التحالفات القائمة والمحتملة عشية مؤتمر الحوار
مصطفى راجح
مصطفى راجح

خمسة متغيرات ومخرج واحد

إذا ما تأكدت مشاركة الحراك الجنوبي ، أو على الأقل أغلبية معقولة من فصائله واتجاهاته ، فسوف يكون المتغير الرئيسي الذي سيؤدي إلى إعادة تشكيل التحالفات القائمة بما يرجح ممكنات إنجاز الدولة الوطنية أياً كان شكلها ، لأن مراهنة الحراك على حل القضية الجنوبية في إطار الوحدة اليمنية وإعادة صياغتها هو المعادل الموضوعي لنضج قوى الحراك ، وبالتالي تعديل موازين القوى على مستوى اليمن ككل ، والعكس تماماً لو استمرت رعونة الحراك وتنفيره لكل الأطراف والقوى واليمنيين عموماً بواسطة النغمة الانعزالية التي تعتبر المعادل الموضوعي لفقدان الإدراك بالمصلحة التاريخية للجنوب واليمن عموماً بما يتطلبه ذلك من وعي بالفرصة التاريخية المتاحة لإعادة تشكيل الدولة وميزان المصالح المجتمعية الجديد وما يقتضيه من تحالفات على مستوى الساحة اليمنية دونما استثناء لأي قوة أو جهة. 

المتغيرالثاني: عشية مؤتمر الحوار الوطني هو موت اللقاء المشترك ، أو على الأقل عجزه عن تطوير وظائفه السياسية والاجتماعية والاقتصادية كتحالف، فقد كانت الوظيفة السابقة مقتصرة على الدفاع عن الهامش الديمقراطي والاصطفاف ضد التمديد والتوريث ، وفي اللحظة التي أنجزت فيها هذه المهمة التاريخية ذهبت بعض قوى المشترك إلى إعادة إنتاج خطاب الماضي وأحقاده بدلاً من الذهاب إلى بلورة المهام الجديدة للتحالف النادر والاستثنائي على مستوى المنطقة العربية.

لقد تطور الوضع في خطاب التنافر من الهجومات الفردية للمثقفين والصحفيين الذين تماهوا مع حاجة المخلوع في عدائيته لحزب الإصلاح، تطور الوضع إلى تبني قيادات من الحزب الاشتراكي نفس الخطاب أو على الاقل اقترابها منه أكثر من اقترابها من حليفها الرئيسي في اللقاء المشترك دونما مبررات مقنعة، وهذه الوضعية التي أكملت الطوق على حزب مد يده للآخرين طوال العقد الماضي صنعت لدى قيادته وأعضائه مرارة كبيرة وشعوراً بالخذلان سيكون من غير الممكن تجاوزه بسهولة.

وكل هذا التفتيت لم يتأسس على رؤية موضوعية بقدر ما استند الى الارتكاس المرضي نحو التمترسات القديمة ، وبدا لنا ونحن نقرأ المخرجات اليومية في بعض الصحافة السيارة وكأننا في بداية عقد التسعينيات وتمترساته، وكأن عقدين من المتغيرات لا تعني شيئاً ، والتحالف الذي أنجزه الشهيد جار الله عمر وكان الحدث الأهم بعد الوحدة وأدى إلى إسقاط صالح ، كأنه لم يكن.

المتغير الثالث: هو انعقاد مؤتمر الحوار في ظل وجود مراكز القوى التاريخية في الجيش كحقيقة تزداد رسوخاً، وتقاربها من بعضها البعض «ضمنياً» عبر تماهي خطابها مؤخراً ، للتهويل من هيكلة الجيش والتحذير من إزاحة القيادات التي ارتبط وجودها بالهيمنة الأسرية القبلية ، وساهم في هذا المستجد عوامل مؤثرة جعلته ممكناً لعل أهمها رعونة أداء الحراك وتطرفه الذي أخاف قطاعات واسعة من الرأي العام وجعلها ترى فيه الخطر الأول قياساً بالأولوية التي يراها هؤلاء للوحدة اليمنية والضرورة التي لا تقبل الأخذ والرد حول بقاء الكيان اليمني موحداً بغض النظر عن التفاصيل اللاحقة وشكل الدولة وهو مالم يظهر الحراك التابع للبيض والمهيمن بصوته العالي أي بوادر للتعاطي معه، ويضاف للعوامل التي أيقظت القوى التاريخية المهيمنة خطأ حسابات الحزب الاشتراكي وتحالفاته المضطربة التي فرطت بالإصلاح دون مقابل واضح ومقنع ، وكذلك البطء في إزاحة مراكز القوى العائلية من مؤسسة الجيش.

المتغير الرابع: والأهم هو وجود الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيساً لليمن ومؤتمر الحوار الوطني وقائداً للمرحلة الانتقالية، وهذا عدا عن كونه تغيراً في مركز الرئاسة المهم والمؤثر الأول في قيادة البلد، فهو يحمل أيضاً تغيراً في ميزان مراكز القوى ويعيد توزيع القوة التقليدية بتفتيت مراكز القوى التاريخية المسيطرة أو على الأقل اقتطاع جزء من نفوذها مؤقتاً كمرحلة أولى تفتح باباً لإعادة بناء مؤسسة القوة على أسس وطنية.

المتغير الخامس: أن مؤتمر الحوار ينعقد في ظل نهاية الثورة الشعبية السلمية بشكلها الجماهيري الشعبي ، مع بقاء المتغيرات التي أحدثتها وأهمها وجود رئيس جديد لليمن من خارج الهضبة القبلية المهيمنة ، ومسار الحوار الوطني المفتوح على آفاق إعادة بناء الدولة اليمنية على أسس وطنية وحديثة بما فيها مؤسسة الجيش.


في الخميس 07 مارس - آذار 2013 06:30:36 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.com/articles.php?id=19535