الرئيس السابق بين وطنية اليمنيين وعنصرية الحوثيين
بقلم/ د. عبده سعيد المغلس
نشر منذ: 5 سنوات و 11 شهراً و 14 يوماً
الجمعة 13 إبريل-نيسان 2018 03:09 م


المواقف التي يتخذها الإنسان فردا أم جماعة تبين معدنه وسلوكه, فالرئيس السابق حكم اليمنيين 33 عام بثقافة الفيد والإخضاع وحول اليمن إلى شركة قابضة له ولأقربائه وأدواته, وعاش الشعب اليمني بين غربة خارجية, بحثا عن لقمة العيش, وغربة داخلية تبحث عن وطن وكرامة, حولت البعض منهم إلى عمالة في شركته القابضة والبعض الأخر لبطالة باحثة عن أمل للعيش والحياة, وتطورت شعوب المنطقة وبلدانها وبقي الشعب اليمني بحالته تلك, تغيرت منظومة القيم وتمت المتاجرة بكل شيئ بالوطن والعقول والدماء والثروات والأعراض وأصبحت حياة المواطن وموته سيان, فخرج الشعب اليمني بشبابه وكهوله, ثائرا في ثورته الشبابية, بصدور عارية وقبضات مرفوعة, وهتافات غاضبة, لم تطالب الجماهير بالانتقام أو سفك الدماء ولم تحمل سلاحا, اعتصمت بسلمية في الساحات, انحصر مطلبها بأمرين "إسقاط النظام" "ارحل" وقدمت بهذا الفعل الثوري السلمي والمسالم نموذجا وطنيا لا مثيل له, عند شعب مدجج بالسلاح, غير أن الرئيس السابق بنظامه لم يقدر هذه الوطنية التي لا تريد الإنتقام وسفك الدماء, فواجه سلمية الساحات بالقتل والحرق, وحدد الوطنيين من أركان النظام انحيازهم للشعب والوطن, وعلى رأسهم نائب الرئيس الحالي, الفريق علي محسن صالح الأحمر, واتجهت اليمن نحو حرب أهلية, وبسبب موقع اليمن فتلك الحرب, مهددة للإستقرار والسلم والأمن الدوليين, فتداعت دول مجلس التعاون والعالم وقدموا المبادرة الخليجية, التي ضمنت للرئيس السابق ونظامه الحصانة, والمشاركة بالسلطة بنسبة 50%, وقبل الشعب اليمني ذلك مقابل تجنيب اليمن ويلات الحرب والصراع, وسجل اليمنيون موقفا وطنيا فريدا أخر بقبولهم وتقبلهم لذلك.
قاد هذه المرحلة فخامة الرئيس المشير عبدربه منصور هادي الذي مثل زعامة وقيادة فريدة من نوعها, فهو يحمل مؤهلاً علمياً, ويتمتع بعقلية استراتيجية, ومعرفة تاريخية, بجذر المشكلة اليمنية, ولا تدفعه أو تحكمه العصبية, ولا روح الإنتقام, مؤمن بالإنتصار لشعبه وتطلعاته, فعمل مع الخيرين من اليمنيين والأشقاء والأصدقاء, الذين يهمهم اليمن واستقراره, على معالجة جذور المشكلة اليمنية في الهيمنة على السلطة والثروة, فكان الحوار الوطني ومخرجاته, الذي قدم مفهوما جديدا لبناء الدولة والوطن الواحد والمواطنة الواحدة, ونتج عن ذلك, مشروع الدولة الإتحادية بأقاليمها الستة, ومسودة للدستور تحمي وتؤسس الدولة الإتحادية ومشروعها, فعمدت قوى الفيد والإخضاع والعنصرية وعلى رأسها مليشيا الحوثي الإنقلابية, للإنقلاب على المشروع الإتحادي, وربط اليمن الوطن والشعب, بالمشروع الإيراني الصفوي, المدمر للمنطقة وللعروبة والإسلام, فتحالف الرئيس السابق مع المليشيا العنصرية, بإنقلابها الذي اختارت له يوم تتويج الإمام البدر إماما على اليمن, مؤكدة الإنقلاب على الجمهورية واستعادة الإمامة, وبدافع الإنتقام تناسى وطنية اليمنيين وما قدموه له ولنظامه, فغدر بالوطنية اليمنية, وراهن على العنصرية الإمامية, لكنه لم يدرك أنه خان نفسه وشعبه ووطنه بتحالفه مع الحوثيين, وسلمهم الجمهورية, التي أوصلته كقبيلي للرئاسة, وسلمهم السلاح والجيش والأمن, ليقتلوا اليمنيين, ويهدموا مدنهم ويحاصروها, ويقصفون جيرانهم, ويهددون السلم والأمن الدوليين, فخانه حرسه وأقرب المحيطين به, وغدروا به, وسلموه للحوثيين ليقتلوه, وخيرا قدم المجتمع الدولي لليمن وشعبه بطي صفحة الرئيس السابق في القرار ٢١٤٠ ( 2014) الذي اتخذه مجلس الأمن في جلسته ٧١١٩ ، المعقودة في ٢٦ شباط/فبراير 2014 حين نص" وإذ يسلم بأن عملية الانتقال تتطلب طي صفحة رئاسة علي عبد الله صالح". وكذلك ما نص عليه القرار 2216(2014) الذي اتخذه مجلس الأمن في جلسته 7426 ، المعقودة في 14 نيسان/أبريل 2015م بالتصرف بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، من إخضاع نجله أحمد للعقوبات والتدابير المفروضة بموجب الفقرتين 11 و 15 من القرار 2140(2014) بسبب دوره في دعم الإنقلاب وإدارة ثروة الشعب المنهوبة .
تلك سُنَن الله وقوانينه فمن يعتبر بأن المكر السيئ يُحيق بأهله.
مات الراقص على رؤوس الثعابين بلدغة ثعبان العنصرية الإمامية, ولا زال بعض أركان نظامه خارج العبرة يحاولون الرقص من جديد.