عاد مُسَيّراً لا مُخَيّراً
بقلم/ صالح ناجي الحربي
نشر منذ: 12 سنة و 5 أشهر و 23 يوماً
الثلاثاء 04 أكتوبر-تشرين الأول 2011 09:15 ص

كان علي عبد الله صالح يطمح لأن يلقي كلمته المتلفزة في الذكرى 49 لثورة 26 سبتمبر التي أراد إلقائها من الرياض عاصمته السياسية كما قال، لكنه فشل في إقناع الأشقاء السعوديين بقبول ذلك رغم أنه كان قد طرق باب الملك عبد الله وطلب مقابلته وكان له ذلك فيما يخص المقابلة لكنه لم يفلح في طلبه أن يلقي كلمته (المسجه) من أراضي المملكة بعد أن تعرضت القيادة السعودية لكثير من الحرج والانتقادات وهي تقبل بعلي صالح أن يصرح من أراضيها ويصدر القرارات الجمهورية ويعقد اجتماعات مع ممثلي بقايا نظامه متطاولا بذلك ومتجاوزا الأعراف والتقاليد المتعارف عليها وكذلك العرف الدبلوماسي مستهترا حتى بالمملكة التي احتضنته وأركان حكمه ووفرت له الرعاية الكاملة ووعدته بالحماية من أي ملاحقات قانونية ، لكنه لم يوافق على طلبها في التوقيع على المبادرة الخليجية التي كان للشقيقة السعودية الدور الأكبر في تعديلها عدة مرات حتى تتوافق مع رغبة علي صالح عندما أرسل مبعوثيه إليها للبحث عن مخرج.

لكن هذه المرة قيادة المملكة لم تحقق له مطلبه وقالوا له إذا تريد أن تمارس السياسة وتستمر في عدم التوقيع على مبادرتنا عليك الذهاب إلى أي مدينة في اليمن ونحن سنوفر لك طائرة ركاب صغيرة تصل بك إلى إحدى المطارات اليمنية وهناك تستطيع أن تلقي خطابك الذي تريد إلقائه وتستطيع أن تجتمع بمن تريد وتصدر القرارات التي تراها ضرورية ، وعندما تشعر بالحاجة لمواصلة العلاج بإمكانك العودة إلى المملكة أو الذهاب إلى ألمانيا ونحن على استعداد لمواصلة علاجك.

عاد الرجل إلى مطار عدن وليس إلى مطار صنعاء وضل مختفياً في مكان ماء ولا أظن أنه سيذهب إلى صنعاء قبل عودته إلى السعودية ولا شك أنه في مكان تواجده الحالي قد التقى ببعض ممن بقي من أركان حكمه وأخذت لهم بعض الصور التلفزيونية جماعات وفرادًا وسنسمع وسنشاهد قريباً تلك الصور وسيقال أنه قام بزيارات تفقديه لبعض المحافظات والتقى بالمسئولين فيها وحثهم على معالجة قضايا المواطنين والتسريع في إنجاز المشاريع الخدمية وغيرها من الأقاويل المتوقعة حتى يظهروا للرأي العام وكأن البلد بخير ولا يزال علي صالح وبقايا نافذيه يستطيعون التحرك في طول البلد وعرضها.

وبما أن القصف الوحشي من قبل الوحدات المؤتمرة بأوامر أبنه وأقربائه على ساحات الاعتصام وعلى القرى ومنازل خصومه السياسيين ومعسكرات الوحدات العسكرية المؤيدة للثورة الشعبية السلمية...ذلك القصف كان قد بلغ ذروته خلال اليومين التي سبقت عودته المؤقتة ثم تواصل القصف بأبشع صوره خلال الأيام التي تلت عودته فقد كان يؤمل في أن يقتل ويجرح ويأسر المزيد من المواطنين ومنهم شباب الساحات وأن تقترب قواته من الساحات لوضع طوق عليها لوضعها تحت السيطرة وبالتالي سيدعُ إلى وقف إطلاق النار والعودة للحوار المزعوم.

لكنه لم يحقق من ذلك سوى القتل والجرح والاعتقالات أما الساحات فلم تستطع قواته وبلاطجته الاقتراب منها.

لم يكن أحداً يتوقع في كلمة علي عبد الله صالح الخروج عن المعتاد ولو لمرة واحده فالكلام الذي سمعناه قد سئمناه من كثر ماتردد على السنة بعض المنافقين أمثال (الجندي وطارق والصوفي والماوى وياسر وآخرين) ممن يستجرون كلمة (الحوار) وهي كلمة حق يراد بها باطل أكثر من الباطل الذي يريده (نتن ياهو وبعض القادة الإسرائيليين) من كلمة (المفاوضات) إذ لا حوارات علي صالح ولا مفاوضات نتن ياهو تحمل شيء من المصداقية فكلها خداع وكذب وتضليل للرأي العام.

لقد استمعت إلى مقابلة أجرتها إحدى القنوات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي مؤخراً على هامش اجتماع الهيئة العامة للأمم المتحدة في نيويورك وكان المذيع شاب مصري حيث تحدث (بن يامين نتن ياهو) بعبارات تنم على أن الرجل يطمح للسلام للجميع وأنه متسامح في بعض الأمور، وقال للمذيع تصور أننا في حزيران عام 67م كدت أغرق برصاص المصريين على ضفاف السويس ورغم ذلك فتحنا باباً للعلاقات مع مصر من أجل السلام، وكنت أتمنى على المذيع المصري أن لا تمر عليه هذه التخريفه والضحك وعلى الذقون وكان عليه أن يوجه له سؤالاً (عندما أطلق المصريون النار عليك وأنت على ضفاف قناة السويس هل كنت حينها سائحاً أو ضمن وفد للمفاوضات أو بشيراً للسلام، أم أنكم أردتم الوصول إلى القاهرة ركوبا وراجلين على جثث ودماء وأشلاء الشعب المصري على طول وعرض صحراء سيناء؟).

أما علي صالح فقد سمعته وهو يتحدث بألم شديد على انقطاع الكهرباء في قاع العلفي بصنعاء بسبب إعمال المعتصمين المغرر بهم كما قال{يا لطيف والإحساس والحنية} ثم يقول انه قد فوض نائبه بالحوار ومن (ثم) التوقيع على المبادرة وهذا كله كلام مخيط بصميل والمفروض أن علي صالح يتعض بقرينه القذافي الذي ضل حتى وقت قريب وهو مسيطر على العاصمة طرابلس وعدد من المدن الأخرى بما فيها سرت مسقط رأسه، ومع ذلك أصبح الثوار الآن يبحثون عن القذافي في كل زنجه وفي كل دار، أما علي صالح فلم يبقى تحت سيطرة حاشيته إلا جزء من الصافية وقليل من الجراف في صنعاء ولم يبقى له متسع للاختفاء في القرى أو العزل، وكان عليه أن يتعض مما حصل له في عقر داره رغم كل وسائل الحماية والتقنيات وهذا تأكيداً للقول (إذا دعتك قدرتك على ظلم الناس فتذكر قدرة الله عليك).

وإذا كان هو قد حضي بعناية طبية فائقة في أفضل المستشفيات في جزيرة العرب ولمدة 120يوم ولا يزال بحاجة للمزيد من جراء شظف خشبي إصابة في صدره، فعليه أن يعلم بان المواطنين الذين يسقطون برصاص وقذائف القوات التي يقودها نجله وأولاد أخيه، سعيد الحظ من أولئك المواطنين ومنهم الشباب الذي سيتمكن رفاقه من إيصاله إلى المستشفى الميداني ليرقد هناك على الأرض في ضل شحة الأطباء ومواد التطبيب وانطفاء الكهرباء وأجواء غير آمنه وبجوارهم جثث الشهداء والجرحى الآخرين الذين هم في وضع الموت السريري.

اللهم يا منتقم يا جبار أنتقم للمظلوم من ظالمه واجعل الظالمين عبرة لمن يعتبر ولا تمهلهم فقد تمادوا كثيراً في ظلمهم وفادهم وكذبهم وأنت أعلم بذلك منا وأنت المستعان ولك الأمر كله.

وختاماً لهذا الموضوع البسيط أتوجه بالرسالتين التاليتين:-

1- إلى رجال أبين كافة وإلى الشرفاء من ضباط وأفراد الألوية المحتشدة في الجزء الجنوبي الغربي من محافظة أبين الباسلة، أقول لهم: هل فهمتم قواعد اللعبة التي تعبث بهذا الجزء الاستراتيجي من المحافظة؟ وهل آن الأوان للمكاشفة والمصارحة ورفع المعاناة عن الفقراء المشردين من أبناء هذه المناطق.

وإذا لم تدركوا ذلك فاسألوا بعض العارفين بخفايا الأمور في السلطة والمعارضة ومنهم (اللواء المحافظ الزوعري) و(الشيخ السلطان طارق) وآخرون.

2- إلى هيئة علماء (إسماعيل الحجي) ومن حضر معهم لشغل كراسي قاعة مؤتمرهم المزعوم، أقول لهم صمتم دهراً ونطقتم كفراً، وما أشبه ليلتكم ببارحكم إذ لا نزال نتذكر مثل هذه الفتاوى منذ حرب صيف 94م الظالمة على الجنوب فليتذكر الحجي وأمثاله قول الله تعالى: [وقالوا ربنا إنا اطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا].

والله المستعان على ما تفتون وتفتنون.

*برلماني سابق.