من فيصل المخلافي الى عبد الملك الحوثي
فيصل علي
فيصل علي

اخونا في الله عبدالملك الحوثي ليس مهما ان يعلم الناس انك ابن رسول الله بقدر ما يهمهم ان تسلك سلوك رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحب والرحمة والاخاء والتسامح وعدم اراقة الدماء والسعي لمكارم الاخلاق وعز المسلمين وبالمؤمنيين رؤوف رحيم .. فما يجري في كشر ووشحة وعاهم ومديريات حجة ينقض مبررات دفاعكم عن انفسكم في صعدة في الحروب الستة ،وان كنا نستطيع ان نتفهم ذلك الدفاع عن النفس في قراكم ومديرياتكم ، لكن ما تقومون به من اعتداءات بعيدة عن قراكم والمحافظة التي تنتمون اليها لن يتفهمه احدا سوا انه عدوان على اهل تلك المناطق من عباد الله الغلابى المساكين ،اعتداء على المال والنفس والعرض وهتك للحرمات، لا يرضاه الله ولا رسوله . يا من ذقت وجع الاعتداء وظلم ذوي القربى كيف تصبح معتديا اثاما بما جنته يداك؟ .. اذا كنت لا تستطيع ان تطعم اهل صعدة "فول" فكيف لو سيطرت على اربع او خمس محافظات او استقطعتها من ذمار الى صعدة انها مسئولية صعبة وغير مأمونة العواقب.

ما الذي يمنع رجلا شجاعا مثلك اخي عبد الملك ان يوقف كل تلك المجازر العبثية بحق الابرياء ماذا لو كنت مرجعا للتسامح في صعدة بل في اليمن كلها ؟ ماذا لو كنت عكس كل ما الصقوه بك من تهم واثبت انك الافضل ؟ طريق الدماء لم يخلق شيئا على ارض الواقع فليس هناك مقاومة في صعدة اليوم وانما اعتداءات في محافظات اخرى ترهب الامنيين ، الدولة اليوم في امس الحاجة الى دعمكم للمشروع الوطني الواحد اذا كنتم لا تفقهون كثيرا في السياسة فاسلوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون، اما ان تعتمدوا في مواقفكم من الجميع على مراهقين صغارا او اناسا في سن التصابي من النرجسيين او الساديين الذين فقط يريدوا منكم ان تساهموا في هدم المعبد لانه لم يمنحهم حق الكهانة التي منحها اياهم صالح عندما رباهم في غرف خاصة وخبأهم لاغيتيال الكلمة واغتيال المحبة بين اليمنيين في يوم كان يراه راي العين وهو يوم سقوطه من على عرش الوهم. اخي عبد الملك اجدك اكبر من ان تنجر وراء الصبيان وعيال الشوارع فانت ترث تركة ثقيلة لاسترك المظلومة بلا شك من قبل صالح ونظامه البائد ،فلا تخيب امل من مات من اهلنا في صعدة سواء كانوا عسكريين او مدنيين فكلهم كانوا يسيرون وفقا لما خططت له اجهزة صالح في تفتيت اليمن الى مشكلات عنقودية لا متناهية كي يظل كاهنا شرعيا لمعبد آمون.

على الصعيد الشخصي انا لا اعرفك بل اعرف عبدالله حسين بدر الدين الحوثي ابن اخاك التقيته في صحيفة الثورة قبل نهاية الحرب الخامسة وعملت معه مقابلة سريعة، دفعه النظام آنذاك الى المجيء واجراء تلك المقابلة التي تحولت الى منشورا طبع بعشرات الالاف من النسخ الذي القته الطائرات على جبال وشعاب صعدة.. من خلال المقابلة وجدت عبدالله شخصا مهذبا مؤدبا رفيع القدر سوي النفس لا تنقصه الحنكة ولا الشجاعة عن قول الحق لكنه واسرته تحت الاقامة الجبرية في صنعاء واقنعوه ان ياتي ليشكر رئيس الجمهورية على تعاونه مع اسرته ويدعوا لوقف الحرب في صعدة، بعد ان اجريت المقابلة سلمتها لرئيس التحرير الذي لم يبخل عليها بالتحريف والتزييف والتدليس بحسب ما يمليه عليه عبده برجي.. عندما قرات المقابلة في صباح اليوم التالي صعقت من الكذب فقد جعلوه يتحدث عن عمه المتمرد ووالده المتمرد وضعوا لمساتهم الغير اخلاقية على مقابلة لم تكن اكثر من مقابلة بريئة مع شاب في العشرين من عمره.. اتصلت به وقلت له انا لديا نسخة غير محرفة من المقابلة تعال ونذهب نفضحهم امام وسائل الاعلام ونعمل مؤتمر صحفي يفضح كل التدليس ولأخسر وظيفيتي مقابل ذلك .. حاولت معه لكنه رفض وتفهمت رفضه.. تلك المقابلة غيرت مجرى حياتي الصحفية شعرت يومها ان الصحافة بجد خرقا بين افخاذ الخلافة . فبحثت عن المخرج البعيد حتى لا افقد نفسي الممزقة مرة اخرى.. الشاهد فيما سبق اخي عبد الملك انكم اسرة كريمة وضعتم في وجه المدفع لتدفعوا ارواحكم الثمن في نهاية المطاف.. ومن هنا ادعوك كمحب مخلص ان تعيد النظر في ما تفعله او ما تامر به اتباعك في التحرك في الطريق الخطأ فالحرب والسلاح وطريق العنف لن ياتيك بدولة تحكمها على تلالا من الجثث ، هناك طريقا اخرا اسهل وايسر ومضمون العواقب.. ان تكون فاعلا في ميدان السياسة وتؤسس حزبا لا يمنح حق اللجوء للحاقدين من بقايا النظام الذين سيسارعون الى الارتماء بين اقدامكم مثل الثعابين ليوقدوا نار الفتنة من جديد هو ما سيجعل الطريق امنا امامكم للوصول الى الحكم..

اليمن اليوم تنتظر مشروعك السياسي العقلاني لا تنتظر منك المزيد من القتل والدماء والدمار والانتقام ومهما كانت البدايات السياسية صعبة الا انك بمشروعك هذا ستكون القوة الثانية في البلد بدون منافس !ومن يدري لو اقتنع الناس يوما بافكراك ستكون الحاكم او الحزب الحاكم ، هذا هو الطريق لقطع الشبهات والتقولات ،أمل شخصيا ان تمضي فيه وستجد الدعم والرعاية بشروطك انت لا بشروط من يبحثون عن الضحايا والجماجم البشرية.

دعني اشرح لك اخي عبد الملك من هم اعدائكم الحقيقيين : عدوكم الجهل والامية التي انتم فيها كثير من اتباعك يتركون التعليم ليلتحقوا بالمليشيات وهذا سيولد لديكم امة من الاميين سيصيرون عالة عليك في المستقبل اذا ما استمر الوضع على هيئة مليشيات مسلحة لفترة اطول ، عدوكم الفقر والحاجة وذل السؤال ما جعلكم تغيرون ولو شيئا بسيطا من مذهبكم مقابل دعم اعجمي ايراني لا تقبلونه كعرب قبل ان تكونوا مسلمين.

عدوكم صالح الذي جعل صعدة بؤرة توتر واراد ان يستغل حبكم للدين والتدين لاغراض في نفسه تمنحه البقاء لكن الرياح تاتي بما لا تشتهي السفن ، عدوكم من زودكم بالاسلحة اما عن طريق التسليم المباشر او الغير مباشر.

صالح حولكم من مشروع حوثي ديني زيدي شباب مؤمن الى مجرد قتلة يراكم الناس جزءً لا يتجزا من المشروع الايراني المصدر للثورة الصفوية للسيطرة على المنطقة تحت شعارات الدين ، وبهذا يكون النظام قد اوجد لكم الاعداء من كل محافظات اليمن بينما انتم جزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والديني لليمن. صالح باعكم الوهم عندما امركم بطريقة مباشرة او غير مباشرة للتحرك نحو المحافظات القريبة فما هكذا تورد الابل اخي عبد الملك.

ليس الاصلاح عدوكم على الاطلاق! لماذا يعاديكم حزب يريد ان تكون شعبيته كاسحة لا يستثني احدا، حزب نشط يريد ان يحكم بفاعلية مع كل القوى الموجودة في الساحة بدون استثناء احد ، ما الذي سيجعله يعاديكم وانتم اصلا جزء من المشروع الاسلامي العام بصفته حزبا اسلاميا ، هذا الحزب لا يعادي اي مذهب كان اذ ليس من حقه ذلك وفق الرؤية المنهجية الاسلامية التي ينتمي اليها ، قد يكون لديه بعض نقاط الاختلاف في الفقه المرجعي، لكن ذلك لا يرقى لان يكون عداوة بينه وبينكم سواء اكنتم زيدية متمسكون بجاروديتكم او قد توكلتم على الله واتبعتم بعض مبادئ الجعفرية الامامية فهذا شأنكم، انا لا اتصور من خلال معرفتي واطلاعي على مناهج الاخوان المسلمين ما يفيد ان هناك عداوة او اثارة عداوة بينهم وبين ايران الجعفرية الاثني عشرية لسبب مذهبي ، علينا جميعا ان ندرك ان هناك من يريد ان يصنع امجاده على اشلاء الجميع ولا يخفي تلهفه لحرب تصفيات بين "علي و معاوية" واعلم ان الجميع يدرك ذلك..

ليس الجنرال علي محسن عدوكم وانتم تعلمون ذلك من خلال ستة حروب ذقتم لضاها معا، الجيش ياتمر بامر قائده الاعلى لم يكن الجنرال هو ذلك القائد، تعلمون ان صالح هو من امر بالحروب ومن امر بالهدنة عن طريق التلفون في كل حرب، ولا تخفى عليكم قصة تدمير الجيش اليمني في جبال صعدة ، فبدلا من ان يستثمر التنوع المناخي والغنى في تربة صعدة الذهبية استثمر المدافع والقذائف واهلك الحرث والنسل ..لا اريد ان اشرح الكثير هنا ولكني احب ان اضع امام عينيك اخي مثالا توضيحيا بسيطا: كيف انسحبت بل لماذا انسحبت قوات الجيش من كثير من المديريات التي تسيطر عليها مخلفة اسحلتها وعدتها وعتادها بدون حرب؟ لماذا ترك لكم كل ذلك السلاح؟ لماذا ورطكم في ضرب القرى المتاخمة على الحدود السعودية؟ كل تلك الامثلة والاسئلة يجب ان تجعلكم تعيدون النظر فيما خططه لكم وماذا ارادكم ان تكونوا .. صحيح انكم شباب متحمسين لكن حماسكم لا اظنه يعمي عيونكم او تسلموا امركم لدوافع الحرب والعدوات الوهمية.. كل الحروب التي خاضها المسلمين بينهم البين .. اضعفتهم وارهقتهم ولم ينتصر فيها الا من يتلذذ بموتهم جميعا.

الثورة هي هدف الجميع والتخلص من نظام التخلف الذي جثم على صدر الوطن 33 عاما هو مطلب الكل، فسواء كانت نهاية هذا النظام سياسية بحسب فعل المعارضة والقوى الاقليمية والدولية وهذا هو ما نسميه بالحكمة وعدم اراقة الدماء او كان عن طريق حسم ثوري لا يبقي ولا يذر فكليهما حلا، لكنه حلا اقل تكلفة واقل دماء ولا يستغربا احدا من كره اليمنيين لاراقة الدماء .. واظن اهلنا في صعدة معنا في ذلك خاصة وانهم ذاقوا اكثر من غيرهم فضاعة وخسارة الاهل والاحباب في الحروب الستة المشئومة التي شنت عليهم في عقر دارهم.

ان رفض الانتخابات والمبادرة والحصانة يعني فتح حنفي الدم في كل بيت يمني وهذا غير مقبول.. باسم كل شهداء الثورة اليمنية وباسم كل الدماء التي سفكت هنا او هناك ادعوك شخصيا اخي عبد الملك الى كف الاذى عن كل المحافطات التي يستطيع الوصول اليها اتباعك .. كما ادعوك للمشاركة في ارساء الامن والامان في كل ربوع اليمن وليس مديريات صعدة وبعض القرى التابعة لك وذلك بالمساهمة الفاعلة في الانتخابات الرئاسية او الاستفتاء او ما تريد ان تسميها فالجميع يعرف ان معناها انهاء حقبة زمنية اليمة كادت تودي بنا جميعا.. وفتح صفحة بيضاء للجميع بلا عداوات او مناكفات، لتسري العدالة الانتقالية الى كل ربوع اليمن من صعدة الى المهرة لنستطيع بعدها بناء دولتنا المدنية الغالية على كل قلب ..


في الأحد 12 فبراير-شباط 2012 11:46:08 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.com/articles.php?id=13718