حصتنا من التخلف مازالت كبيرة
جلال غانم
جلال غانم

لا يوجد شعب في العالم يُدافع عن السياسات الخاطئة التي تنتجها الأسر والجماعات الحاكمة إلا في اليمن وهذا الدفاع المُستميت عن الخطاء يعتقد البعض أن درئه عن المُذنبين رُبما يُجنبهم من الوقوع في المُسائلة أو الانتقاد مرة أخرى .

إن أحزابنا المتواجدة على الساحة الوطنية مازالت مطحونة وتُمارس أشد حالات الإقصاء لكل من يختلف مع توجهاتها وأن برامجها الحزبية لا تتعدى رديف ومشده شيخ ورُبما هذه الحالة متواجدة ليست مع الأحزاب اليمنية في مُجتمعنا حتى في الأحزاب اليسارية وما تحمله من أفكار يانعة إلا أنها مازالت هذه الأفكار مُحاصرة وتحتاج إلى مقياس حقيقي للنضوج والموازاة مع مُخرجات أي عملية سياسية .

حالات العبث اليومية التي تنتجها هذه القوى السياسية والتخلف الذي يفوح من صراعها من أجل لا شيء لم نشعر معهم يوما ما أننا ننتمي إلى وطن بقدر ما ضننا أننا ننتمي إلى هذا الحزب أو ذاك لأننا أمنا أن هذا الحزب وهذه الجماعة لا تُمارس الإقصاء والخطاء وهذا بحد ذاته أقصى درجات التخلف والانجراف وراء من يُسيرنا .

أتمنى من هذه القوى التي تُسمم كُل يوم الساحة الوطنية بدلا من رشق الاتهامات وُممارسة الابتزاز في أي قضية وتسجيلها النقاط السياسية الوهمية أن تتجه ولو بالغلطة إلى مُمارسة الفكر السياسي بدلا من السلوك الفردي الإقصائي الذي لا يقود إلا لانتصار رئيس الحزب وشلته دون قاعدته الجماهيرية .

فقد أثبتت كُل التجارب التي مرت بها هذه القوى أنها مازالت في مراحل العُجز الحزبي خارج حُلم المؤسسات المدنية التي تقضي بوضع حد معقول من التحاور والبناء الفكري لمؤسسات الحُكم والمؤسسات الحزبية كي ينعكس كُل ذلك على قواعدها الجماهيرية بدلا من أن تأمرهم برفع الشعارات المُعادية لكل حالات الحياة المدنية الحقيقية .

يجب أن نؤمن جيدا أن هذا الزمن هو زمن التحولات بكُل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى وهذه التحولات يجب أن تُبنى بشكلية أوضح قادرة على استيعاب أجيال تريد أن تعيش وفق نظريات سياسية معقولة قادرة على قراءة الآخر ودراسة كُل الأزمات الحزبية والوطنية ودون تقديس لأي كان مهما علت قيمته الحزبية أو لأنه يُمثل تيار ديني يجب الاستماتة دونه أو حتى تيار يساري بسبب انفتاحه الفكري دون أن نعرف أن هذه الأفكار غير قادرة على الاستيعاب من قبل قواهم الجماهيرية .

من يكتب اليوم عن سياسات بائدة لأي حزب مُعين يجب النظر لهذه الكتابات بشيء من النقد القابل للإصلاح وليس للدفاع وهذا النقد من شأنه أن يخلق لدينا مُجتمع صحي قادر على تقبل كُل الأفكار .

صحيح أن العمل الديمقراطي مارسناه بالخطاء ولا يُمكن أن تنجح أي عملية ديمقراطية عصرية حديثة بين الأوساط القبلية التي مازالت تعيش فكرية الأنا بشكلها الموتور والاستفزازي التي تعني لديها هذه الأداة هي نُصرة ابن القبيلة غالبا أو مغلوبا .

فنحن مازلنا كُل يوم نصنع ديكتاتور جديد في أوساطنا وهذه الصناعة دائما ما نُغلفها ونوجد المُبررات التي تجعلنا نُصدق أوهامنا ونمضي في طبطبات هؤلاء الأشخاص لنكتشف بعد عقد من الزمن أو ربع قرن أن هذه القيادات سيئة ولا تُلبي طموحاتنا .

فمن يُفكر في انتخاب لص وسارق وإن كان هذا اللص قبيلي أو مسيحي أو يهودي سوف يظل هذا الشخص لص ويُمارس كل ابتزاز سياسي باسمنا ولن يتخلى عن سلوكه هذا إن لم نردعه ونوقفه عند حده .

لهذا نقول أن حصتنا من التخلف مازالت تكبر مُقابل أي انتصار سياسي وتتمدد في أي عملية نصنعها ويجب أن نعي أن أي قادم يجب أن يضع حد لهذا التوسع ويخلق مناخات أكثر قُدرة على استيعابنا كيمنيين بشكل أكبر بدلا من أي صناعة لأشخاصنا السيئين .

Jalal_helali@hotmail.com


في الأربعاء 09 يناير-كانون الثاني 2013 05:08:26 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.com/articles.php?id=18750