الإخوان المسلمون والحوثيون
بقلم/ حمد الماجد
نشر منذ: 14 سنة و 5 أشهر و 28 يوماً
الإثنين 28 سبتمبر-أيلول 2009 07:41 م

يقول حكماء السياسة إن عدم اتخاذك موقفا من قضية هو بحد ذاته موقف، وهذا ما أتصوره ينطبق على موقف التجمع اليمني للإصلاح فرع حركة «الإخوان المسلمون» في اليمن من الفتنة الحوثية في جبال صعدة، فقد بدا موقفهم باهتا ضبابيا تغلب عليه مصالح حزبية ضيقة وتحكمه حسابات سياسية آنية غير بريئة.

تجولت في الموقع الرسمي للتجمع على شبكة الإنترنت وتصفحت مقالاته وقرأت مقابلات قادته لعلي أجد موقفا للتجمع يفي ويشفي حول ما يواجهه اليمن من خطر الحوثيين فلم أجد إلا تزويقا لعبارات حمالة لأوجه، وليا لذراع النظام اليمني في فترة عصيبة لا يليق فيها الإصرار على رفع سقف المطالب وتشديد الملام على نظام الحكم مهما بلغت أخطاؤه وتجاوزاته، فسفينة الوطن تتعرض لرياح «جنوبية» عنيفة وإعصار «شمالي» ناسف، ولا يحتمل الموقف بخطورته في الوقت الراهن أية مزايدات سياسية.

لقد عاشت في اليمن تجربة تعايش مذهبية نادرة وفائقة النجاح بين المذهب الشافعي السني والمذهب الزيدي الشيعي، واندمج أتباع المذهبين في المساجد والتجمعات والنشاطات والتزاوج حتى يخال للناظر من بعيد أن الشعب اليمني ينتمي لمذهب إسلامي واحد، والحق يقال فإن التجمع اليمني للإصلاح ساهم مساهمة فاعلة في تذويب الفوارق وحشد الجماهير في وحدة إسلامية رائعة، وإيران لم تعجبها هذه التجربة الوحدوية الناجحة، فأرادت أن تنشر أيدلوجيتها في اليمن عن طريق إذكاء الفتنة الطائفية وإشعال جذوة التناحر المذهبي مستخدمة مخالبها الحوثية هناك، خاصة وأن إيران تدرك أن المشتركات بين المذهب الزيدي والمذهب الاثني عشري تشكل أرضية سهلة لنشر أيدلوجيتها الطائفية التي يكاد يخلو اليمن منها، ولعل من أهداف إيران المرحلية من دعمها للتمرد الحوثي تقويض نظام الحكم في اليمن والذي هو الآخر كان من أكبر المناصرين لتجربة التعايش الوحدوي بين المذهبين الشافعي السني والزيدي الشيعي ثم الانطلاق من اليمن لزعزعة السلم الطائفي في الدول المجاورة.

إذن فالحفاظ على المكتسبات الوطنية الرائعة ووحدة اليمن المذهبية أمام الأطماع الخارجية الإيرانية من المفترض أن يكون مطلبا وطنيا لكل الأطياف السياسية في اليمن، والتجمع «الإخواني» للإصلاح من باب أولى، ولهذا كان من المفروض أن يكون موقف التجمع من الشغب الحوثي واضحا وتنديده بفتنتهم جليا. وأما المناكفات السياسية والمطالب الحزبية والمزايدات المرحلية ومحاسبة النظام على أخطائه وتجاوزاته فالموقف الطبيعي أن يؤجل إلى ما بعد زوال العاصفة، فالكل يدرك حجم الثقل السياسي والشعبي الذي يشكله التجمع اليمني للإصلاح على الساحة اليمنية، لهذا فالمعول على قادته لوأد الفتنة الحوثية كبير خاصة أن الناس ما زالت تذكر إسهامهم القوي في تعزيز الوحدة بين اليمنين ومحاربة فلول الشيوعيين جنبا إلى جنب مع الجيش اليمني. فلا يليق أن يربط التجمع موقفه من الحوثيين ومن إيران التي تدعمهم بموقف حركة الإخوان العالمية من إيران والذي يتسم هو الآخر بالغموض والضبابية كموقف الحركة من النفوذ الإيراني في العراق وموقفها الأكثر غرابة من حركة التشييع التي تقودها إيران في مصر مقر حركة الإخوان الأم والتي لم يكن يوجد فيها شيعي واحد، وحتى تصريحات الدكتور القرضاوي في التحذير من النفوذ الإيراني في مصر لم تلق حسب علمي أي تأييد من قادة الإخوان هناك، وحزب الله الذي كان يلقى مناصرة من قادة الإخوان في مقاومته لإسرائيل، وهذا يتفهمه الكثير، لم يتلق أي انتقاد منهم حين اجتاح بيروت ومناطق السنة على وجه التحديد، وقل نفس الشيء من موقفهم الغامض والمضطرب من الاحتلال العراقي للكويت. باختصار السياسة الخارجية للإخوان في اليمن وغير اليمن تحتاج إلى مراجعة جذرية صادقة.

*عن الشرق الاوسط