هيكلة الجيش قضية أشخاص لا مؤسسات يا سعادة السفير
بقلم/ منير الماوري
نشر منذ: 12 سنة و 4 أسابيع و يومين
الأحد 26 فبراير-شباط 2012 03:54 م

سعادة السيد جيرالد فايرستان سفير الولايات المتحدة الاميركية صنعاء.

في مطلع رسالتي العلنية هذه إليك أحب أن أطمئنك بأنني لن أعلّق على الترجمة العربية لمقابلتكم الصحفية الأخيرة مع الصحفي توم فين ولكني أود أن أعلق على النص الانجليزي الأصلي للمقابلة وذلك كي أتفادى تحميلكم مسؤولية أخطاء الترجمة التي ارتكبتها بعض المواقع اليمنية الإخبارية.

لقد ورد في إجابتكم على أهم سؤال من أسئلة المقابلة الصحفية عن هيكلة الجيش اليمني بأن الهيكلة هي قضية مؤسسية وليست قضية أشخاص، وأنها أي الهيكلة سوف تستغرق سنوات.

هذا كلام جميل من حيث المبدأ في الأوضاع الطبيعية ولكن علينا تذكيركم بأنكم مارستم ضغطاً شديداً علينا لمنح حصانة من المساءلة لأشخاص وليس لمؤسسات.

وعلينا تذكيركم يا سعادة السفير أن الشعب اليمني ليس لديه مشكلة مع المؤسسة العسكرية نفسها، ولكن مشكلتنا هي مع أشخاص من أفراد عائلة الرئيس السابق يقودون هذه المؤسسة للدفاع عن مصالحهم الشخصية، وكافأناهم نتيجة لضغوطكم بالعفو عما تقدم من ذنبهم وما تأخر مقابل أن يرحلوا.

فقد ننتظر سنوات يا سعادة السفير لإعادة هيكلة المؤسسة العسكرية على أسس علمية، ولكننا لن ننتظر أسابيع لإخراجهم من مناصبهم العسكرية والأمنية لأن الثمن الذي دفعناه مقابل هذا الأمر هو دماء شهدائنا وجرحانا ومشاعر يعتصرها الألم بسبب تلك الحصانة الظالمة.

سعادة السفير..

يؤسفني أن أبلغك بأن تصريحكم في نسخته الأصلية يعطي انطباعاً لدى المواطن اليمني بأن الولايات المتحدة الأميركية الدولة العظمى في العالم تعمل لحماية أشخاص ولا تعمل لحماية مصالحها الاستراتيجية.

ويؤسفني يا سعادة السفير أن أصارحك القول بأن تصريحك الأخير يوحي للمواطن اليمني بأن الدولة العظمى في العالم الولايات المتحدة الأميركية أصبحت عميلة لعدد من الأشخاص ولم يعد هؤلاء الأشخاص المرفوضون شعبياً عملاء للولايات المتحدة.

إنكم يا سعادة السفير تغامرون بمصالح بلدكم الاستراتيجية عن طريق محاولات خاطئة لحماية أفراد أوغلوا في القتل والسرقة والإرهاب.

الثورة اليمنية يا سعادة السفير لن تنتهي بإخراج صالح شكلياً من حكم اليمن والإبقاء على أدواته في التسلط على أبناء اليمن.

سوف تستمر هذه الثورة إلى أن يرحل هؤلاء الأشخاص وتبقى المؤسسات اليمنية لحماية الأرض اليمنية والسيادة اليمنية.

يؤسفني يا سعادة السفير أن أقول لكم: إنكم بتصريحاتكم غير المسؤولة تخدمون الاستراتيجية الإيرانية ولا تخدمون الاستراتيجية الأميركية.

إنكم بتصريحاتكم المخيفة للمواطن اليمني تشيرون خطأً إلى أن المحصنين من عائلة صالح سوف يبقون في مناصبهم وبالتالي فإنكم تدفعون المواطن اليمني سيف بن ذي يزن للرحيل إلى طهران بحثاً عن من ينقذه من الأحباش الجدد.

أنصحكم يا سعادة السفير بقراءة قصة السيف اليمني ذي يزن قبل الإدلاء بتصريحات تتعلق برسم مستقبل اليمن.

مستقبل اليمن يا سعادة السفير لا يمكن صنعه دون قراءة تاريخ اليمن واستيعاب ماضيه وحاضره.

اليمن يا سعادة السفير ليس مزرعة لمجموعة من الأشخاص يعيثون في مؤسساتها فساداً، ولن يقبل بالالتفاف على ثورته وامتصاص دماء شهدائه.

لقد أخطأتم يا سعادة السفير عندما تعاملتم مع أشخاص وأهملتم المؤسسات. والآن تريدون هيكلة المؤسسات وترك الأشخاص في أماكنهم فكيف يمكن أن يتم ذلك؟ ألا تدركون أن ما تقولونه هو وصفة لحرب أهلية نشعر بصدقكم في محاولة تجنبها.

ألا تعلم يا سعادة السفير أن رئيس اليمن الجديد انتخب لفترة انتقالية مدتها سنتان فقط وليس أمامه سنوات لإعادة الهيكلة.

ألا تعلم يا سعادة السفير أن الشعب اليمني قد يمنح الرئيس الجديد شهراً أو شهرين لعزل المحصنين ولكن الشعب لن يعطي الرئيس الجديد سنوات لتحقيق المهمة، لأن الانتظار لا يعني سوى فشل الثورة.

إن عدم تحقيق الهدف في أول شهرين من الفترة الانتقالية قد يقود إلى استنتاجات خطيرة خاطئة لعل من أهمها وأخطرها أن سفير الولايات المتحدة الأميركية متواطئ لحماية أسرة صالح وإفشال الثورة اليمنية الشبابية.

أرجوك يا سعادة السفير أن تفهم أن أهل الحل والعقد في اليمن وافقوا على منح الرئيس السابق حصانة من المساءلة القضائية مقابل أن يكف الأذى عن شعبه، وما ينطبق على صالح ينطبق على أبنائه وإخوانه وبقية أقاربه في المؤسسة العسكرية والأمنية.

الحصانة التي منحناها لهم يا سعادة السفير لم تكن من أجل سواد عيونهم أو زرقة عيون السفراء الأجانب، وإنما من أجل أن تهدأ البلاد ويتوحد الجيش تحت قيادة رجل واحد شارك في اختياره أكثر من ستة ملايين يمني.

هيكلة الجيش يا سعادة السفير لن تتم بالشكل الصحيح قبل البدء من الأعلى إلى الأسفل بإزاحة أفراد الأسرة الواحدة الذين يقفون حجر عثرة أمام هيكلة المؤسسات.

وختاماً أيها السفير نحب تذكيرك بأن العهد المارمي قد بدأ في اليمن، وهناك القليل ممن يعرف سمات الشخصية المارمية.

وإذا كنت يا سعادة السفير ممن يجهل سمات الشخصية المارمية فيكفي أن تعرف أنك لن تجد مارمياً واحداً يقبل أن يكون محللاً شرعياً لتوريث اليمن لأسرة الرئيس السابق لأن الثورة قامت أصلاً ضد التوريث، ولن تنتهي بترسيخ التوريث ما دام هناك دماء تنبض في أرض اليمن بما فيها دثينة وما أدراك ما دثينة.