ماذا سيحدث لو ألغيت اتفاقية التجارة الحرة بين تركيا وإسرائيل؟ تركيا تبدا بتسليم مسيرتها بيرقدار لأول دولة أوروبية.. وتتربع كأبرز 3 دول مصنعة للمسيرات حول العالم. المليشيات الحوثية تنفذ حملة اعتقالات بحق قاصرين يمنيين لانسحابهم من معسكرات الصيف الحوثية ... تفاصيل أجهزة الأمن بمحافظة مأرب تكشف تفاصيل وملابسات انتحار شاب في احد سجونها إيران تقترب أكثر من السلاح النووي .. «الدبلوماسية الغامضة» قرار رئاسي.. لتجنيد السجناء في صفوف الجيش .. كييف في ورطة رئيس الوزراء يناقش في لندن مع مسؤولي المنظمات الدولية فتح مكاتبها بعدن وتحويل المساعدات عبر البنك المركزي شاهد بالصور هذا ماحدث ليل امس بمحافظة مأرب.. مصدر الإنفجار العنيف الذي سمع ورواية مختلفة للحوثيين خبر غير سار لمدرب برشلونة تشافي هل لهجمات الحوثيين علاقة؟.. بريطانيا تكشف عن سلاح جديد لتفجير الطائرات المسيَّرة على الفور ''صورة''
هناك من الساسة من لا يكون معنياً بالاتفاق مع الآخرين إلاّ وفقاً لشروطه وهم نوعان: الأول يتجاسر ويدخل في حوارات, وهو يعرف سلفاً استحالة قبول الأخر ومع ذلك يناور ويكابر دون كَلل لتحقيق أهدافٍ, يُوحي بأنها تلبي الشروط, متعمداً إيقاع الأخر في مطب مزدوج: أمل في الوعود الخسرانة وحسن النية, وإذا تمكن من تمرير إتفاق فأنه يكون قد صنع الفرق الذي يتحول إلى كارثة, يصعب على الأخر أن يجد منه فكاكآ.
أما الثاني فأنه يتمسك بشروطه المعلنة ولو على خراب مالطة (حبتي وإلاّ الديك) كما يقول المثل, وإن حاصره الزمن والموضوع أو الرفاق لإبداء مرونه, فإن تعللاته تكون مجرد تبريراً للهروب الى شروطه, والنموذجان لهذين النقيضين هما صالح والبيض على التوالي.
كجنوبيون ابتلينا بالحقبة الزمنية التي جمعت هاتين الشخصيتين في قيادتي شطري اليمن, فبمكر وخداع صالح وسوء تقدير البيض, تم تدمير أمل الوحدة اليمنية ومن ثم سلخ الجنوب بسكين مثلومة, ونهب مقدراته بشراهة وهمجية منقطعتا النظير وسوء الطالع يضعنا اليوم على عتبة مرحلة جديدة من سوء ذات التقدير, الذي بدأ في نفق (جولد مور) وانتهى في سلطنة عمان.
فما ان تهيأت الظروف في حدها الأدنى للحراك السلمي الجنوبي للملمة الصفوف, خروجاً من أتون المكر والخداع, حتى تفجر الخلاف على الموعد, بداءً حول الرمزية المواءِمه بين الحاضر والماضي إلى الحد الذي جعل الماضي عبئاً زمنياً على الحاضر .. وحتى يكون مبرر المقاطعة بوجاهة عدم حضور البعض من الشخصيات الجنوبية الوازنة كان لا بد من استدعاء الدستور اولاً, والدور الفاعل للشباب, ومشاركة المرأة ولا بأس من ديباجة فضفاضة عن الظروف الموضوعية غير المواتية.
ويتضح من متن المبرر لمقاطعة الرئيس البيض لإعمال المؤتمر الجنوبي الأول: ان تقدير ظروف الأمس لا تختلف عنه اليوم, مع قلب وجه المجن, فإصرار الأمس على طي الزمن وصولاً الى الوحدة العام 90, هو ذات إصرار اليوم على مد الزمن, فإما لأن الرجل لم يحزم أمره بشكل نهائي, او إن هناك من المستجدات ما لم تكتمل عناصره ولا تستوجبه الإفصاح خلال المؤتمر.
وتحديداً في موضوع العلاقة مع إيران الذي يتناوله الجميع عدى الرئيس البيض, التجنب هنا هو قرينة الوجود الوحيدة وكان المؤتمر فرصه ذهبية لإنصاف منطق الشفافية وإجلاء حقيقة الموضوع, والخروج إزاءه بموقف جنوبي واضح تبنياً أو رفضاً إن كانت مفاعيله تتجاوز مصلحة الفرد وتدخل في صميم مصالح الشعب في الجنوب, أما التهرب فقد أثمر انطباع عام داخلي وخارجي البَّس الحراك الجنوبي عِمَّة الملالي, وجعله في مرمى الإعلام, في زمن يتفوق فيه الدعم الإعلامي على الدعم المالي تأثيراً.
هذه الربكة في التقدير, تأتي كون العمل ما زال فردياً ولم يرتق الى مرحلة المؤسسية, مما أتاح الفرصة للتعلل بما يليق وما لا يليق الإفصاح عنه, وما يزيد الأمور إرتباكاً وقلقاً: أن التجارب لا تشجع على الإنقياد الأعمى, صحيح إن العطشان لا يسأل عن لون اليد التي تمدُ له كأس الماء إلاّ أن الأصح, ألاّ يكون الضمأ مبرراً لشرب الماء إن بدا ملوثآ ولو بنسبة ضئيلة!
أما الغموض المعتِّم إن كان متعمداً فإنه دليل رغبة على فرض الوصاية, وإصرار على مصادرة رأي الأخرين, وفيه تكريساً للعبارة المخطوطة أسفل الصورة المرفوعة في بعض التظاهرات المسائية في عاصمة الجنوب عدن "إنا معكم حتى أوصلكم عدن" (هوَّه إحنا فوق لوري يقوده فرد؟) دعونا من الـ(انا) التي تتضخم بالنفاق, فالحق الوطني, قبل الحق الحراكي او الثوري يحتم على الجميع رفع شعار: معآ حتى الوصول إلى الوطن.