتخابات الرئاسية المبكرة التي تدعو إليها , لسبب بسيط أن كله يحلم بالكرسي ولو ذهبت مصر وشعبها إلى الجحيم ,,, وإن كان من سيعود للتنافس فهما الحزبان الأكثر تنظيماً أي الإخوان وتنظيم أحمد شفيق ,,,

والأخت تطالب من حركة الإخوان المسلمين التخلص من المرشد , والتخلص من مرسي معا في تصريحها الذي تقول فيه " لو كانت حركة الإخوان في مصر حركة ديمقراطية لأطاحت بمكتب الإرشاد ومعهم الرئيس مرسي لفشلهم الذريع في إقامة تحالفات وتشبيكات وشراكات واسعة، وبفعل هذا الفشل تعاني الدولة المصرية وحركة الإخوان معاً من عزلة مطلقة مما سيتسبب في حدوث كارثة محققة لمصر وللحركة معاً .. إن لم يحدث شيئاً ينقذ الموقف! " ,,, وهذا والله من العجب العجاب , تطالب الحزب الحاكم من التخلص والإطاحة بالرئيس الذي يمثلها وصعد باسمها وينفذ برنامجها ومشروعها ,,, وليس ذلك فقط بل بالإطاحة بمكتب الإرشاد ,, يا أخت الشطحات لا تنفع , وكنا سنسعد لو هناك طرح لمعالجات أوجه القصور , أو مقترحات لتطوير الأداء التنظيمي والسياسي لحزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان , أما أن نطيح بمؤسسات الجماعة لنرضي الفلول وغيرهم , فهذا بعيد عن الصواب ,,

أود أن أذكر الأخت توكل وهي تهاجم بهذا الشكل البعيد عن الإنصاف ,, إن الإخوان كان لهم دور أيضاً في صناعة اسمك , وترويجك بإعلامهم , خصوصاً في المهرجانات والفعاليات المختلفة , وكانوا حينها عندك " حلوين وقمورين وحبوبين " , فما الذي حدث ليستحقوا الإطاحة ؟

نحن نعترف أن هناك أخطاء وندعو وننادي ونعمل على معالجتها وتصحيحها , ولكن الأخطاء لا تعني أن أخلع رداء وأرتدي غيره حسب مقاس المصلحة , أو أن أجعل من عبدالمنعم أبو الفتوح الذي يعجب الأخت وتستدل بأقواله وتتبع خطواته وأفعاله , بطل أسطوري وسياسي خارق ,,,

ياعزيزتي توكل أبو الفتوح يتخبط وسيخسر رهانه وتخسرين معه , لأنه وضع يده بيد من قامت الثورة لتسقطهم , لقد فقدنا احترامنا له ليس لأننا ندعم مرسي فقط , بل لأننا ندعم ثورة شعب وإرادة أمة ,, وهي من ستنتصر وتبقى , وسيتراكم الخبيث بعضه فوق بعض ,, و " أما الزبد فيذهب جفاء " ,والله المستعان على الثبات على مبادئ وقيم ثورتنا , هو خير المولى ونعم النصير ,, ودمتم ثواراً ابطالاً


في الثلاثاء 02 يوليو-تموز 2013 05:01:14 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.com/articles.php?id=21180